قانون البنوك الجديد .. الفرص والتحديات
القانون يدعم إستقلالية المركزى ومجالس إدارات البنوك ويهيئ السوق المصرية لعصر جديد فى التكنولوجيا المالية
28 بنكا لا تحتاج لزيادة رؤوس أموالها للتوافق مع القانون .. وتوقعات بحدوث عمليات دمج واستحواذ للبنوك الصغيرة خلال ٣ سنوات
القانون يستهدف حماية حقوق عملاء الجهاز المصرفى ، ويراقب شركات الصرافة وشركات التصنيف الائتمانى ، وشركات الإستعلام ، ومقدمى خدمات الدفع
عبد العال : زيادة الحد الأدنى لرأسمال البنوك يحسن ملاءتها المالية ويمنحها قدرة أكبرعلى منح الإئتمان وتمويل عملية التنمية الإقتصادية
برايم يتوقع تأثر أرباح البنوك بشكل محدود بسبب تخصيص 1% من صافى أرباحها لصالح صندوق دعم القطاع المصرفى
أقر مجلس الوزراء مؤخرا قانون البنوك الجديد ، وأحاله للجنة التشريعية بمجلس الدولة لمراجعته ، تمهيدا لإحالته للبرلمان لمناقشته وإقراره.
وكان مجلس الوزراء قد وافق على مشروع القانون ، الذى يتضمن 242 مادة ، فى جلسة استغرقت نصف ساعة تقريبا ، بحضور طارق عامر محافظ البنك المركزى المصرى.
وقال مجلس الوزراء إن إعداد هذا القانون يأتى فى إطار تحديث البيئة التشريعية، لمواكبة المتغيرات العالمية التى شهدتها الساحة المصرفية، وما صاحبها من تطورات سريعة فى مجال الخدمات المصرفية ونظم وخدمات الدفع والتكنولوجيا المالية، وزيادة اعتماد الانشطة الاقتصادية عليها.
أكد أن القانون يسهم في دعم الإقتصاد الوطنى، وتعزيز التنمية الإقتصادية، فى ضوء سياسة الإصلاح الإقتصادى التى تتبناها الدولة، وذلك من خلال مسايرة أفضل الممارسات والأعراف الدولية والنظم القانونية للسلطات الرقابية المناظرة على مستوى العالم، إلى جانب رفع مستوى آداء الجهاز المصرفى، وتحديثه وتطويره ودعم قدراته التنافسية ، بما يؤهله للمنافسة العالمية، وتحقيق تطلعات الدولة نحو التنمية والتقدم الاقتصادى.
أضاف ، أن القانون يهدف أيضاً إلى تعزيز حوكمة وإستقلالية البنك المركزى، بما يكفل تفعيل دوره وتحقيق أهدافه ، فى ضوء الضوابط الدستورية الخاصة بالهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية.
أشار الى أن القانون ينظم أوجه التنسيق والتعاون بين البنك المركزى والحكومة والجهات الرقابية على القطاع المالى، فضلاً عن العمل على تكريس مبادئ الحوكمة والشفافية والإفصاح والمساواة، وعدم تضارب المصالح، وإرساء قواعد المنافسة العادلة ومنع الاحتكار ، وحماية حقوق العملاء فى الجهاز المصرفى.
أكد أنه روعى فى إعداد مشروع القانون التشاور مع البنوك والجهات المعنية، ومجموعة من الخبراء القانونيين المتخصصين فى مجال التشريعات المالية والمصرفية.
وقال طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري إن إعداد قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي (قانون البنوك الجديد ) جاء بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي ، الذي أكد على أهمية تعزيز الاستقرار النقدي، والمصرفي، والمساهمة، بدور أكبر في دعم وتحقيق النمو الاقتصادي.
أشار عامر إلى أنه تم مناقشة القانون مع كافة الجهات الحكومية، والوزارات ،والبنوك، والخبراء والجهات الدولية، الذين أبدوا إعجابهم به ، مؤكدا أن القانون الجديد، يعد محطة جديدة من محطات تطوير واصلاح الجهاز المصرفي.
وقال محافظ البنك المركزي إن قانون البنوك الجديد ، ركز أيضا على حوكمة البنوك، كما ركز على حوكمة البنك المركزي نفسه ، وعمل على تقوية مجالس الادارات، والادارات التنفيذية وكذلك دور الرقابة والإشراف على البنوك .
شدد على أن البنك المركزى لابد أن يتمتع بالإستقلالية الكاملة ، وهو ما تم مراعاته بالقانون الجديد ، لكونه يمثل الأمن القومى لإقتصاد مصر ، ولذلك تم تعزيز الدور الرقابى على البنوك ، خاصة أن 89% من مدخرات المجتمع بالبنوك .
وقال جمال نجم نائب محافظ البنك المركزى المصرى إن هناك 28 بنكا ليست فى حاجة لزيادة رؤوس أموالها للتوافق مع قانون البنوك الجديد ، حيث يتجاوز رأسمالها المدفوع والإحتياطات أكثر من 5 مليارات جنيه .
وقال أيمن حسين وكيل محافظ البنك المركزى لنظم الدفع إن قانون البنوك الجديد شمل فصلا كاملا حول الخدمات التكنولوجية وكيفية تنظيم عملها ، مشيرا الى أن القانون منح البنك المركزى سلطة إصدار العملات المشفرة والرقمية ، ولكنه لم يتقرر بعد إصدارها.
أشار الى ان القانون الجديد نظم عمل الشركات التى تعمل فى نظم وخدمات الدفع دون ترخيص من المركزى .
وقال المستشار تامر الدقاق المستشار القانوني للبنك المركزي المصري ، أن المركزى حرص على تنظيم العلاقة المؤسسية بين القطاع المصرفى وباقي أجهزة الدولة ، من خلال قانون البنوك الجديد.
أضاف الدقاق ، أن التحوط للأزمات المالية تمت معالجتها بالقانون ، بحيث يكون هناك تدخل مبكر لتجنيب مصر الدخول في أى أزمات مالية أو مصرفية.
أشار الي استحداث مواد خاصة بالعملات الرقمية، وحماية عملاء الجهاز المصرفي بشكل مفسر ومنظم ، في إطار تشريعي يوضح حقوق العملاء، وحماية سرية الحسابات وفحص الشكاوى.
أضاف ، أنه تم تعزيز شروط عضوية مجلس ادارة البنك المركزي بحيث يمنع تضارب المصالح، كما تم استحداث لجنة للاستقرار المالي برئاسة رئيس الوزراء وعضوية محافظ البنك المركزي ورئيس الرقابة المالية تجتمع كل 3 شهور لتجنب حدوث ازمات مصرفية.
أشار الدقاق الى أن القانون يستهدف حماية حقوق عملاء الجهاز المصرفى ، ويراقب شركات الصرافة وشركات التصنيف الائتمانى ، وشركات الإستعلام ، ومقدمى خدمات الدفع.
ومن جانبه قال محمد عبد العال الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس إنه ما من شئ يوفر الأمن الإقتصادى للمواطن أكثر من قدرة جهازه المصرفى على تحقيق التكامل بين الوظيفة الإقتصادية والوظيفة الإجتماعية ، لافتا الى أن البنك المركزى المصرى وبقية وحدات الجهاز المصرفى مستمرون عبر الزمان فى العمل على تحقيق هذا التكامل والتوازن المطلوب.
أضاف ، ” لكن مع تطور العالم ماديا وتكنولوجيا فى جميع المجالات كان يتعين مراجعة وتطوير البيئة التشريعية اللازمة لدعم الجهاز المصرفى وتقوية هياكله المؤسسية ، وتوفير القوانين التى تكفل له مواجهة التحديات العالمية “.
وبحسب عبد العال ، فقد جاء قانون البنوك الجديد ليضيف عناصر وأهداف وآليات ووسائل جديدة ، تستهدف فى النهاية بشكل مباشر أو غير مباشر تحقيق الأمان الإقتصادى والمصرفى للمواطن.
أشار عبد العال الى ان هناك 8 نقاط مهمة ركز عليها قانون البنوك الجديد ولها أهمية كبرى ، وهى تحقيق إستقلال البنك المركزى إداريا وفنيا ، فالمحافظ يتبع رئاسة الجمهورية ، وتم زيادة رأسمال البنك المركزى الى 20 مليار جنيه ، وهو الأمر الذى يعطى الثقة لمجتمع الأعمال والإستثمار والمودعين.
النقطة الثانية ، بحسب عبد العال ، هى زيادة الحد الأدنى لرأسمال البنوك العاملة فى مصر ليكون 5 مليارات جنيه ، و150 مليون دولار لفروع البنوك الأجنبية ، وهو الأمر الذى يحسن من الملاءة المالية للبنوك ، ويمنحها قدرة أكبر على منح الإئتمان ، وتمويل عملية التنمية الإقتصادية.
أضاف ، أن إلغاء آلية تحديد مدد التجديد لرؤساء البنوك ، ووضعها وفقا لتصرف التعليمات الرقابية ، يعطى إستقرارا أكثر لإدارات تلك البنوك.
كما تضمن القانون الجديد ، بحسب عبد العال ، إنشاء وحدات مركزية بالبنك المركزى لحماية حقوق العملاء ، وفض المنازعات ، وحماية المنافسة ، وأيضا مركز مستقل للتحكم والتسوية فى الأزمات ، بجانب إنشاء صندوق لتطوير الجهاز المصرفى.
أشار الى أنه كان من بين أهم النقاط التى تضمنها قانون البنوك الجديدأيضا تطوير نظم وخدمات الدفع والتكنولوجيا المالية ، مع استحداث قواعد وسياسات وآليات للتحول الى مجتمع أقل إعتمادا على أوراق النقد ، وهو الأمر الذى يحقق للمواطن تيسير سداد الإلتزامات المالية ، وتوفير الوقت والجهد والمال ، وخفض معدلات الفساد والمساهمة فى الحد من التضخم ، وتحقيق الشمول المالى ، واستهداف الشرائح المهمشة ومحدودى الدخل والشباب والمرأة فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتتناهية الصغر ، والعمل على ضم الإقتصاد غير الرسمى للإقتصاد الرسمى.
كما تضمن القانون أيضا توفير قواعد استخدام التكنولوجيا المالية ، وهو الأمر الذى يزيد من فرص العمل للشباب ، بجانب تنظيم علاقة البنك المركزى مع الحكومة ، بإعادة تنظيم المجلس التنسيقى بين السياسة المالية والنقدية ، واستحداث لجنة لمتابعة الإستقرار المالى.
من جانبه قال بنك الإستثمار برايم ، تعقيبا على قانون البنوك الجديد ، إن القانون سيكون له أثر سلبي على البنوك الصغيرة ، خاصة ذات معدلات حقوق الملكية المنخفضة.
أضاف أن القانون سيدفع البنوك الى ضخ المزيد من رؤوس الأموال عن طريق زيادة رأس مالها عبر إصدار اسهم جديدة أو عن طريق الحصول على قروض مساندة ، أو أن تلجأ البنوك الى وقف توزيعات الأرباح لتخفيف الضغط على الأرباح المحتجزة ، مثل بنوك البركة وأبو ظبى الإسلامي و المصري الخليجى.
تابع برايم أن البنك المركزي نفى استبعاد بنوك التعمير والإسكان وتنمية الصادرات من الخضوع للحد الأدنى لزيادة رأس المال باعتبارهم بنوك تقدم خدمات بنكية ومالية متكاملة.
أوضح أن هناك بعض البنوك متوافقة مع قانون البنوك من ناحية رأس المال ، مثل التجارى الدولى و قطر الوطنى الأهلى، وبالتالى لن تحتاج لزيادة رؤوس أموالها.
أشار الى أن القانون سيكون له أثر سلبى على بنك البركة حيث أنه يحتاج لرفع قاعدته الرأسمالية بنحو 1.4 مليار جنيه ، وكذلك مصرف أبو ظبى الإسلامى ، والبنك المصرى الخليجى.
توقع برايم أن تشهد البنوك الصغيرة غير القادرة على زيادة رأسمالها عمليات دمج وإستحواذ خلال الـ ٣ سنوات المقبلة، وهى الفترة المقررة من البنك المركزي للتوافق مع القانون.
لفت الى أن البنوك التى لديها دعم من البنوك ” الأم ” من المتوقع أن تعانى بشكل أقل من باقى البنوك ، فيما يتعلق بزيادة رؤوس أموالها.
وفى شأن آخر توقع بنك الإستثمار برايم أن تتأثر أرباح البنوك بشكل محدود بنص قانون البنوك الجديد على تخصيص 1% من صافى أرباحها لصالح صندوق دعم القطاع المصرفى.