محمد عبد العال يكتب.. هل تستفيد مصر من قرار صندوق النقد الدولي بخفض رسوم الإقراض؟
مصر من أكبر 5 دول في العالم دفعاً لتلك الرسوم الإضافية
أخيراً .. وبعد ضغوط شديدة ومطالبات ملحة من الدول الأعضاء بصندوق النقد الدولي ، قرر الصندوق مراجعة سياسته فيما يتعلق بالرسوم والتكاليف الإضافية التى يفرضها على الدول المقترضة ، حيث قرر مجلس إدارة الصندوق خفض قيمة تلك الرسوم الإضافية بنسبة 36% ، أي ما يعادل نحو 1.2 مليار دولار سنوياً ، وذلك إعتباراً من أول نوفمبر القادم.
وحقيقة الأمر أن هذا القرار جاء في وقته ، وسيكون له تأثير إيجابي على الدول المقترضة من الصندوق ، وبصفة خاصة الدول الأكبر اقتراضا ، حيث سيحقق هذا الإجراء وفورات في التكاليف التي كان من المقرر أن تدفعها الدول المقترضة للصندوق ، الأمر الذي يتيح لها فرصا أكبر لتوجيه تلك الوفورات إلى تمويل خطط توفير الغذاء والرعاية الصحية والتعليم في بلادها.
ورغم أن بعض الدول الأعضاء وساسة الدول تردد دائما أن تلك الرسوم والتكاليف هي رسوم مجحفة ومرتفعة وتقترب من أن تكون عقابية ويتعين تصفيرها أي إلغاؤها تماما ، إلا أن الصندوق يبنى فلسفته على أنه رغم كونه مؤسسة دولية لا تهدف للربح ، ولكنه أيضا يدعم مساهمات الدول الأعضاء بقروض يحصل عليها من مؤسسات تمويلية أخرى لكي يتمكن من تلبية وتدبير الطلبات التمويلية لبرامج التنمية والإصلاح الاقتصادي التي تطلبها الدول ، وبالتالي فإن تلك الرسوم هى جزء ضروري من نموذجه المالي للإقراض التعاوني ، كما أن تلك الرسوم في الأساس من وجهة نظر إدارة الصندوق هي من أجل إبطاء وتيرة الدول لتقديم طلبات التمويل غير الضرورية ، وتساعد في تقليص شهية الدول المقترضة لمزيد من الاقتراض غير الصحي ، ولكنه سعى إلى إجراء هذا التخفيض النسبي في ضوء التطورات المعاصرة ، خاصة تحت تأثير تداعيات الصدمات الدولية منذ جائحة كوفيد والحرب الروسية الأوكرانية ، وما ترتب على تلك الأحداث من ارتفاع في معدلات التضخم العالمية ، خاصة في أوروبا وأمريكا ، وارتفاع معدلات الفائدة ، وفي المقابل ارتفاع المعدل الإجمالي لكلفة بعض قروض الصندوق نحو 8%، وهذا يمثل ضعف المعدل قبل جائحة كورونا.
ومن المفهوم أن تلك الرسوم تختلف تماما وليس لها علاقة بقيمة الفوائد التي تدفعها الدول على القروض الممنوحة لها من الصندوق ، حيث يفرض الصندوق تلك الرسوم على القروض التي تتجاوز حداً أو مدداً معيناً ، أو رسوم إلتزام على الترتيبات الإحترازية.
ومن المعروف أن هناك 5 دول في العالم ، هي أوكرانيا ومصر والأرجنتين والإكوادور وباكستان ، هم أكبر الدول دفعاً للرسوم الإضافية لصندوق النقد الدولي ، وذلك ليس لأن تلك الرسوم والمصاريف مرتفعة ، ولكن أيضا لأن مبالغ القروض والديون لتلك الدول مرتفعة ، فمصر مثلاً ثانى أكبر مقترض من الصندوق بعد الأرجنتين ، وبالتالي هى من أكبر خمس دول دفعاً للرسوم الإضافية ، ويكون من الطبيعى أن تكون تلك الدول من أكثر الدول إستفادة من قرار الصندوق بخفض تكاليف إقراض أعضائه بنسبة 36%.
وفي هذا السياق تقدر بعض المصادر الدولية إجمالي الرسوم المستحقة على الدول الأعضاء المقترضة بنحو 6 مليارات دولار ، تبلغ حصة الأرجنتين منها نحو 4.6 مليار دولار ، والإكوادور 584 مليون دولار ومصر 370 مليون دولار ، ثم أوكرانيا 348 مليون دولار وأنجولا 160 مليون دولار.
ومن المتوقع أن ينخفض عدد الدول الخاضعة لرسوم إضافية في السنة المالية المالية 2026 ، من 20 دولة إلى 16 دولة.
محمد عبد العال
خبير مصرفي