تزايد الخلاف بين صناع السياسة النقدية بالبنك المركزي الأوروبي حول خفض الفائدة
وسط خوف البعض من الركود وتركيز آخرين على ضغوط التضخم المستمرة
يتزايد الخلاف بين صناع السياسات النقدية في البنك المركزي الأوروبي، بشأن آفاق النمو الاقتصادي في منطقة العملة الموحدة، وتحديدا حول تأثير معدلات خفض الفائدة، وسط خوف البعض من الركود وتركيز آخرين على ضغوط التضخم المستمرة ، بحسب وكالة رويترز.
وأشار تقرير صادر عن الوكالة ، إلى أنه من المتوقع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة خلال شهر سبتمبر الجاري، في ظل وجود إشارات على تباطؤ نمو الأسعار ، لكنه أشار إلى أن الأمر بات أكثر تعقيدًا مع دخول اقتصاد منطقة اليورو حالة أكثر خطورة، كما تشير المحادثات مع ما يقرب من اثني عشر مصدرًا.
ويدور جوهر الخلاف بين صناع السياسة النقدية في المركزي الأوروبي حول مدى تأثير ضعف النمو الاقتصادي، أو الركود المحتمل، على التضخم ، وهو التركيز النهائي للبنك ، حيث يحاول خفض نسبة التضخم إلى 2 بالمئة بحلول نهاية عام 2025.
وبحسب تقرير رويترز، فإن اقتصاد منطقة اليورو بات أضعف مما كان يُعتقد، وأن مخاطر الركود في ارتفاع، والشركات التي سبق وأن احتكرت العمالة بدأت في عدد خفض الوظائف الشاغرة لديها، مما يجعل سوق العمل أكثر هشاشة.
وبمجرد انخفاض التوظيف، ينخفض الدخل المتاح أيضًا، مما يؤدي إلى تآكل الاستهلاك بسرعة ويخلق انحدارا يعمق نفسه مع الوقت.
وقال أحد المصادر: “هذه العوامل من شأنها أن تضعف ضغوط الأسعار بشكل أسرع من المتوقع ، الخطر بأن ينخفض التضخم إلى أقل من المستوى المستهدف أصبح خطرا حقيقيا”.
ويشيرهذا الرأي إلى أن البنك المركزي الأوروبي متأخر في خفض معدلات الفائدة وتخفيف تباطؤ الاقتصاد، مما يدعم الحجة لصالح خفض أسعار الفائدة بشكل أسرع، والتي يتبناها بعض صناع السياسة النقدية لدى البنك.
ومن جهة أخرى، يرى أصحاب الرأي الآخر، أن أرقام النمو الاقتصادي الفعلية تتفوق باستمرار على الاستطلاعات، وأن اقتصاد منطقة اليورو “قوي وصامد”.
ووفق التقرير، فإن منطقة اليورو قد شهدت موسما سياحيا قويا، كما بدأ قطاع البناء في الانتعاش، مما يشير إلى وجود نمو اقتصادي “قوي” سيتم الإعلان عنه خلال البيانات المقبلة.
كما يرى الداعون إلى الحفاظ على معدلات الفائدة مرتفعة حاليا، أن نمو الأجور أعلى بكثير من المستويات التي تتسق مع نسبة التضخم المستهدفة عند 2 بالمئة.
أما عن ضعف القطاع الصناعي، والذي قد يدفع ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، إلى حالة الركود، فيعتقد بعض صناع السياسة النقدية لدى المركزي الأوروبي أن المشكلة بهذا القطاع “هيكلية”، وقد تستغرق عدة سنوات لحلها، ما يعني أن السياسة النقدية المتشددة، أو معدلات الفائدة المرتفعة “لا دور يذكر لها في هذا الشأن”، بحسب التقرير.
وهذه الرؤية لدى بعض صناع السياسة النقدية تدفع تجاه خفض الفائدة ببطء، حتى يتم التأكد لدى المركزي الأوروبي، بأن التضخم في منطقة اليورو سيتراجع إلى مستهدفه عند 2%.
وتقول إيزابيل شنابل، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، وهي من المحافظين البارزين في مجال السياسة النقدية، والتي تدعو إلى التريث في خفض الفائدة، إن المخاوف بشأن التضخم ينبغي أن تتغلب على النمو.
وقالت في خطاب ألقته يوم الجمعة الماضي: “ينبغي للسياسة النقدية أن تركز على إعادة التضخم إلى الهدف في الوقت المناسب”.
وأضافت: “في حين زادت المخاطر التي تهدد النمو، فإن الهبوط السلس لا يزال يبدو أكثر احتمالا من الركود”.
ورغم الخلاف، إلا أن المصادر قالت لرويترز إنه من غير المرجح أن يؤثر ذلك على قرار لجنة السياسة خلال سبتمبر الجاري، لأن هناك بالفعل إجماعا واسع النطاق على خفض أسعار الفائدة ، ولكنه قد يؤثر على كيفية إعلان رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد بتبعات القرار، مما يغير التوقعات بشأن القرار الذي سيصدر عن اجتماع المركزي الأوروبي في أكتوبر المقبل.