محمد عبد العال يكتب : من التقييد للتيسير .. قراءة حول فلسفة التغير النقدي!!

خفض الفائدة من جانب البنك المركزي المصري خطوة واقعية على مسار بدء دورة التيسر النقدي 

منذ أن أعلن البنك المركزي المصري في السادس من مارس العام الماضي ، قراراتة الإصلاحية التاريخية ، والتى أفصحت دون أدنى شك أن الهدف المرحلى والسامى لسياسته النقدية المرحلية هو استهداف التضخم ، حيث قام المركزي بتبنى سياسة نقدية مرحلية شديدة التقيد فيما يتعلق بسعر الفائدة، فقام برفعها خلال الربع الاول من عام 2024 بمقدار 800 نقطة أساس ، من أجل مواجهة التضخم المرتفع ، والعمل على إحتوائه ، وصولا إلى مستهدفاته المخططة تدريجياً ، وذلك بعد تمديد الأفق الزمنى في مطلع عام 2025 ليصل 7% زائد أو ناقص 2% ، في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026 ، و5% زائد أو ناقص 2% في المتوسط خلال الربع الرابع لعام 2028 ، واستهداف بقائة عند مستويات منخفضة لا تزيد عن 5% بعد ذلك.

ولم يقتصر البنك المركزي على استخدام آلية رفع الفائدة فقط بل توجه إلى تفعيل وتعميق استخدامه لآليات السوق المفتوح ، لتنظيم العرض النقدي ، وسحب السيولة الفائضة لدى وحدات الجهآز المصرفي عبر العملية الأسبوعية ، وعَدْلَ نظام قبول الودائع الأسبوعية من قبول الإيداع وفقا لنظام التخصيص إلى القبول وفقا للإيداع المطلق ، كل ذلك ، ليضمن استقرار الأسعار. والتحكم الدقيق في معدل السيولة وكمية وسائل الدفع المتاحة في السوق ،وبالتالي تحقيق التحكم في عرض النقود ومعدل التضخم .

وبعد نجاح الأثر التراكمي لتلك السياسة النقدية التقييدية و تلاشى الصدمات السابقة بفعل التأثير الايجابى لسنة الأساس تكللت جهود السياسة النقدية وانحسر معدل التضخم ، وكما ورد في نص بيان البنك المركزي شهد الربع الأول من عام 2025 انخفاضا ملحوظا في التضخم، حيث تراجع التضخم السنوي العام والأساسي إلى 13.6% و9.4% في مارس 2025 على التوالي، وهو أدنى معدل للتضخم الأساسي فيما يقرب من 3 سنوات بنحو 9 نقاط مئوية في الربع الأول من عام 2025، اتساقا مع التوقعات، وتم الاطمئنان إلى تقييد الأوضاع النقدية بدرجة ملحوظة مما أتاح مجالا واسعا لبدء دورة التيسير النقدي.

علاوة على ذلك، من المتوقع أن يستمر التضخم في الانخفاض خلال عامي 2025 و2026، وإن كان بوتيرة أبطأ مقارنة بالربع الأول من عام 2025 بسبب تأثير إجراءات ضبط الأوضاع المالية العامة المنفذة والمقررة لعام 2025، بالإضافة إلى تباطؤ وتيرة انخفاض تضخم أسعار السلع غير الغذائية.

وفي ضوء ما سبق وأخذا في الاعتبار الأوضاع النقدية والاقتصادية العالمية ، والمحلية الراهنة وحالة عدم اليقين وتداعياتها المحتملة على كل المؤشرات والتوجهات العالمية ، جاء قرار لجنة السياسة النقدية بخفض أسعار العائد الأساسية للبنك المركزي بواقع 225 نقطة أساس كخطوة واقعية على مسار بدء دورة التيسر النقدي ، واقتراباً للوصول إلى أفضل نقطة توازن بين متطلبات دفع النمو الاقتصادى ، والتشغيل من ناحية، ومن ناحية أخرى مراعاة متطلبات ضبط المالية ومراقبة مسار التضخم للتأكد من استدامة معدل انخفاضه في اتجاه الوصول إلى مستهدفاته المخططة.

محمد عبد العال

خبير مصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى