البنك المركزي المصري يحسم اليوم مصير فائدة الجنيه

وسط توقعات قوية بتثبيتها للمرة الثانية على التوالي

يحسم البنك المركزي المصري اليوم ، الخميس ، مصير فائدة الجنيه ، وذلك عندما تجتمع لجنة السياسة النقدية التابعة له للمرة الرابعة خلال العام الجاري لبحث مصير أسعار العائد الأساسية لديه ، والتي تعد المؤشر الأهم على اتجاه فائدة الجنيه في الأجل القصير.

يأتي ذلك وسط توقعات قوية بتثبيت تلك الأسعار عند 18.25% للإيداع و 19.25% للإقراض ، و 18.75% لسعر الائتمان والخصم وسعر العملية الرئيسية لدى المركزي دون تغيير للمرة الثانية على التوالي ، حيث كانت قد ثبتتها عند هذا المستوى في اجتماعها الذي عقدته في 18 مايو الماضي ، وهو المستوى الذي وصلت إليه تلك الأسعار في 30 مارس الماضي بعد رفعها 2% دفعة واحدة.

وقال محمد عبد العال الخبير المصرفي المعروف : ” تتجه بعض التوقعات إلى احتمالات رفع الفائدة من جانب لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي المصري في اجتماعها غداً الخميس ، ولكن في تصوري أن معدل التضخم المصري ، قد فقد حالياً خاصية التفاعل مع توجهات رفع الفائدة ، فبعد دورة طويلة من التشديد النقدي على مدى خمسة عشر شهرا تم خلالها رفع الفائدة بمقدار 10% ، ورغم ذلك لم يتقلص معدل التضخم ، وما زال قابعا بعيدا عن مستهدفه وهو 7%+ أو -2% حتى نهاية عام 2024″.

تابع ” ليس معنى هذا أن السياسة النقدية قد جانبها الصواب خلال الفترة الماضية ، العكس هو الصحيح ، لأن سياسة رفع الفائدة في الحقبة الماضية ، كانت ضرورة حتمية ، ونجحت في أن تكون سياسة مرنة على جانبي امتصاص السيولة ، وتقليص حجم عناصرها في حدود معقولة ، الأمر الذي أدى إلى نقص السيولة المتاحة للإنفاق ، وبالتالي خفض جانب الطلب ، ومن ناحية أخرى أتاحت للبنوك إصدار شهادات ادخارية بأسعار فائدة فائقة التميز ، لتعويض مدخرات القطاع العائلي نسبياً عن معدلات التضخم المرتفعة”.

وبحسب عبد العال فإن سياسة رفع سعر الفائدة كما أن لها نقاط تميز لها أيضا نقاط ضعفها ومخاوفها العكسية.

أوضح أن واقع الأمور يشير إلى أن معالجة أسباب التضخم الآن لا يجب أن تعتمد على آليات رفع الفائدة فقط ، حيث نجد أن سعر الصرف فى ظروفنا الحالية هو صاحب التأثير الأكبر والمباشر والمتبادل على معدلات التضخم ، وأن معالجة أسباب الضغوط الحالية على سعر الصرف ووقف استمرار وتكرار تخفيض الجنيه المصري مقابل الدولار ، هو أحد أهم المفاتيح لاحتواء معدلاته المرتفعة الحالية.

أكد عبد العال أنه لكى تنجح أداة رفع الفائدة محلياً في احتواء التضخم لابد من السعى أولا لتحقيق استقرار سعر الصرف.

“إن ظروفنا ومشاكلنا في مصر مختلفة عن ظروف ومشاكل دول أخرى تحارب التضخم برفع الفائدة”، بحسب عبد العال.

أكد أن التركيز على سياسة رفع الفائدة بأكثر مما هى علية الآن ، قد لا يجدي نفعاً على المستوى الاقتصاد الكلي في شقيه النقدي والمالي.

أضاف ” في تصورى أن لجنة السياسة النقدية في اجتماعها القادم قد ترى أن بتثبيت الفائدة هو أفضل الحلول في المرحلة الحالية”.

ومن جانبها أصدرت إدارة البحوث بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار توقعاتها بشأن القرار المحتمل للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري بشأن أسعار الفائدة ، في ضوء الوضع الراهن لمصر، حيث توقعت أن تثبت اللجنة سعر الفائدة في اجتماعها غداً الخميس.

وقالت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي بشركة اتش سي، إنه من المتوقع أن تبقي لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة دون تغيير، على الرغم من الزيادة الأخيرة بنسبة 2.72% في التضخم على أساس شهري في مايو، مرجعة السبب في ذلك إلى عدم زيادة العبء على قدرة الاقتراض للشركات، والتي تعاني من ارتفاع أسعار المدخلات وضعف الطلب، حاجة الحكومة إلى إبقاء تكلفة خدمة الدين المحلي تحت السيطرة، وتراجع مبادلة مخاطر الائتمان لمدة عام واحد، مما أدى إلى انخفاض العائد المتوقع المطلوب من قبل المستثمرين لمدة 12 شهرًا على أذون الخزانة المصرية، طبقا لحسابتنا مقارنة بالشهر السابق ، وتوجه الحكومة بعدم خفض قيمة الجنيه لكي لا يؤثر سلبا على مستوي التضخم، كما صرح الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وتابعت “على الرغم من تأخر صدور مراجعة برنامج صندوق النقد الدولي وصرف شريحة القرض المساند، إلا أن مؤشر مبادلة مخاطر الائتمان لمدة عام تراجع بشكل كبير إلى 1.221 حاليًا من مستواه المرتفع عند 2.510 في منتصف مايو، مما أدى إلى انخفاض عائد أذون الخزانة المتوقع أجل 12 شهرا بمقدار 200 نقطة أساس مقارنة بالشهر السابق، بناءً على حساباتنا”.

ومن جانبها توقعت رضوى السويفي، رئيس قسم البحوث بشركة الأهلي فاروس، أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع لجنة السياسة النقدية غدا الخميس.

وأرجعت “السويفي” ذلك إلى أن الجولة التالية من تخفيض قيمة العملة قد تم تعليقها في الوقت الحالي، كما أنه من المتوقع أن ينتهي التشديد النقدي العالمي من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

أوضحت أن معدل التضخم بلغ ذروته بالفعل وسيستقر بحلول الربع الرابع من عام 2023.

كما توقع استطلاع لوكالة رويترز ألا يغير البنك المركزي المصري أسعار الفائدة غدا الخميس.

وكان متوسط التوقعات في الاستطلاع الذي شمل 17 محللاً هو أن يحافظ البنك على سعر الفائدة على الودائع عند 18.25%، وسعر الإقراض عند 19.25% ، ولم يتوقع أي من المحللين تغيير أسعار الفائدة.

وقال المحلل نعمان خالد من بنك الكويت الوطني: “الحكومة حريصة على إبقاء العملة ثابتة في الوقت الحالي ، الأمر الذي يزيل أي سبب محتمل لرفع أسعار الفائدة”.

وقال باسكال ديفو، من بنك بي إن بي باريبا: “نتوقع أن يبقي البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير ، نظرًا لتوقع تحسن سيولة العملات الأجنبية على المدى القصير ، وانخفاض احتمالية حدوث تحرك آخر في قيمة الجنيه”.

وكشف البنك المركزي مؤخرا عن ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 40.3% في مايو 2023 ، مقابل 38.6% في إبريل السابق عليه.

أوضح المركزي أن الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، المعد من جانبه سجل معدلاً شهرياً بلغ 2.9% في مايو 2023 مقابل 1.6% في مايو 2022، و1.7% في إبريل 2023.

وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد كشف عن ارتفاع معدل التضخم السنوي بالمدن المصرية إلى 32.7% خلال مايو 2023 ، مقابل 30.6% في إبريل السابق عليه.

أوضح الجهاز أنه على أساس شهري زاد معدل التضخم بالمدن إلى 2.7% في مايو ، مقابل 1.7% في إبريل.

وبحسب الجهاز ، فقد بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية 174.1 نقطة في مايو 2023، مسجلاً بذلك ارتفاعاً قدره 2.7% عن شهر إبريل.

أرجع أهم أسباب هذا الارتفاع إلى ارتفاع أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 4.6%، مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 2.1%، مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 9.8%، مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 1.7%، مجموعة الزيوت والدهون بنسبة 5.9%، مجموعة الفاكهة بنسبة 4.6%، مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة 12.1%، مجموعة البن والشاي والكاكاو بنسبة 3.7%، مجموعة الدخان بنسبة 5.0%.

كما ارتفعت أيضا أسعار مجموعة الأقمشة بنسبة 2.3%، مجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 2.4%، مجموعة الاحذية بنسبة 0.8%، مجموعة إصلاح الأحذية بنسبة 2.8%، مجموعة المياه والخدمات المتنوعة المتعلقة بالمسكن بنسبة 0.4%، مجموعة الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى بنسبة 0.1%.

وزادت أيضا أسعار مجموعة الأثاث والتجهيزات والسجاد وأغطية الأرضيات الأخرى بنسبة 2.5%، مجموعة المفروشات المنزلية بنسبة 3.5%، مجموعة الأجهزة المنزلية بنسبة 6.3%، مجموعة خدمات النقل بنسبة 5.2%، مجموعة الخدمات الثقافية والترفيهية بنسبة 1.1%، مجموعة الصحف والكتب والادوات الكتابية بنسبة 0.5%، مجموعة الوجبات الجاهزة بنسبة 3.7%، مجموعة خدمات الفنادق بنسبة 2.5%، مجموعة العناية الشخصية بنسبة 2.7%.

أشار الجهاز إلى تسجيل معدل التضـخم السنوي لإجمالي الجمهورية 33.7% في مايو 2023 مقابل 31.5% في إبريل السابق عليه ، و15.3% في مايو 2022.

يذكر أن البنك المركزي المصري أكد في وقت سابق أن لجنة السياسة النقدية التابعة له ستواصل تقييم أثر السياسة النقدية التقييدية التي تم اتخاذها ، وتحديداً رفع أسعار الفائدة بمقدار 10% منذ مارس 2022 ورفع نسبة الاحتياطي النقدي الالزامي بنسبة 4% في سبتمبر 2022 ، على احتواء الضغوط التضخمية وفقاً للبيانات الاقتصادية الواردة خلال الفترة القادمة.

وأوضح المركزي أن توقعات الأسعار العالمية للسلع تراجعت مقارنةً بالتوقعات التي تم عرضها على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق ، كما تراجعت حدة الضغوط التضخمية العالمية نتيجة عدة عوامل منها تقييد السياسات النقدية من جانب العديد من البنوك المركزية، وانخفاض الأسعار العالمية للبترول، بالإضافة إلى تراجع حدة الاختناقات في سلاسل الإمداد العالمية.

وأكد المركزي أن مسار أسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليس معدلات التضخم السائدة وأن الحفاظ على الأوضاع النقدية التقييدية يعد شرطاً أساسياً لتحقيق معدلات التضخم المستهدفة والبالغة 7% ± 2% في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024 و5% ± 2% في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.

أشار إلى أن لجنة السياسة النقدية ستتابع عن كثب المخاطر المحيطة بالتضخم التي قد تنجم عن إضطرابات سلاسل الإمداد وكذا التوترات الجيوسياسية وغيرها من العوامل ، كما ستتابع كافة التطورات الاقتصادية ، ولن تتوانى عن تعديل سياستها من أجل تحقيق هدف استقرار الأسعار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى