بلومبرج : سوق السندات الأمريكية تتأهب لموجة تقلبات جديدة بعد اجتماع “الفيدرالي”

يكاد يكون من المؤكّد أنَّ الأسبوع المقبل لن يكون بمثابة حالة استثنائية

مرّت سوق سندات الخزانة الأمريكية بفترة من التقلبات، ويكاد يكون من المؤكّد أنَّ الأسبوع المقبل لن يكون بمثابة حالة استثنائية.

وبحسب بلومبرج ، يتأهب المضاربون في أكبر سوق سندات على مستوى العالم لموجة أخرى من التقلبات في الأسعار مدفوعة باجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والإعلان عن مبيعات الديون خلال الفترة ربع السنوية لوزارة الخزانة، واستمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي حول العالم التي تعزز من التحركات الكبيرة في سوق صرف العملات الأجنبية.

وتشير التوقُّعات بشكل كبير إلى أنَّ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيزيد من سعر الفائدة الأساسي بمقدار نصف نقطة مئوية عندما يُنهي اجتماعه الذي يدوم على مدى يومين بداية من الأربعاء المقبل، مما سيشكّل أكبر تحرّك صعودي منذ عام 2000.

لكنَّ المضاربين سيراقبون عن كثب المؤتمر الصحفي لرئيس “الاحتياطي الفيدرالي” جيروم باول للحصول على قرائن أكثر حول إلى أي مدى فقط يُعتقد أنَّ أسعار الفائدة يتعيّن أن ترتفع لكبح صعود معدلات التضخم.

وسيعقب ذلك إعلان وزارة الخزانة الخاص برد الأموال المستحقة للفترة الربع السنوية في اليوم نفسه، والذي سيبين حجم مزادات السندات المستقبلية، في الوقت الذي يتجهز فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي لسحب الدعم من السوق من خلال عدم شراء أوراق مالية جديدة عندما يحل موعد سداد بعض أصوله.

وخلال يوم الجمعة المقبل، من المقرر أن تصدر وزارة العمل تقريرها الشهري عن الوظائف؛ وهو مؤشر مهم لتحرّك السوق للنمو الاقتصادي للبلاد وضغوط الأجور التي تزيد من ارتفاع معدلات التضخم.

وينذر الاقتران بإحداث فترة قصيرة من الاستقرار النسبي الذي تغلغل في سوق السندات خلال الأسبوع الماضي، وهو الأول منذ أواخر شهر فبراير، والذي لم ترتفع خلاله العوائد إلى مستويات قياسية حديثة.

ويضيف الدولار الأمريكي الصاعد الذي يؤدي إلى تشديد الظروف المالية، ويشكّل رياحاً غير مواتية لنمو الصادرات، متغيّراً حديثاً إلى الحسابات المعقّدة فعلياً والمتعلقة فيما إذا كانت عائدات سندات الخزانة قد ترتفع بما فيه الكفاية لتغطية تكاليف المخاطر أم لا.

وقالت مارجريت كيرينز، رئيسة وحدة استراتيجية الدخل الثابت في شركة “بي أم او كابيتال ماركيتس” (BMO Capital Markets): “هناك الكثير من الأشياء المجهولة التي أعتقد أنَّها تبقي السوق في حالة تقلّب حتى نحصل على صورة أكثر وضوحاً لطريقة استمرار الاقتصاد في النمو في حين يزيد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من أسعار الفائدة”.

تابعت: “حجم النتائج ما يزال واسعاً للغاية حتى يجري استبعاد حدوث تقلّبات في السوق”.

وفي وقت متأخر من يوم الجمعة، صعدت عائدات السندات الأمريكية لأجل عامين بنحو 5 نقاط أساس خلال الأسبوع لتصل إلى 2.71%.

وارتفع العائد على مدى تسعة شهور متتالية، مما يعد أطول فترة ممتدة بالنسبة لبيانات “بلومبرغ” التي ترجع إلى سنة 1976.

في هذه الأثناء، تحلّق عائدات السندات أجل 10 أعوام حول نسبة لا تقل كثيراً عن مستوى 2.98% التي بلغتها في 20 أبريل الجاري، وهو السعر المرجعي الأعلى منذ شهر ديسمبر لسنة 2018.

وسيُضاف المزيد من التقلّبات إلى الفترة العصيبة لحاملي السندات الذين يواجهون بالفعل أحد أصعب حالات الأسواق منذ عقود، في ظل خسارة سندات الخزانة الأمريكية لأكثر من 8% حتى الآن خلال السنة الحالية، بحسب مؤشر “بلومبرج”.

ويضع هذا المؤشر على طريقه لتسجيل أسوأ عام على الإطلاق عقب هبوطه بنسبة بلغت 2.3% في سنة 2021.

وتلقت السندات في كل أنحاء العالم ضربة نفسية، إذ تحاول البنوك المركزية في أنحاء العالم كافة الحد من صعود معدلات التضخم.

وقال جوردان جاكسون، الخبير الاستراتيجي المختص بالسوق العالمية في شركة “جيه بي مورجان أسيت مانجمنت”: “ليس لدي اعتقاد بأنَّ مستثمري السندات الرئيسيين تعافوا بعد من صعوبات مرحلة التضخم العالي”.

ويتوقَّع مضاربون عديدون أن تزيح وزارة الخزانة، يوم الأربعاء، الستار عن جولة فصلية ثالثة وأخيرة من تخفيضات مبيعات الديون طويلة الأجل، إذ يتوقَّعون أن يضع بنك الاحتياطي الفيدرالي موعداً لبدء التشديد الكمي. يظن بعضهم أنَّ أحجام المزادات المحتملة ستبقى ثابتة للسبب نفسه.

وسيدفع تمديد ديون بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والذي قد يسمح لنحو 95 مليار دولار من حيازته من الديون بالاستحقاق كل شهر دون إعادة استثمار العائدات، وزارة الخزانة لاقتراض المزيد من السوق العامة.

وسيجري توزيع هذا الحد الأقصى الشهري ما بين 60 مليار دولار من سندات الخزانة و35 مليار دولار من ديون الرهن العقاري، بحسب محضر الاجتماع الأخير لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

وبالإضافة إلى التقلبات؛ توجد معركة بين أولئك الذين يتوقَّعون مخاطر متنامية نتيجة الركود التضخمي أو تباطؤ النمو المصاحب للتضخم المرتفع، والآخرين الذين يتوقَّعون أن يزيد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة إلى ما بعد نقطة الحياد بطريقة سريعة، مما يؤدي إلى حدوث ركود. يعتبر سعر الفائدة المحايد هو المستوى الذي لا ينُشّط ولا يحفّز النمو الاقتصادي.

ويتصدّر خبراء الاقتصاد في “دويتشه بنك” قائمة الذين قللوا من مخاطر الركود في 2023، ويتوقَّعون أنَّ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ربما يُجبر على زيادة أسعار الفائدة إلى 6% لكبح معدلات التضخم الأعلى خلال 4 عقود.

ويتوقَّع “سيتي جروب” زيادة بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة في كل اجتماع من اجتماعاته الأربعة القادمة، لكنَّه لا يتوقَّع حدوث ركود في سنة 2023، برغم توقُّعاته بتزايد مخاطر الانكماش الاقتصادي، بحسب أندرو هولينهورست، كبير خبراء الاقتصاد الأمريكيين في البنك.

ودفعت الزيادة القياسية في تكاليف التوظيف خلال الربع الأول من السنة الحالية، والتي صدرت يوم الجمعة، المضاربين في أسواق المال إلى رفع وتيرة تشديد السياسة النقدية التي يأخذونها في الحسبان لسنة 2022، لتبلغ نحو 2.5 نقطة مئوية من الآن وحتى نهاية السنة.

وفي اليوم السابق، احتدمت مخاوف الركود الاقتصادي لفترة وجيزة مع انتشار الأخبار التي تفيد أنَّ الاقتصاد الأمريكي انكمش بطريقة مفاجئة خلال الربع الأول من السنة الجارية.

وقال بريا ميسرا، الرئيس العالمي لوحدة استراتيجية أسعار الفائدة في شركة “تي دي سيكيوريتيز”: “إنَّني أجد صعوبة حيال فكرة أنَّ الاقتصاد من الممكن أن يتعامل مع زيادات متواصلة لسعر الفائدة تتجاوز نقطة الحياد والتشديد الكمي”.

تابع: “لدي اعتقاد بأنَّ عوائد سندات أجل 10 سنوات لديها مجال أوسع للصعود مع بدء التأثير المتدفق للتشديد الكمي. لكنْ ليس هناك إجماع على أحد الرأيين في السوق.

ويعتقد الناس أنَّ التضخم ربما يكون متماسكاً وهذا لن يتيح لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إبطاء عملية تشديد السياسة النقدية، لكنَّني أعتقد أنَّ الاقتصاد لا يتمتّع بالمرونة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى