استطلاع لـ “بلومبرج”: “الفيدرالي الأمريكي” سيوقف رفع الفائدة
توقعات بعدم رفع أسعار الفائدة في اجتماع منتصف يونيو الجاري لأول مرة منذ 15 شهراً عند نطاق 5% و5.25%
توقَّع غالبية خبراء الاقتصاد الذين شاركوا في استطلاع رأي أجرته وكالة بلومبرج أن يتوقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي مؤقتاً عن رفع أسعار الفائدة الأسبوع المقبل، للمرة الأولى منذ 15 شهراً، وأن يعلّق سياسة الرفع في ديسمبر المقبل، على الرغم من تعافي الاقتصاد الأمريكي واستمرار ارتفاع معدل التضخم.
وبحسب الخبراء فإنه من المتوقع أن تبقي اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة خلال اجتماعها المقبل ، المقرر عقده يومي 13 و 14 يونيو الجاري ، أسعار الفائدة دون تغيير عند نطاق 5% و5.25%، برغم أنَّ المسؤولين يواجهون قراراً أصعب في يوليو المقبل حيال ما ينبغي فعله.
وكان رئيس البنك الفيدرالي جيروم باول قد ألمح إلى الوقف المؤقت لحملة تشديد السياسة النقدية الشهر الماضي، مبيناً أنَّه يفضل الانتظار لتقييم التداعيات المتأخرة للزيادات السابقة وتأثير حالات الإفلاس الأخيرة في القطاع المصرفي على وفرة الائتمان.
وتشير التوقُّعات إلى أنَّ “المخطط الإحصائي” الفصلي لتقرير “ملخص التقديرات الاقتصادية” سيعرض التقديرات الوسطى للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لسعر الفائدة الرئيسي عند 5.1% مع نهاية 2023، ما يتطابق مع توقُّعات خبراء اقتصاد لما سيكون عليه سعر الفائدة الحقيقي، وبشكل يواكب توقُّعات مارس.
وعلى العكس من ذلك تضع الأسواق في حساباتها زيادة قدرها ربع نقطة مئوية خلال يوليو المقبل، مع احتمال تخفيض بالقدر نفسه خلال ديسمبر المقبل.
وأُجْرِي استطلاع الرأي خلال الفترة من 2 إلى 7 يونيو الجاري بمشاركة 46 خبيراً اقتصادياً.
وتوقَّع خبراء الاقتصاد من شركة “نومورا سيكيوريتيز” ايتشي امامية، و جيريمي شوارتز، وجاكوب ماير، في أجوبتهم على أسئلة الاستطلاع، وقفاً مؤقتاً للسياسة النقدية المتشددة في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة خلال يونيو الجاري، وأن لا ترفع اللجنة سعر الفائدة، ولكنَّها ستشير إلى توقُّعات بإقرار زيادة إضافية في سبتمبر المقبل.
كما رجحوا أن يكون مايو الماضي هو الرفع الأخير خلال هذه الدورة، إذ يقود تخفيف الضغط التضخمي، وتدهور ظروف العمل، والرياح المعاكسة من عمليات الإقراض المتراجع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لاحقاً إلى استئناف رفع أسعار الفائدة.
وترى بلومبرج إيكونوميكس أنه “يرجح بشدة أن يُحجم بنك الاحتياطي الفيدرالي عن رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه في الفترة من 13 إلى 14 يونيو الجاري ، يعتقد الأعضاء الأكثر تأثيراً باللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، وعلى رأسهم رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول، أنَّ حملة التشديد النقدي السابقة التي ستؤثر على الاقتصاد بعد فترة من الزمن ستفاقم التدهور خلال الشهور المقبلة ، ومع ذلك قد يواجه باول تمرداً في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة”.
وأدى تشديد الائتمان في أعقاب حالات إفلاس مصرفي “سيليكون فالي بنك” و”سيغنتشر” خلال مارس الماضي إلى تركيز قادة بنك الاحتياطي الفيدرالي على حالة عدم اليقين إزاء نظرة الاقتصاد المستقبلية والمرونة في طريقة استجابتهم لها.
وبرغم ذلك جاءت البيانات أفضل من المتوقَّع، ويعتقد خبراء الاقتصادي أنَّ صنّاع القرار سيرفعون توقُّعاتهم للاقتصاد العام الجاري، مرجحين معدل نمو 0.6%، بالمقارنة مع توقُّعات سابقة 0.4% في مارس الماضي، بجانب تراجع متوقُّع لمعدل البطالة بنهاية السنة إلى 4.2% مقابل 4.5% في مارس الماضي.
ويرجح أن يحافظوا على توقُّعات التضخم الإجمالية عند مستوى 3.3% تقريباً للعام الجاري، و3.7% عند عدم احتساب الغذاء والطاقة، وهي زيادة 0.1 نقطة مئوية بالمقارنة مع مارس الماضي.
ويهدف “الفيدرالي” إلى بلوغ نسبة تضخم 2% لمعيار مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، الذي ارتفع 4.4% في أبريل الماضي، وفاق التوقُّعات لغالبية السنة الماضية، وكان أكثر استقراراً.
وينقسم خبراء الاقتصاد حول ما إذا كان “الفيدرالي” قد بلغ ذروة عمليات رفع الفائدة، ويتوقَّع ثلثهم زيادة ربع نقطة خلال يوليو المقبل.
ودعا عدد من مسؤولي البنك الأكثر تشدداً لرفع أسعار الفائدة، بمن فيهم رئيس البنك في سانت لويس جيمس بولارد، ورئيسة البنك في كليفلاند لوريتا ميستر، وطرح بعضهم إمكانية إلغاء اجتماع يونيو، وإقرار زيادة سعر الفائدة خلال اجتماع يوليو.
وقالت كاثي بوستغانسيك، كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة “نيشن وايد لايف إنشورانس” إنَّه نظراً لصدور بيانات أقوى من المتوقَّع؛ أشار مسؤولو اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة إلى أنَّهم يميلون لإلغاء اجتماع يونيو الجاري، ومع ذلك؛ لن يمنعهم ذلك من تشديد السياسة النقدية في اجتماع يوليو المقبل ، مبيّنة أيضاً أنَّ الدليل التوجيهي من “الفيدرالي” بات غامضاً وسبباً لارتباك الأسواق.
ونظراً لتباطؤ عودة التضخم إلى المستوى المستهدف؛ فمن المحتمل أن يتوقَّع قادة الفيدرالي استمرار ارتفاع أسعار الفائدة حتى نهاية 2024، إذ ستصل إلى ما يقرب من 4.4% مع حلول نهاية العام الجاري.
وحتى عندما يصل البنك إلى ذروة سعر الفائدة، يتفق معظم خبراء الاقتصاد على أنَّ “الفيدرالي” سيستمر في تقليص ميزانيته العمومية ضمن برنامج مستمر لإعادة أصوله لمستوياتها الطبيعية. يعتقد ثلثا خبراء الاقتصاد أنَّ اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ستستمر في التخلص من الأصول تدريجياً حتى بعد أن تبدأ في خفض أسعار الفائدة، وهو ما يُتوقَّع حدوثه خلال الربع الأول من 2024.
وبينما أكد باول أنَّه يرى فرصة محدودة لهبوط سلس للاقتصاد؛ فإنَّ فريق البنك توقَّع أن تشهد الولايات المتحدة الأميركية ركوداً، في حين يرجح 63% من خبراء الاقتصاد حدوث تراجع خلال الـ12 شهراً المقبلة.
ويتوقَّع معظم من تبقّى منهم هبوطاً كبيراً بجانب فترة انكماش أو نمو صفري يقترب تماماً من ركود معلن عنه رسمياً.
ومن بين المتوقِّعين لحدوث ركود؛ فإنَّ أكثرهم يتوقَّع أن يبدأ خلال الربعين الثالث أو الرابع من العام الجاري.
وترى ديان سوانك، كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة “كيه بي إم جي” في شيكاغو أنَّ “الفيدرالي” وضع نفسه في موقف صعب مع محاولته ضبط أداة غير فعالة، وسيواجه على الأرجح عراقيل في سبيل سعيه لشرح ما يعنيه بالهبوط السلس فعلاً.
ويتوقَّع 40% تقريباً من خبراء الاقتصاد حدوث خلاف خلال الاجتماع، مما سيشكل انحرافاً عن تصويت البنك بالإجماع غالباً على مدى الأعوام الأخيرة بقيادة باول.
ويرجح أن يكون رئيس البنك في مينيابوليس نيل كاشكاري، ورئيس البنك في دالاس لوري لوغان، وعضو مجلس محافظي البنك كريستوفر والر -وهم يعتبرون جميعاً من مؤيدي تشديد السياسة النقدية الجارية ويضغطون لزيادة أسعار الفائدة- الأكثر معارضة لوقف عمليات الرفع مؤقتاً.
وبينما تعرضت سياسة الاحتياطي الفيدرالي لانتقادات من الأشخاص الذين يعتقدون أنَّ “الفيدرالي” كان بطيئاً للغاية في التصدي للتضخم المرتفع، فضلاً عن أنَّ ملايين الوظائف ستُفقد جراء السياسة المالية؛ فإنَّ خبراء الاقتصاد اعتبروا أنَّ السياسة النقدية الراهنة هي المناسبة بالوقت الحاضر، إذ يتفق التقدير الأوسط بين آراء خبراء الاقتصاد حول سعر الفائدة الحالي بوصفه السعر النهائي المثالي.
ويعتقد خبير التوقُّعات الاقتصادية جيمس سميث من “إكون فوركسستر” أنَّ الاقتصاد الأميركي يمضي في طريقه لمواصلة النمو الجيد مع انخفاض سريع لمعدلات التضخم.