محمد عبد العال يكتب .. 6 دوافع تُعزز استمرار تثبيت فائدة الجنيه
هناك اتفاق بين معظم الخبراء والمحللين حول هذه الخطوة
يأتى الاجتماع السابع للجنة السياسة النقدية المنبثقة عن مجلس إدارة البنك المركزي المصري الموقر ، وهو الاجتماع قبل الأخير لهذا العام ، يوم الخميس المقبل الحادى والعشرين من نوفمبر الحالى ، بخصوص أسعار الفائدة ، في ظل ظواهر وتوجهات اقتصادية وجيوسياسية محلية ودولية تكاد تكون مشابهة للأوضاع التي تلازمت مع قرار اللجنة بإبقاء أسعار العائد الأساسية لدى المركزي دون تغير في الاجتماعات السابقة ، لذلك نلاحظ اتفاق معظم الخبراء والمحللين حول توقعات قراراللجنة القادم نحو إبقاء الفائدة على ما هى عليه .
وفي تصوري أن هناك 6 دوافع محورية ومهمة يمكن أن تكون مؤثرة في توجهات استمرار تثبيت أسعار الفائدة على ما هي عليه لهذة الدورة وهي :
– استمرار ارتفاع حجم السيولة المحلية بشكل مضطرد منذ بداية العام الجاري ، حيث سجلت في ديسمبر من العام الماضي 8.9 تريليون جنيه ، وارتفعت في فبراير من العام الجاري إلى 9.1 تريليون جنيه ثم إلى 10.1 تريليون في أبريل ، وإلى 10.6 تريليون في يونيو ، واستمرت في الارتفاع لتسجل 10.9 تريليون جنيه في أغسطس ، وصولا إلى 11.1 تريليون جنيه في سبتمر الماضي ، ومع استمرار زيادة حجم السيولة المحلية بهذا المعدل المتزايد لجأ البنك المركزي إلى أن يعمق من آلية العملية الرئيسية أسبوعياً ، جنبا إلى جنب مع آلية رفع الفائدة ، لمزيد من الضغط لمواجهة التضخم ولتخفيف السيولة الفائضة لدى البنوك ، وذلك في إشارة مؤكدة إلى نيته الاستمرار في تطبيق سياسة نقدية بالغة التشدد في المرحلة الحالية .
– المخاطر الجيوسياسية والجيوجغرافية الجديدة والقديمة المتجددة والمشتعلة في منطقة الشرق الأوسط ، ونحن في قلب وبؤرة هذا الصراع ، ففي حال تمددها وتوسع أطرافها – لا قدر الله – فمن المؤكد أن يكون لها تداعيات على خطوط الإمداد وبالتالي ارتفاع الأسعار ، أي أن هناك مخاوف احتمال تولد ضغوط تضخمية مركبة جديدة تقتضى التوجس منها.
– الضغوط القائمة علينا من صندوق النقد الدولي بأهمية الاستمرار في اتباع سياسة نقدية ومالية تقييدية لمواجهة التضخم ،ونحن حاليا في خضم جولة المراجعة الرابعة ، والتى سوف تسفر عن صرف إستحقاق يبلغ 1.3 مليار دولار.
-استمرار إرتفاع معدل التضخم السنوي للمدن ، الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء خلال الثلاث شهور الأخيرة ، رغم أن نسبة الارتفاع كانت هامشية ، حيث نجد أن معدل التضخم السنوي قد ارتفع في شهر أكتوبر إلى 26.5% مقابل 26.4% فقط في شهر سبتمبر السابق ، وعلى الجانب الآخر هناك العامل المرتبط بخطة الدولة لضبط المالية وترشيد الدعم ، وما يمكن أن يتولد عنه من موجات تضخمية جديدة ، نتيجة استكمال آثار رفع أسعار الوقود والطاقة ، أخذا في الاعتبار أن معدلات التضخم المسجلة الآن مازالت بعيدة جداً عن مستهدفاتها الموضوعة “7% زائد أو ناقص 2%” حتى نهاية العام .
– مع افتراض استمرار تثبيت أسعار الفائدة للجنيه المصري على مستواها الحالي ، واستمرار الانخفاض التدريجي في سعر الفائدة على الدولار الأمريكى ، فإن ذلك يمكن أن يعزز من جاذبية الجنيه المصري في نظر المتعاملين الأجانب في الاستثمار المباشر وغير المباشر ، ويحسن من مركزنا التنافسي في أسوق النقد والمال مقارنة بالدول الصاعدة الأخرى ، ويحفز تدفق تحويلات العاملين المصريين في الخارج ، خاصة مع إعلان البنك المركزي إطلاق خدمة التحويلات اللحظية من خارج مصر عبر تطبيق إنستا باي ، حيث يستطيع العملاء من كل أنحاء العالم إجراء تحويلاتهم اللحظية من خارج مصر إلى حساباتهم البنكية أو المحافظ الذكية .
فى ضوء الإعتبارات السابقة يمكن القول أن الإتجاه الأغلب في ضوء الأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية ، ورغم التوجه العالمي في أوروبا وأمريكا للتنازل تدريجياً عن السياسات النقدية المتشددة والتوجه المتدرج إلى خفض أسعار الفائدة ، إلا أننا نتوقع أن تتجه لجنة السياسة النقدية المصرية إلى إبقاء أسعار الفائدة كما هي عليه لدورة أخرى.
محمد عبد العال
خبير مصرفي