حسن إبراهيم يكتب .. منظومة التمويل متناهي الصغر وأعمدتها الأربعة
نشأت صناعة التمويل متناهي الصغر في مصر منذ ما يزيد عن ربع القرن، استهدفت خلالها خدمة الفئات الأكثر احتياجاً من المصريين، لتمكينهم اقتصادياً وتحسين مستوى معيشتهم ومن ثم زيادة قدرتهم على مواجهة متطلبات الحياة، وتلك المنظومة يقوم بنيانها على قواعد أربع أعمدة تستمد استمراريتها من تحقيق مصالحهم المشتركة معاً دون الإخلال بمصالح إحدى تلك الأركان، وسوف نعرض في هذا المقال رؤية كل عمود من أعمدة منظومة التمويل متناهي الصغر الأربعة.
العمود الأول وهو عملاء التمويل متناهي الصغر، ولا يمكننا إنكار وقوع ضرر فعلي على بعض الأنشطة الاقتصادية التي أدت إلى ضعف الركن الأهم والتي تقوم المنظومة كلها على خدمته، إلا أن التدابير الصادرة من “الرقابة المالية للرقابة المالية” تناولت تلك التأثيرات وقدمت لها حلولاً وافية قادرة على استيعاب أي تأثير حادث على العملاء المنتظمين المتضريين، لذا ينبغي توعية العملاء أن حدوث أي خلل أو انهيار في صناعة التمويل متناهي الصغر سيضر بأنشتطهم الإقتصادية بصورة مباشرة، لاسيما أن مؤسسات التمويل متناهي الصغر تعتبر مصدر التمويل السهل الحصول عليه والأكثر توافراً والداعم الرئيسي لمشروعاتهم، إذاً فماذا سيحدث إذا تضررت جميع المؤسسات وأغلقت أبوابها، ومن أين يحصل العميل على تمويل لتوسعة مشروعه وزيادة ربحيته فيما بعد؟!.
العمود الثاني وهو جهات التمويل متناهي الصغر من شركات وجمعيات ومؤسسات أهلية مرخص لها بمزاولة النشاط، فطبيعة عملها واستمراريتها يقوم على أساس استمرارية تدفقاتها النقدية، فأغلبها بإختصار وسيط بين العميل المباشر وما تحصل عليه تلك المؤسسات من تسهيلات ائتمانية من القطاع المصرفي ويزيد على التزامتها الأجور والايجارات ومصاريف التشغيل الأخري .
وأؤكد أن مؤسسات التمويل متناهي الصغر كانت دائماً الداعم الرئيسي لعملائها، فليس من مصلحتها فقدانهم أو وقوعهم في دائرة التعثر فها هنا الكل ليس برابح.
أما فيما يخص العمود الثالث وهو الهيئة العامة للرقابة المالية، التي شأنها شأن أي جهاز حكومي يتم تسليط الضوء عليه إعلامياً واجتماعياً، والمتابع للدور الذي لعبته يجد أن تحركاتها جاءت لمصلحة الصناعة بشفافية وحيادية ودراسة متعمقة للتدابير والاجراءات المقررة، ويتضح ذلك في التعامل التدريجي لتداعيات الأزمة إذ أصدرت التدابير الاحترازية الأولى في 17 مارس 2020، وأعقبتها ببعض التعليمات المباشرة لجهات التمويل متناهي الصغر، ثم ألحقت بهما الحزمة الثانية من التدابير الاحترازية في 29 مارس2020 التي راعت إيجاد حلول جذرية للأزمة وتعالج الضرر الواقع على العملاء.
أما فيما يخص العمود الرابع وهو الجهات المساندة، وعلى رأسها يأتي الاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر، فإن الاتحاد لم يكن بمنأى عن تلك الأزمة، حيث فرضت تلك التأثيرات ضرورة النظر بعدالة وتوزان بين مصالح أطراف منظومة التمويل متناهي الصغر بهدف حمايتهم لتأتي في المرتبة الأولى مصلحة العملاء المتضررين والمنتظمين في السداد، بجانب التأكيد على تحقيق الاستدامة المالية لمقدمي الخدمة من جمعيات ومؤسسات أهلية والشركة بهدف ضمان استمرارها فى تقديم خدماتها المالية للمستفيدين وتشغيل موظفيها وفروعها وسداد مديونتها للقطاع المصرفي، وأخيراً الطرف الثالث وهو القطاع المصرفي الذي يقوم بتمويل القطاع بشكل مباشر وغير مباشر عن طريق تمويل جهات التمويل متناهى الصغر.
وبالإشارة إلى تلك الجهات أيضاً يجب التأكيد على الدور المحوري الذي لعبه البنك المركزي المصري و جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر والشركة المصرية للاستعلام الائتماني في دعم الصناعة خلال السنوات الأربعة الماضية سواء بحث البنوك لضخ التمويل أو المشاركة في دعم الخطة التدريبية للاتحاد، بجانب خفض تكلفة الاستعلام الائتماني عن عميل التمويل متناهي الصغر.
وختاماً، أتوجه لكافة العملاء والعاملين بالنشاط لضرورة التكاتف للحفاظ على مكتسبات الصناعة ودور ذلك في تحقيق التكامل الاقتصادي في المرحلة المقبلة.
المدير العام للاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر