محمد عبد العال يكتب : الذهب حِصن للإحتياطي النقدي!

النمو الإيجابي للإحتياطي يدعم قوة الجهاز المصرفي ويعزز قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة الصدمات والأزمات الخارجية 

منذ العصور القديمة وحتى عصرنا الراهن والذهب يشغل حيزاً راسخا في عقيدتنا الاجتماعية ، ويمثل أيضاً جزءاً مهما من أصولنا الاقتصادية ، حين تحتفظ به الدولة كأحد المكونات الرئيسية للاحتياطي بالنقد الأجنبي المحفوظ لدى البنك المركزي المصري.

وحينما ترتفع قيمة هذا الرصيد الذهبي ترتفع قيمة إجمالي الاحتياطي النقدي ، وبالتالي فإن ارتفاع قيمة الذهب يعتبر مؤشرا إيجابيا نحو نمو واستقرار هذا الاحتياطي.

وقد تألق ذهب مصر في شهر أبريل الماضي في أن يكون سبباً في أن يحقق الاحتياطي النقدي رقما قياسيا جديداً وتاريخيا ، حيث سجل ما قيمته 48.144 مليار دولار بنهاية أبريل الماضي ، مقابل 47.757 مليار دولار فى شهر مارس السابق عليه ، بزيادة قدرها 387 مليون دولار.

لقد كان البعض يسأل لماذا يسعى البنك المركزي إلى زيادة مكون رصيد الاحتياطي من المعدن الثمين؟!

وببساطة أوضحت الأحداث والتطورات العالمية المتتالية كيف كان الذهب ضرورياً وحصنا وملاذاً آمناً لمعظم البنوك المركزية في العالم وليس في مصر فقط.

لم يكن نمو رصيد الذهب في الاحتياطي النقدي في عصرنا الراهن يعكس ثقافة فرعونية ، ولكن كان وليد حسابات علمية وعوامل اقتصادية ومالية تُبنى على أساسها سياسة للتحكم وإدارة المخاطر ، وحماية عناصر الاحتياطي النقدي وسلة عملاته من تداعيات مخاطر تقلبات أسعار السوق والعائد وكل أنواع المخاطر الأخرى.

هي سياسة لا تهدف لتعظيم العائد من استثماراته بقدر ما تهدف في المقام الأول للحفاظ على استقرار نمو هذا الاحتياطي وحمايته من المخاطر ، ليكون عند الحاجة درعا وحامياً للاقتصاد المصري ، وداعما له في مواجهة الأزمات والصدمات العالمية المحتملة.

 

ووفقاً لتقرير مجلس الذهب العالمي فإن مصر قد رفعت رصيدها من الذهب بنحو طن خلال هذا العام ، وبالتالي يكون من المرجح أن تكون الأسباب الرئيسية لارتفاع قيمة الاحتياطي النقدي تعود مباشرة إلى ارتفاع ماتملكه مصر من الذهب ، وأيضاً ارتفاع أسعار الذهب عالميا ، حيث لامس سعر أوقية الذهب خلال شهر أبريل 3500 دولار.

ومن المعروف أن قيمة رصيد الذهب لدى البنك المركزي قد ارتفع من 12.606 مليار دولار فى شهر مارس 2025 إلى 13.6 مليار دولار فى نهاية أبريل ، وهو ما ساعد في تعويض النقص في قيمة مكونات سيولة الاحتياطي الأخرى بما قيمتة 812 مليون دولار ، من 35.1 مليار دولار في شهر مارس ، إلى 34.3 مليار دولار في شهر أبريل.

وهكذا يستمر الاحتياطي النقدي في النمو الإيجابي على مدى الشهور ، وهو ما يدعم قوة الجهاز المصرفي ويعزز قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة الصدمات والأزمات الخارجية ، ويعزز من ثقة الأسواق والمستثمرين في الاقتصاد المصري ، ويحسن من نظرة مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية نحو مصر ، وهو ما يبشر بقرب ترقية درجة الملاءة الائتمانية.

محمد عبد العال

خبير مصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى