محمد عبد العال يكتب عن .. أهمية الممرات المائية للتجارة الدولية والاقتصاد العالمي؟
يواجه العالم حالياً بشكل عام ومصر بشكل خاص مخاطر اقتصادية نتيجةً اضطرابات البحر الأحمر
تلعب الممرات المائية العالمية دورًا حيويًا في التجارة العالمية والاقتصاد العالمي ، لكونها توفر وسائل فعالة واقتصادية لنقل وشحن السلع والبضائع بين بلدان العالم بسرعة وكفاءة، كما أن استخدام الممرات المائية يمكن أن يقلل من تكاليف النقل بشكل كبير مقارنة بوسائل النقل الأخرى ، مثل النقل الجوي أو البري ، وهو الأمر الذي يؤدى إلى تقليل تكلفة البضائع ، وبالتالي تحقيق مزيد من الربحية لشركات النقل وخفض تكاليف مستلزمات الإنتاج أو السلع المنتجة للمستهلك النهائي.
كما تربط الممرات المائية أيضا بين الدول والقارات معًا ، وتسمح بتبادل السلع والثقافات والأفكار ، كما تُدعم الممرات المائية الاقتصاد المحلي للبلدان التي تمر بها، حيث يمكن أن تؤدي إلى توفير فرص عمل وتعزيز النشاط الاقتصادي ، كما أن توفير ممرات مائية آمنة وفعالة يمكن أن يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار العالمي، حيث يمكن أن تساهم في تقليل التوترات والصراعات بين الدول.
بشكل عام فإن الممرات المائية العالمية تمثل عصبًا رئيسيًا للاقتصاد العالمي ، وتلعب دورًا حيويًا في تعزيز التجارة العالمية وتوفير وسائل النقل الرئيسية للسلع الأساسية والسلع الاستهلاكية.
وبما أن العديد من الصادرات والواردات تعتمد على الشحن البحري، فإن فعالية الممرات المائية تصبح بالغة الأهمية للاقتصاد العالمي.
هناك العديد من الممرات المائية الهامة في العالم التي تلعب دوراً بارزاً في التجارة العالمية والنقل البحري نذكر منها :
– قناة السويس : تربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، وهي ممر مائي حيوي للتجارة بين أوروبا وآسيا ، وتعبر منها نحو 12% من حركة التجارة العالمية.
– قناة بنما : تربط بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادي، وتعد واحدة من أهم الممرات المائية في العالم للتجارة البحرية.
– مضيق مالطة : يفصل بين جنوب إسبانيا وشمال المغرب، ويعتبر ممراً مائياً مهماً للشحن بين البحر الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط.
– مضيق هرمز : يربط بين الخليج العربي والخليج الفارسي، وهو ممر مائي حيوي لنقل النفط والغاز الطبيعي.
– مضيق جبل طارق : يربط بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، ويعد ممراً مائياً هاماً للشحن والتجارة بين أوروبا وأفريقيا.
– مضيق بوسفور ومضيق الدردنيل: يفصلان بين القسطنطينية القديمة وآسيا الصغرى ، ويعتبران ممرًا مائيًا حيويًا لمدينة إسطنبول وتركيا وللتجارة بين البحر الأسود وبحر إيجه.
– مضيق جبل الطويل : يربط بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادي، ويعد أحد أهم الممرات المائية في جنوب أمريكا الوسطى ويسمح بتدفق الشحنات البحرية بين المحيطين.
– مضيق مالاكا : يعبره نحو 40% من حركة الملاحة البحرية العالمية ، ويعد أحد أهم الممرات المائية في جنوب شرق آسيا.
– مضيق باب المندب : يعد من أهم الممرات المائية في العالم بسبب أهميته الاستراتيجية والاقتصادية ، يقع مضيق باب المندب بين الساحل الجنوبي للبحر الأحمر والساحل الشمالي للبحر العربي، مما يجعله موقعاً استراتيجياً حيوياً لحركة الملاحة الدولية والأمن البحري.
ويمثل مضيق باب المندب ممراً مائياً رئيسياً للشحن البحري من وإلى الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا ، وقد يؤدي أي تعطل في هذا المضيق إلى تأثير كبير على حركة التجارة العالمية.
ويستخدم مضيق باب المندب من قبل سفن الشحن والناقلات النفطية لنقل البضائع والنفط من وإلى منطقة الشرق الأوسط ، مما يجعله جزءاً حيوياً من شبكة النقل البحري العالمية.
ونظراً لأهميته الاستراتيجية، يكون مضيق باب المندب موضع اهتمام دولي بالنسبة للأمن البحري ومكافحة القرصنة وضمان سلامة حركة الملاحة.
المخاطر الإقتصادية للممرات المائية العالمية
تواجه الممرات المائية العالمية بعض المخاطر التي تتولد نتيجة حوادث السفن الكبيرة التي قد تؤدي إلى انسداد الممرات المائية وتعطيل حركة الشحن لفترات طويلة ، أو الأحوال الجوية والبحرية السيئة التي يمكن أن تؤدي إلى تأخيرات في حركة السفن وتعطيل حركة الشحن ، ومن أهم المخاطر التهديدات الأمنية والقرصنة والأنشطة الإرهابية ، والتي تشكل تهديدًا لحركة السفن وتؤثر على سلامة الملاحة في تلك الممرات ، هذا بالإضافة إلى النزاعات السياسية والجيوسياسية بين الدول ، والتي يمكن أن تؤدي إلى قيود على استخدام الممرات المائية أو حتى إغلاقها.
تأثير هذه المخاطر يمكن أن يكون كبيرًا على اقتصادات الدول المالكة للممرات المائية، حيث إن تعطيل حركة الشحن يمكن أن يؤدي إلى تكاليف إضافية وتأخيرات في التوريد والتصدير، مما يؤثر على الاقتصاد.
الآثار الاقتصادية لمخاطر الممرات المائية
توقف أحد الممرات المائية الحيوية قد يكون له تأثير اقتصادي هائل على العالم بأسره وعلى الدولة صاحبة الممر المائي بشكل خاص:
-تأثير عالمي على التجارة : توقف حركة الملاحة في ممر مائي حيوي سيؤدي إلى تأخيرات هائلة في حركة الشحن العالمية ، مما سيؤدي إلى اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية وزيادة تكاليف الشحن، مما يؤثر على التجارة الدولية ويسبب ارتفاعًا في أسعار البضائع.
– تأثير على الصادرات والواردات : الدول التي تعتمد بشكل كبير على الممر المائي في تصدير واستيراد البضائع ستواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ عمليات الصادرات والواردات ، مما يؤثر على قدرتها على تحقيق الإيرادات وتلبية الاحتياجات الداخلية.
– تأثير على النقل البحري والأنشطة البحرية : توقف الممر المائي يؤثر على صناعة الشحن والنقل البحري بشكل كبير، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة لشركات الشحن وصناعة البحرية.
– تأثير على القطاع السياحي: إذا كان الممر المائي يمر بمناطق سياحية فإن توقف حركة الملاحة قد يؤثر على صناعة السياحة في تلك المناطق، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية إضافية.
– بالنسبة للدولة صاحبة الممر المائي، سيكون لتوقف الممر تأثير كبير على اقتصادها، حيث إن تلك الممرات غالبًا ما تكون مصدرًا هامًا للإيرادات ومحركًا رئيسيًا للاقتصاد ، وتوقف حركة الملاحة سيؤدي إلى تراجع في الإيرادات الناتجة عن الرسوم المفروضة على حركة السفن والبضائع، بالإضافة إلى تكاليف الصيانة والإصلاحات الطارئة.
وكمثال حى على أرض الواقع ، حيث يواجه العالم حالياً بشكل عام ومصر بشكل خاص مخاطر اقتصادية نتيجةً اضطرابات البحر الأحمر ، حيث أدت هجمات المتمردين الحوثيين على السفن إلى تحويل السفن حول الطرف الجنوبى من أفريقيا “رأس الرجاء الصالح” بدلاً من اتخاذ الطريق الأقصر عبر قناة السويس ، مما أدى إلى إرتفاع تكاليف الشحن ، وعلى الرغم من أن ذلك لم يُؤد حتى الآن الى ارتفاع نسبى حاد فى أسعار النفط والغاز الطبيعى ، ولكن احتملات حدوث ذلك قائمة إذا ما تصاعد أو استمر النزاع الإسرائيلي مع حماس واستمرت الاضطرابات التجارية ، أما التأثير على مصر البلد صاحبة قناة السويس فهو تأثير مباشر ، حيث إنخفضت نسبياً رسوم المرور نتيجة تناقص عدد البواخر التي تحولت إلى رأس الرجاء الصالح بدلاً من المرور في قناة السويس ، تجنبا لمخاطر العبور فى منطقة البحر الأحمر.
لذا ، من المهم للدول والمنظمات الدولية أن تعمل على تقديم الدعم والاستثمار في البنية التحتية وتكنولوجيا الملاحة والسلامة البحرية ، للتأكد من استمرارية حركة الملاحة في الممرات المائية الحيوية وتقليل تأثير أي اضطرابات محتملة على الاقتصاد العالمي.
محمد عبد العال
خبير مصرفي