توقعات قوية بتثبيت فائدة الجنيه غدا للمرة الخامسة على التوالي
في الاجتماع الدوري قبل الأخير للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي في العام الجاري
تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري ، غدا الخميس ، اجتماعها الدوري قبل الأخير في العام الجاري لتحديد أسعار العائد الاساسية لدى المركزي ، والتي تعد المؤشر الأساسي لاتجاه فائدة الجنيه في الأجل القصير.
يأتي اجتماع اللجنة هذه المرة وسط إجماع بين بنوك الاستثمار والمحللين على تثبيت الفائدة للمرة الخامسة على التوالي ، على خلفية وجود مخاطر صعودية تحيط بمسار التضخم خلال الفترة المقبلة ، مع استمرار التوترات الجيوسياسية ، وما يتعلق بمفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي حول برنامج الإصلاح الاقتصادي وما يمكن أن يتخذ من قرارات في هذا الشأن.
وكانت لجنة السياسة النقديـة قد قررت في اجتماعهـا يــوم 17 أكتوبر الماضي الإبقاء على عائد الإيداع لليلة واحدة عند 27.25% وعائد الإقراض عند 28.25% وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي وسعر الائتمان والخصم عند 27.75% ، للمرة الرابعة على التوالي.
ورفعت اللجنة سعر الفائدة 600 نقطة أساس في مارس 2024 ، ليصل بذلك رفع سعر الفائدة إلى 1900 نقطة أساس منذ أن بدأت اللجنة سياسة التشديد النقدي، تمثلت في 300 نقطة أساس في 2022 و 800 نقطة أساس في 2023 ثم 800 نقطة أساس في 2024.
وكشف البنك المركزي المصري ، في وقت سابق من الشهر الجاري ، عن تراجع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 24.4% في أكتوبر 2024 مقابل 25% خلال سبتمبر السابق عليه ، فيما سجل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، الذي يعده البنك ، 1.3% في أكتوبر 2024 ، مقابل 1.8% في أكتوبر 2023 و 1% في سبتمبر 2024.
كما كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع التضخم السنوي بالمدن المصرية بشكل طفيف في أكتوبر 2024 ليسجل 26.5% ، مقابل 26.4% خلال سبتمبر السابق عليه ، لافتا إلى أن معدل التضـخم السنوي لإجمالي الجمهورية بلغ 26.3% في أكتوبر 2024 ، مقابل 26% في سبتمبر و 38.5% في أكتوبر 2023.
وكان البنك المركزي ، في وقت سابق ، أشار إلى أن المخاطر الصعودية لا تزال تحيط بمسار التضخم ، في ظل التقلبات التي تشهدها الأسعار العالمية للسلع الرئيسية، خاصة الطاقة، بسبب اضطرابات سلاسل التوريد نتيجة التوترات الجيوسياسية وأحوال الطقس غير المواتية.
أشار إلى أن التوقعات تشير أيضا إلى استقرار التضخم محليا عند مستوياته الحالية حتى الربع الرابع من العام الجاري ، وإن كانت تحيط به بعض المخاطر الصعودية، ومنها استمرار التوترات الإقليمية، وارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية، واحتمالية أن يكون لإجراءات ضبط المالية العامة تأثير يتجاوز التوقعات.
وتوقع المركزي أن ينخفض معدل التضخم بدءا من الربع الأول من عام 2025 ، مع تحقق التأثير التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس ، مؤكدا أنه سيواصل اتباع نهج قائم على البيانات لتحديد مستوى التشديد النقدي ومدته المناسبة ، بناء على تقديرها لتوقعات التضخم وتطور معدلات التضخم الشهرية وفعالية آلية انتقال السياسة النقدية.
ومن جانبها توقعت إدارة البحوث المالية بشركة إتش سى للأوراق المالية والاستثمار أن تثبت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري سعر الفائدة في اجتماعها المقرر عقده يوم الخميس المقبل ، وذلك في ضوء آخر تطورات الاقتصاد الكلي المصري والاضطرابات الجيوسياسية.
وقالت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي بالشركة ” شهدت مصر استقرارً في موقفها الخارجي وتحسنا في بعض المؤشرات، ومنها ارتفاع صافي احتياطي النقد الأجنبي بنحو 205 ملايين دولار في أكتوبر الماضي ليصل إلى 46.94 مليار دولار مقابل 46.737 مليار دولار أمريكي في سبتمبر ، وارتفاع مركز صافي أصول القطاع المصرفي المصري من العملة الأجنبية بنسبة 6.0% على أساس شهري ، ليصل إلى 10.3 مليار دولار في سبتمبر 2024، مقارنة بمركز صافي التزامات للقطاع المصرفي من العملة الأجنبية يبلغ 26.8 مليار دولار في سبتمبر 2023 ، وانخفاض مؤشر قيمة مبادلة مخاطر الائتمان في مصر لمدة عام واحد إلى 349 نقطة أساس حاليًا، من 857 نقطة أساس في الأول من يناير 2024″.
تابعت أنه “على صعيد النشاط الاقتصادي، ارتفع مؤشر مديري المشتريات في مصر بشكل طفيف إلى 49.0 في أكتوبر، بعد أن سجل 48.8 في سبتمبر، ليظل دون مستوى ال 50.0، مما يشير إلى استمرار حالة عدم نمو القطاع غير النفطي في مصر ، ومع ذلك، أظهرت المكونات الفرعية لحساب مؤشر مديري المشتريات مؤشرات مختلطة، حيث كان مكوني الانتاج والطلبات الجديدة فقط السبب في بقاء قيمة المؤشر دون مستوي الـ 50.0”.
أضافت أنه “على الرغم من انخفاض معدل التضخم في أكتوبر إلى 26.5%، أي أقل من توقعاتنا البالغة 28.5%، رغم زيادة أسعار البنزين بنسبة 11 إلى 13% والسولار بنسبة 17% في منتصف أكتوبر، إلا أننا نتوقع استمرار الضغوط التضخمية، حيث من المتوقع أن يشهد شهر نوفمبر التأثير الكامل لزيادة أسعار الطاقة”.
“نرى أيضًا أن حجم التدفقات المستفيدة من فروق السعار في مصر لا تزال جذابة ، نظرًا لعدم وجود توقعات بتراجع كبير في قيمة الجنيه المصري حتى نهاية العام وفي عام 2025، وتقديراتنا لسعر الفائدة الحقيقي الإيجابي بنسبة 2.9% على متوسط العائد على أذون الخزانة المصرية أجل الـ 12 شهرًا الأخير البالغ 26.241%، بعد خصم معدل ضريبة بنسبة 15% للمستثمرين الأوروبيين والأمريكيين واستنادًا إلى توقعاتنا لمتوسط معدل التضخم لمدة 12 شهرًا عند 19.4%” ، بحسب “منير”.
أضافت أنه “نظرًا للضغوط التضخمية ومتطلبات سداد الديون الخارجية المتوقعة لمصر في نوفمبر بقيمة حوالي 4 مليارات دولار بناءً على الأخبار المتداولة، وسدادها 1 مليار دولار من مستحقاتها لشركات النفط الأجنبية في نوفمبر، فإننا نتوقع أن يترك البنك المركزي المصري أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل”.
وقال محمد عبد العال الخبير المصرفي المعروف إن اجتماع لجنة السياسة النقدية هذه المرة يأتى في ظل ظواهر وتوجهات اقتصادية وجيوسياسية محلية ودولية تكاد تكون مشابهة للأوضاع التي تلازمت مع قرار اللجنة بإبقاء أسعار العائد الأساسية لدى المركزي دون تغير في الاجتماعات السابقة ، لذلك نلاحظ اتفاق معظم الخبراء والمحللين حول توقعات قراراللجنة القادم نحو إبقاء الفائدة على ما هى عليه .
أضاف “في تصوري أن هناك 6 دوافع محورية ومهمة يمكن أن تكون مؤثرة في توجهات استمرار تثبيت أسعار الفائدة على ما هي عليه لهذة الدورة أيضا “.
وبحسب عبد العال ، تتضمن تلك الدوافع استمرار ارتفاع حجم السيولة المحلية بشكل مضطرد منذ بداية العام الجاري ، حيث سجلت في ديسمبر من العام الماضي 8.9 تريليون جنيه ، وارتفعت في فبراير من العام الجاري إلى 9.1 تريليون جنيه ثم إلى 10.1 تريليون في أبريل ، وإلى 10.6 تريليون في يونيو ، واستمرت في الارتفاع لتسجل 10.9 تريليون جنيه في أغسطس ، وصولا إلى 11.1 تريليون جنيه في سبتمر الماضي ، ومع استمرار زيادة حجم السيولة المحلية بهذا المعدل المتزايد لجأ البنك المركزي إلى أن يعمق من آلية العملية الرئيسية أسبوعياً ، جنبا إلى جنب مع آلية رفع الفائدة ، لمزيد من الضغط لمواجهة التضخم ولتخفيف السيولة الفائضة لدى البنوك ، وذلك في إشارة مؤكدة إلى نيته الاستمرار في تطبيق سياسة نقدية بالغة التشدد في المرحلة الحالية .
كما تتضمن المخاطر الجيوسياسية والجيوجغرافية الجديدة والقديمة المتجددة والمشتعلة في منطقة الشرق الأوسط ، ونحن في قلب وبؤرة هذا الصراع ، ففي حال تمددها وتوسع أطرافها – لا قدر الله – فمن المؤكد أن يكون لها تداعيات على خطوط الإمداد وبالتالي ارتفاع الأسعار ، أي أن هناك مخاوف احتمال تولد ضغوط تضخمية مركبة جديدة تقتضى التوجس منها ، بالإضافة للضغوط القائمة علينا من صندوق النقد الدولي بأهمية الاستمرار في اتباع سياسة نقدية ومالية تقييدية لمواجهة التضخم ،ونحن حاليا في خضم جولة المراجعة الرابعة ، والتى سوف تسفر عن صرف إستحقاق يبلغ 1.3 مليار دولار.
أضاف عبد العال أنه من بين تلك العوامل أيضا استمرار إرتفاع معدل التضخم السنوي للمدن ، الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء خلال الثلاث شهور الأخيرة ، رغم أن نسبة الارتفاع كانت هامشية ، حيث نجد أن معدل التضخم السنوي قد ارتفع في شهر أكتوبر إلى 26.5% مقابل 26.4% فقط في شهر سبتمبر السابق ، وعلى الجانب الآخر هناك العامل المرتبط بخطة الدولة لضبط المالية وترشيد الدعم ، وما يمكن أن يتولد عنه من موجات تضخمية جديدة ، نتيجة استكمال آثار رفع أسعار الوقود والطاقة ، أخذا في الاعتبار أن معدلات التضخم المسجلة الآن مازالت بعيدة جداً عن مستهدفاتها الموضوعة “7% زائد أو ناقص 2%” حتى نهاية العام .
تابع أنه مع افتراض استمرار تثبيت أسعار الفائدة للجنيه المصري على مستواها الحالي ، واستمرار الانخفاض التدريجي في سعر الفائدة على الدولار الأمريكى ، فإن ذلك يمكن أن يعزز من جاذبية الجنيه المصري في نظر المتعاملين الأجانب في الاستثمار المباشر وغير المباشر ، ويحسن من مركزنا التنافسي في أسوق النقد والمال مقارنة بالدول الصاعدة الأخرى ، ويحفز تدفق تحويلات العاملين المصريين في الخارج ، خاصة مع إعلان البنك المركزي إطلاق خدمة التحويلات اللحظية من خارج مصر عبر تطبيق إنستا باي ، حيث يستطيع العملاء من كل أنحاء العالم إجراء تحويلاتهم اللحظية من خارج مصر إلى حساباتهم البنكية أو المحافظ الذكية .
وبحسب عبد العال ، فإنه فى ضوء الإعتبارات السابقة يمكن القول أن الإتجاه الأغلب في ضوء الأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية ، ورغم التوجه العالمي في أوروبا وأمريكا للتنازل تدريجياً عن السياسات النقدية المتشددة والتوجه المتدرج إلى خفض أسعار الفائدة ، إلا أننا نتوقع أن تتجه لجنة السياسة النقدية المصرية إلى إبقاء أسعار الفائدة كما هي عليه لدورة أخرى.