محمد عبد العال يكتب .. سقوف النقد الأجنبي بين التحديد المنطقي والإنزعاج غير المبرر!!

أرى أن مثل تلك الإجراءات تدعوا إلى مزيد من الثقة المتبادلة بين العملاء ومصارفهم

تضع بعض البنوك في معظم الدول حدوداً على السحب النقدي اليومي من حسابات العملاء بالنقد الأجنبي ، وتختلف تلك الحدود من بلد إلى بلد ومن بنك إلى آخر داخل البلد الواحد.

 

والسؤال : ما هو المنطق أو الأسباب التي تدعوا البنوك إلى وضع مثل تلك الحدود؟

وهل هناك مبرر لانزعاج البعض إذا ما قررت بعض البنوك تطبيقها؟

 

قبل أن نجيب على هذين السؤالين يتعين أن نوضح بجلاء النقاط التالية:

◦ البنك المركزي المصري يتدخل فقط لوضع حدود للسحب النقدي اليومية للعملة الوطنية – الجنيه المصري – وذلك في إطار سعيه لتحقيق الهدف القومي للتحول إلى مجتمع أقل اعتماداً على النقد ، والتوجه المتدرج إلى تسوية المعاملات والحوالات إلكترونياً ، حيث لا يوجد على أدوات الدفع تلك أية محددات ، ولكنه لا يتدخل في وضع حدود للسحب النقدي اليومي من أرصدة حسابات العملاء الدائنة بالنقد الأجنبي والقائمة في مصارفهم في مصر.

 

◦ إن البنك المركزي ترك للبنوك التجارية وحدها دون تدخل منه ، وضع حدود السحب النقدى وفقا لظروف ومتطلبات كل بنك واحتياجات ومتطلبات عملائه ، وموافقة مجالس إداراتها.

 

◦ لقد أوضح البنك المركزي المصري بجلاء النقاط الثلاث السابقة في بيانه الصادر يوم الأربعاء الماضي.

 

نعود الآن لنحاول الإقتراب من الإجابة على السؤالين الواردين في صدر هذا المقال.

 

هل هناك ثمة أسباب منطقية تدعوا البنوك إلى وضع مثل تلك الحدود؟

 

بالطبع هناك أسباب فنية وأخرى تنظيمية مرتبطة بإدارة مخاطر النقد الأجنبي ، سواء أكانت أرصدة حرة أو أوراق بنكنو ، وأهمها :

 

• إن عدم وضع حدود معقولة للسحب النقدي مقدرة ومقاسه مسبقاً ، وفقًا لتنوع شرائح العملاء ونمط وطبيعة ومتوسط سحوباتهم ، سوف يتعارض مع أهمية أن يقوم البنك بإعادة تصدير فوائض العملات بالنقد الأجنبي “البنكنوت” ، إلى موطنها الأصلي لتتحول إلى أرصدة حرة داخل الحسابات ، يمكن إستخدامها فى تمويل عمليات التجارة الخارجية ، أو استثمارها لآجال زمنية معينة ، لكي تجني عائدا مناسبا ، وبالتالي يمكن منح المودعين والمدخرين في المقابل عوائد مناسبة.

 

• إن من أهم مسؤليات إدارة الخزينة والمعاملات الدولية في البنوك التجارية هو العمل على إيجاد أفضل نقطة توازن بين كمية أو الحد الأقصى من السيولة بالنقد الأجنبي التي يتعين الاحتفاظ بها داخل خزائن فروع البنك ، وبين حزمة من التوازنات المتعارضة في بعض الأحيان ، مثل الحدود القصوى للأرصدة النقدية الورقية وفقاً لمتطلبات شركات التأمين عند قيام البنوك بالتأمين ضد مخاطر السطو والسرقة والحريق ، وأيضا المحددات الموضوعة على الاحتفاظ بمراكز بالنقد الأجنبي لتجنب مخاطر تقلبات السوق والعائد.

 

• هناك أيضا محددات ومتطلبات الامتثال للقوانين الدولية والمحلية الخاصة بمنع الاحتيال وغسل الأموال ومحاولات تمويل الإرهاب ، حيث أن وضع سقوف يومية للسحب النقدى لأوراق بنكنوت النقد الأجنبى ، سوف ييسر للبنوك المصرية وفروع البنوك الأجنبية ، وفقاً للأصول الدولية ، إمكانية متابعة ومراقبة عمليات الاشتباه فى عمليات السحب النقدى المتكررة وغير المبررة والتى يمكن أن توجه لمثل تلك الاستخدامات.

 

وفي النهاية نرى أنه ليس هناك أي مبرر على الإطلاق أن يكون هناك سوء فهم عن غير قصد ، أو الإستماع إلى تفسير خاطئ لطبيعة وأهداف مثل تلك السقوف حال اعتماد بعض البنوك وضعها ، بل أرى أن مثل تلك الإجراءات تدعوا إلى مزيد من الثقة المتبادلة بين العملاء ومصارفهم ، لأنها تعمل وتساعد على تأمين أموالهم وتأكيد جودة إدارتها وفقاً لأعلى وأفضل التطبيقات والممارسات العالمية الدولية.

 

ونثق تماما أن مثل تلك الإجراءات سوف تؤكد بل ستزيد من قدرة البنوك والتزامها المستمر بتوفير وتدبير السيولة النقدية اليومية كالمعتاد ، ودونما أي تردد لكل المتعاملين ، مثل شركات الصرافة المصرية ، والفنادق لكافة الأغراض ، وشركات التحويلات العالمية والمصرية ، ومرتبات موظفى الشركات الأجنبية والمسافرين المصريين للسياحة والتعليم والعلاج.

محمد عبد العال

خبير مصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى