البورصة المصرية تربح 192 مليار جنيه منذ تدخل البنوك لإنقاذها من تداعيات كورونا
رغم الهبوط الملحوظ الذي تشهده البورصة المصرية على مدار الأسابيع الماضية، تأثرا بأحداث مختلفة داخلية مرتبطة بالمضاربات وخارجية مرتبطة بالأوضاع الإقليمية والدولية، إلا أنها نجحت في الحفاظ على جزء كبير من مكاسبها التي سجلتها خلال عام منذ التاسع عشر من مارس من عام 2020، والذي أعلنت فيه البنوك الحكومية خاصة بنكي الاهلى ومصر التدخل المباشر لدعم البورصة لوقف نزيف الانهيارات الذي تسببت فيها تداعيات فيروس كورونا، لينجح رأس المال السوقي لأسهم الشركات المقيدة ببورصة مصر في تحقيق مكاسب بلغت 192 مليار جنيه منذ ذلك الحين وحتى إغلاق السوق أمس.
وأظهرت إحصاءات ، أعدتها وكالة أنباء الشرق الأوسط ، أن رأس المال السوقي لأسهم الشركات المقيدة بالبورصة قفزت من 474 مليار جنيه في صباح جلسة تعاملات يوم 19 مارس 2020 إلى 666 مليار جنيه خلال تعاملات الأمس، وذلك بعد موجة إنهيارات حادة في أسعار الأسهم والمؤشرات أفقدت السوق أكثر من 235 مليار جنيه في الفترة من منتصف فبراير 2020 وحتى صباح يوم التاسع عشر من مارس من ذات العام تأثرا بموجة إنهيارات إنتابت أسواق المال العالمية في ذلك الوقت مع اشتداد تفشي فيروس كورونا وإعلان غالبية دول العالم حينها الإغلاق التام لحدودها.
تدخل بنكي الأهلى ومصر وبتوجيه من البنك المركزي المصري وإعلانهما عن ضخ 3 مليارات جنيه مناصفة في بورصة الأوراق المالية، وتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي للبنك المركزي بضخ 20 مليار جنيه لدعم البورصة شكل نقطة فاصلة في تاريخ البورصة المصرية في السنوات الأخيرة وربما لسنوات قادمة، كان له مفعول السحر في تبديل إتجاهات المؤشرات وتغيير الحالة النفسية للمستثمرين الذين سيطر عليهم الرعب والإرتباك قبل تلك القرارات لتتحول إلى ثقة في الاقتصاد والدولة.
كان ذلك التدخل من البنوك،كفيلا بوقف الانهيارات التي كانت تشهدها السوق، ولم يستطع أحدا وقفها وقتها، لتنجح تلك القرارات وبعد عام من إتخاذها في تحقيق مكاسب رأسمالية لأسهم الشركات المقيدة بالبورصة بقرابة 192 مليار جنيه، بجانب تعافي مؤشر السوق الرئيسي بأكثر من 3 ألاف نقطة من مستوى قرب 8 ألاف نقطة قبل عام إلى أكثر من 11 ألف نقطة حاليا.
يقول سمير رؤوف خبير أسواق المال إن البورصة المصرية عانت بشدة في الربع الأول من العام الماضي بسبب تأثرها بتداعيات تفشي فيروس “كورونا” والذي ضرب كافة الاقتصادات ما خلق حالة من الفزع في أسواق المال مع عجز قادة العالم والحكومات عن مواجهة الوباء في تلك الفترة، فضلا عن حالة التخبط التي سيطرت على تصريحات وقرارات مسئولي الدول؛ خاصة الكبرى ما خلق حالة من اليأس بين أوساط المؤسسات الاستثمارية الدولية.
وأضاف أن بورصات العالم الكبرى كانت تهوى يوميا بنسب تتجاوز 10 في المائة وهي معدلات لم نكن نعتاد عليها من قبل، وكانت الأسهم في البورصة المصرية تهوي بشكل لا يستطيع أحد وقفه حتى خسرت العديد من الأسهم ما بين 50 و300% من قيمتها؛ خاصة في الفترة من منتصف فبراير وحتى منتصف مارس وهي الفترة التي تزايدت فيها مخاطر تفشي فيروس “كورونا” وتزايدت فيها معدلات حصد الأرواح في العالم جراء هذا الوباء.
وأشار رؤوف إلى أنه مع صباح يوم التاسع عشر من مارس 2020، وبعد مرور دقائق معدودة من بدء جلسة التداول في ذلك اليوم كان رأس المال السوقي للبورصة قد خسر أكثر من 25 مليار جنيه، وتهاوت مؤشرات وأسهم السوق بشكل حاد، لتلقي البنوك وخاصة بنكي الأهلي ومصر وبتعليمات من البنك المركزي المصري كلمتها وتعلن عن خطة إنقاذ سريعة للبورصة المصرية ووقف الخسائر غير المسبوقة من خلال ضخ 3 مليارات جنيه مناصفة بين كل منهما، أعقبها بأيام قليلة إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي عن توجيهات بضخ 20 مليار جنيه لدعم البورصة، ما أدى إلى تحول جذري في اتجاهات السوق منذ ذلك التاريخ.
ولفت رؤوف إلى أن تدخل القطاع المصرفي لدعم البورصة المصرية لم يتوقف عند حد الضخ النقدي للسيولة بالسوق بل أعقبها العديد من القرارات والإجراءات التي اتخذها البنك المركزي لدعم الاقتصاد وساعدت البورصة على الاستمرار في التعافي، بدأت تلك القرارات بخفض تاريخي لمعدلات الفائدة بواقع 3% أعقبها إجراءات لدعم السياحة والصناعة والعقارات والأفراد والمتعثرين ساعدت بشكل كبير في تخفيف تداعيات الفيروس على الأوضاع العامة للاقتصاد والمواطنين.
وأكد أن هذا التدخل من البنك المركزي والبنوك لدعم البورصة، والذي جاء بشكل مباشر لأول مرة في التاريخ، عكس سرعة تفاعل الدولة مع الأزمات التي تصيب قطاعات الاقتصاد المختلفة، مشيرا إلى أنه لولا تدخل البنوك بشكل مباشر وغير مباشر لدعم البورصة في ذلك الوقت، ربما كنا قد رأينا عاما مأساويا هو الأصعب في تاريخ البورصة المصرية.
وخسرت البورصة المصرية الاسبوع الماضي نحو 22 مليار جنيه من قيمة رأس المال السوقي للأسهم المدرجة بها، ليسجل 666 مليار جنيه، مقابل 688 مليار جنيه في الاسبوع السابق، فيما انخفض مؤشر البورصة الرئيسي/إيجي إكس 30/ بنسبة بلغت اكثر من 3 في المائة ليسجل 10918 نقطة.