“النقد العربي”: توفير البنية التحتية لأنظمة الإنذار المبكر أمر جوهري للتنبؤ بأداء البنوك
الصندوق يُصدر مبادئ إرشادية حول تعزيز أنظمة الإنذار المبكر وإدارة الأزمات المصرفية لدى البنوك المركزية
إنشاء أو تعزيز منظومة ضمان الودائع المصرفية يعتبر ركناً أساسياً من أركان الاستقرار المالي
أصدر صندوق النقد العربي مبادئ إرشادية حول تعزيز أنظمة الإنذار المبكر وإدارة الأزمات المصرفية لدى المصارف المركزية، وذلك تأكيداً على دور أنظمة الإنذار المبكر وتعزيز منظومة إدارة الأزمات المصرفية في الحفاظ على القطاع المالي ، من خلال توفير أدوات تقلل من كلف حل الأزمات المصرفية، ودورها في المساعدة على التنبؤ باحتمال تعرض البنوك لأزمات، ووضع إجراءات إستباقية تقلل من احتمال حدوث الأزمات المصرفية بشكل عام، فضلاً عن تخفيض تكاليف معالجة آثارها.
وبحسب الصندوق ، فقد أثبتت التجارب أهمية وجود إطار احترازي للتعامل في مراحل مبكرة مع البنوك التي تواجه تحديات، حيث أن من أبرز التحديات التي تواجه السلطات الرقابية المشرفة على البنوك تتمثل في وجود إشراف فعّال على المستويين الجزئي والكلي بهدف استمرارية تعزيز الاستقرار المالي، وبالتالي فإن التعامل مع الأزمات المصرفية يبدأ بتوقع الأزمة قبل حدوثها، مما يتطلب تطوير الرقابة الاحترازية الكلية من خلال تحديد ومراقبة والحد من المخاطر على النظام المالي ككل.
ويذكر أنه في أعقاب الأزمة المالية العالمية أواخر عام 2007، أولت السلطات الرقابية اهتماما بموضوع إدارة الأزمات بهدف تحليل التحديات التي قد تواجهها البنوك، وتوقيت وكيفية التدخل، حيث أظهرت التجارب أهمية وجود إطار قانوني واضح وإطار احترازي للتعامل مع البنوك التي تواجه تحديات بمراحل مبكرة، وكذلك تعمل السلطات الرقابية على بناء منظومة شاملة لإدارة الأزمات ونظام لضمان الودائع.
وفي هذا السياق، بالرغم من أن وضع إطار جيد لإدارة الأزمات يعتبر أمراً ضرورياً، إلا أن التنفيذ الفعّال له، يكتسب أهمية كبيرة، حيث يتطلب وضع إطار حوكمة شامل لإدارة الأزمات محدد للمسؤوليات والأدوار، مع وجود الكوادر الفنية المؤهلة والمدربة لتقييم مخاطر القطاع المصرفي الجزئية والكلية.
وإضافة لذلك يعتبر تحديد التحديات التي تواجه البنوك وإيجاد حلول لها، أمر هام لضمان سلامتها وتعزيز إستقرار النظام المالي ككل، إذ تعتبر البنوك المكون الرئيس للنظام المالي، وتعثر أي بنك – خصوصاً البنوك ذات الأهمية النظامية – غالباً ما يكون له آثار سلبية على الاقتصاد بشكل عام، بالتالي على الاستقرار المالي.
وفي هذا الإطار، تضمنت المبادئ مجموعة من الجوانب التي تهم المصرف المركزي كسلطة حل للأزمة المالية، حيث أكدت المبادئ على أهمية وضع تعريف محدد للبنك “الضعيف” ووضع مؤشرات كمية ونوعية لقياس مدى الضعف، بحيث إذا تجاوز المؤشر حد معين، واستنفذ المصرف المركزي كافة الإجراءات التصحيحية للحيلولة دون استمرار تدنى مؤشراته بشكل جوهري، فإن البنك يُصبح غير قادر على الاستمرار، بالتالي ينتقل من نطاق الرقابة المصرفية إلى نطاق منظومة إدارة الأزمات المصرفية.
وأكدت المبادئ على أهمية توفير البنية التحتية لأنظمة الإنذار المبكر للتنبؤ بأداء البنوك، مثال ذلك: الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة، والتقارير والمعلومات اللازمة، والبرامج الإحصائية المناسبة، وقواعد بيانات شاملة ودقيقة تتضمن سلاسل زمنية طويلة.
وأشارت المبادئ إلى أهمية تزويد المصرف المركزي بخطة الإنعاش المعتمدة من قبل مجلس إدارة البنك، بحيث يقوم المصرف المركزي بتقييم الخطة، والموافقة عليها حسب الاقتضاء، ومراقبة تنفيذها، كما دعت إلى وضع إطار حوكمة مناسب لخطة الإنعاش يشمل تحديد مسؤوليات الوحدات التنظيمية في البنك ومسؤوليات الإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة، وأن تكون الخطة معتمدة من قبل مجلس الإدارة الذي يشرف عليها، إضافةً إلى قيام الإدارة التنفيذية بإعداد الخطة وتطويرها وتحديثها ومراجعتها دورياً أو كلما اقتضت الحاجة.
كما أكدت المبادئ على أهمية إنشاء مؤسسة ضمان الودائع كشخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري، كونها ركن أساسي في منظومة إدارة الأزمات المصرفية، مع الآخذ في الإعتبار وجود منظومة ضمان ودائع تُراعي خصوصية نماذج أعمال البنوك المتوافقة مع الشريعة، حيث إن إنشاء قانون لمؤسسة ضمان الودائع يتضمن الإطار القانوني، وأدوار وأهداف إنشاء المؤسسة، وشروط تشكيل مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، ومهام وصلاحيات المجلس وإدارته التنفيذية، والمؤسسات المالية الخاضعة لنظام ضمان الودائع، وتعريف أنواع الودائع الخاضعة للتعويض، وحجم رأس المال، وسقوف تغطية الودائع عند تصفية البنك، ومصادر تمويل مؤسسة ضمان الودائع، ورسوم الاشتراك السنوية، وإدارة حسابات المؤسسة، وسياسة الاستثمار، ومراعاة السرية المصرفية، وأسس التعامل مع ودائع البنوك التقليدية والبنوك المتوافقة مع الشريعة.
وفي هذا الإطار، بيّنت المبادئ أن تقنيات حل الأزمات المصرفية تستند إلى تحليل الكلفة الأقل التي تتحملها مؤسسة ضمان الودائع (أو السلطة المسئولة عن حل الأزمة في حال عدم وجود مؤسسة ضمان ودائع)، حيث يتم أخذ كلفة الحل في الاعتبار قبل المفاضلة بين تقنيات الحل، مثال ذلك: الخسارة من الموجودات الناتجة عن عملية تقييمها، وأتعاب لجنة التقييم والأتعاب القانونية وأية تكاليف تخص عملية التقييم، وحقوق المساهمين (البنود الداخلة في احتساب الشريحة الأولى من رأس المال ( (Tier 1 Capital، والشريحة الثانية من رأس المال (Tier 2 Capital)، وهوامش رأس المال وفقاً لمتطلبات بازل 3، والعلاوة أو قيمة المبلغ الذي سيقوم بدفعه البنك المشتري مقابل قيمة الامتياز المتعلقة بعملاء البنك، ما المعروض للبيع، ونسبة الودائع المضمونة إلى إجمالي الودائع.
من جانب آخر، أكدت المبادئ على أهمية وجود لجنة إدارة أزمات مصرفية أو استقرار مالي داخل المصرف المركزي، وإطار حوكمة فعّال لهذه اللجنة ضمن الهيكل التنظيمي للمصرف المركزي، بما يضمن سرعة تنفيذ تقنيات الحل دون تأخير، ويُمكن أن تضم اللجنة ممثلين عن وزارة المالية، ومؤسسة ضمان الودائع، وهيئة الأوراق المالية وأية أطراف رسمية أخرى ذات علاقة.
أخيراً، أوصت المبادئ بقيام المصرف المركزي بإعداد “دليل شامل لإدارة الأزمات المصرفية”، يتضمن كافة المتطلبات الخاصة بإنشاء أنظمة فعّالة للإنذار المبكر وإدارة الأزمات المصرفية.