عبد العال .. توقعات انخفاض الجنيه مقابل الدولار يجانبها الصواب لأنها بنيت على مقاييس نفسية يشوبها الخوف وعدم اليقين
نعم .. موارد النقد الأجنبي ستتأثر لكن جانب الطلب على الدولارسيتأثر أيضا مما سيوازن السوق
الجنيه سيظل مستقراً حول مستوى 15.7 جنيه للدولار مع ميل نفسى للهبوط الى مستوى مقاومة عند 16 جنيها للدولار خلال الثلاث أشهر القادمة
المركزي يتمتع بإحتياطى قوي من النقد الأجنبى يُغطى الإحتياجات الإستيرادبة لمصر لمدد تزيد عن 9 أشهر ويَكْفُل سداد أقساط وفوائد القروض الدولية فى توقيتاتها
مهارة صانعى السياسة النقدية المصرية تظهرت بشكل جلي فى التعامل مع الأزمات التي نمر بها ومنها أزمة ” كورونا”
خفض الفائدة يحقق الكثير من الفوائد للدولة وللقطاعات الإقتصادية المختلفة .. والقطاع العائلى تم تعويضه بشهادات الـ 15%
شهادات الـ 15% ” وديعة ذكية متعددة الأهداف والفوائد ” حيث تدعم القطاع العائلي وتحارب التضخم والدولرة وترسخ للتكنولوجيا المالية وتحقق الشمول المالي
أكد محمد عبد العال الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس أن توقعات البعض بانخفاض الجنيه مقابل الدولار توقعات يجانبها الصواب لأنها بنيت على مقاييس نفسية يشوبها الخوف وعدم اليقين.
أوضح عبد العال ، فى حوار شامل لـ ” بنوك واستثمار ” ، أنه إذا كانت موارد النقد الأجنبي ستتأثر لكن فى المقابل جانب الطلب على الدولارسيتأثر أيضا مما سيوازن السوق .
توقع عبد العال أن يظل الجنيه مستقراً حول مستوى 15.7 جنيه للدولار مع ميل نفسى للهبوط الى مستوى مقاومة عند 16 جنيها للدولار خلال الثلاث أشهر القادمة.
أشار الى أن مهارة صانعى السياسة النقدية المصرية تظهرت بشكل جلي فى التعامل مع الأزمات التي نمر بها ومنها أزمة ” كورونا”
أكد أن خفض الفائدة يحقق الكثير من الفوائد للدولة وللقطاعات الإقتصادية المختلفة .. والقطاع العائلى تم تعويضه بشهادات الـ 15%.
.. والى نص الحوار
- هناك من يتوقعون ، فى ظل الظروف الراهنة، أن يتراجع الجنيه المصرى تدريجياً مقابل الدولار..ما هو رأيك فى تلك التوقعات؟
- فى تصورى هذه التوقعات قد جانبها الصواب ، لأنها بنيت على مقاييس نفسية يشوبها الخوف وعدم اليقين.
فإذا كنا نتفق أنه ومنذ التعويم وسعر صرف الجنيه المصرى أمام الدولار يتحدد من خلال آلية وحيدة هى ظروف العرض والطلب ، إذن دعنا نُقَيم باختصار شديد عوامل الطلب وعوامل العرض المؤثرة فى سعر الصرف ومنه يمكن استكشاف اتجاه الجنيه فى المدى القصير والمتوسط.
- وما هي جوانب العرض؟
- المصادر التقليدية للنقد الأجنبى وأهمها تحويلات العاملين فى الخارج ، وإيرادات قناة السويس ، والدخل من السياحة وإيرادات التصدير ، ثم تاتى المصادر غير التقليدية وأهمها الإستثمار الأجنبى المباشر وغير المباشر.
كل تلك المصادر جميعها وبدون استثناء ستتقلص التدفقات المتوقعه منها ، والأسباب معروفه ، بما يعنى أن مجمل تأثير جانب العرض على سعر الصرف هو تاثير سلبي.
- ولكن ما مدى مرونة جانب الطلب وقدرتة على التخفيف من النقص المؤكد فى تدفقات النقد الأجنبى السابق ذكرها ؟
- قولا واحدًا .. معظم عناصر الطلب الرئيسية سوف تنخفض وتتقلص أيضاً ، فلا يوجد إستيراد جديد يحتاج الى فتح إعتمادات بالنقد الأجنبى ، ولا يوجد سياحة خارجية ، ولا عمرة ولا سفر ، ولا علاج أو مؤتمرات فى الخارج ، إذن تأثير جانب الطلب سيكون إيجابياً وسوف يتوازن مع التأثير السلبى لجانب العرض .
ودعنا نقترب أكثر من بعض العوامل الجديدة التى طرأت على الساحة المحلية والدولية ، وتكون ذات تأثير حاسم على توجهات سعر الصرف.
- وماهي تلك العوامل ؟
- n أول تلك العوامل انخفاض أسعار النفط ، ومن حسن الحظ أننا بلد نستورد حوالى 35% من إحتياجاتنا ، واستمرار انخفاض أسعار النفط بهذا الشكل يوفر لنا مليارات الدولارات تتحول الى جانب العرض .
ثاني تلك العوامل هو تحرك الدولة بمجموعة من الحزم والمبادرات التمويلية لتنشيط الإئتمان لكل القطاعات ، ومرونة السياسة النقدية فى تبنى سياسة مزدوجة ، الأولى تنشيطية بخفض الفائدة لصالح دفع النمو ، والثانية تقييدية حينما تسمح بوعاء إدخارى جديد للقطاع العائلى بفائدة مرتفعة ، ويكون الغرض هو العمل على استقرار وتوازن الإقتصاد وحمايته من مظاهر ركود إقتصادى مستورد ، وأيضا تجنب أية ضغوط تضخمية .
وهنا نشير أيضا الى بعض التوجيهات التى أصدرها البنك المركزى وفى باطنها ، بشكل غير مباشر ، دعم لآليات استقرار الجنيه المصرى بدون التدخل المباشر ، ومن تلك التوجيهات ، خفض أسعار الفائدة على الودائع الدولارية ذات العائد المتغير لدى البنوك العاملة بالسوق المصرية ، بحيث لا تزيد عن 1% فوق سعر الليبور لثلاثة أشهر ، وأيضا تحديد الحد الأقصى لأسعار الفائدة للأوعية الإدخارية الدولارية ذات السعر الثابت بحد أقصى لا يزيد عن 2.5% ٪ ، ولا يخفى على أحد أن مثل هذا الإجراء سوف يؤدى الى أن الدولار كوعاء استثمارى لن يكون مُجدياً بالنسبة للمدخرين مقارنةً بفائدة الجنيه المصرى ، خاصة مع وجود وعاء إدخارى لمدة عام يحقق عائدا شهريا قدره 15% ، وهو الأمر الذى يقلص من جانب الطلب ويقضى على أى احتمال لعودة ظاهرة الدولرة .
أما ثالث تلك العوامل فهو بالقطع وجود إحتياطى قوي بالنقد الأجنبى يُغطى الإحتياجات الإستيرادبة لمصر عند الحاجة، لمدد تزيد عن 9 أشهر ويَكْفُل سداد أقساط وفوائد القروض الدولية فى توقيتاتها.
- إذا كان الوضع كذلك فما هي توقعاتك لمستقبل سعر الجنيه مقابل الدولار؟
- نؤكد وجه نظرنا فى أن الجنيه المصرى سيظل مستقراً أمام الدولار الأمريكى عند المستويات الحالية خلال الثلاث أشهر القادمة، حول مستوى 15.7 جنيه لكل دولار مع ميل نفسى للهبوط الى مستوى مقاومة عند 16 جنيها لكل دولار.
- اتخذت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري قبل عدة أيام قرارا مفاجئا بخفض أسعار العائد لدى المركزي بنسبة 3% دفعة واحدة .. ما هو رأيكم فى هذا القرار.
- لم تكن مفاجئة لجنة السياسة النقدية أن تعلن خفض أسعار الفائدة ، ولكن كانت المفاجئة في مدى التخفيض ومفاجئة التوقيت ، حيث قررت ذلك فى إجتماع طارئ وإستثنائى ، وكانت نسبة الخفض التى أجرتها هى أكبر نسبة خفض تتم دفعة واحدة فى تاريخ البنك المركزى المصرى .
وأرى أنه لم يكن هناك مجال أمام البنك المركزى المصرى أن يقف ساكناً أمام الظروف الراهنة التى يمر بها العالم ، ومصر جزء منه ، فكان على البنك المركزى المصري المبادرة بإتخاذ الإجراءات والتدابير الإحترازية للتخفيف من آثار وتداعيات فيروس كورونا السلبية المحتملة على الإقتصاد المصرى ، وتجنب إحتمالات تولد ضغوط انكماشية .
لقد تحرك البنك المركزي وفق برنامج وخطة مرنة ومعدة مسبقاً وجاهزة للتنفيذ وفقا لتطور الأمور وتلاحق الأحداث ، العالمية والمحلية.
– وما هى أهمية هذا القرار من وجهة نظركم؟
— خفض الفائدة سيشجع القطاعات الإنتاجية المختلفة علي التوسع والحصول علي تمويل بتكلفة أقل ، وبالتالى زيادة الإنتاج والمبيعات والأرباح.
إن حجم القروض الممنوحة من البنوك للقطاعات المختلفة يصل لنحو 1.8 تريليون جنيه، وتخفيض الفائدة بمقدار 3% على هذا المبلغ يحقق مصالح كبيره لتلك القطاعات ويساعدها على النمو وزيادة الأرباح .
أيضا من أهم إيجابيات قرار خفض الفائدة بهذا القدر الكبير هو استفادة الموازنة العامة للدولة الناتج من خفض كلفة الدين الداخلى ، ويخفف من العبء الذي تتحمله وزارة المالية ، خاصة أن حجم الدين الداخلى يصل لأكثر من 4 تريليون جنيه ، وخفض الفائدة بهذا القدر الكبير يحقق لها وفراً كبيراً أيضاً يمكن ان توجهه لمساعدة قطاعات الدولة الأخرى .
يستفيد من خفض الفائدة أيضا قطاعات كبيرة من العملاء ، التي تقوم البنوك بتمويل إحتياجاتهم من سلع إستهلاكية وأجهزة منزلية وسيارات ، سواء نقداً أو عن طريق البطاقات البلاستيكية ، وهوما يقلل تكلفتهم وينشط حركة الطلب المشتق على السلع والخدمات.
وأيضاً تخفيض أسعار الفائدة التى يدفعها المستهلكون على القروض العقارية وكل أنواع القروض الأخرى.
- وماذا عن القطاعات الأخري التى يمكن أن تتأثر بخفض الفائدة مثل القطاع العائلي؟
- القطاع العائلى دائما ما تكون مدخراته فى صدر اهتمام الجهاز المصرفي ، حيث تحرص البنوك على المحافظة على دخول هذا القطاع ، وتتجنب إنخفاضها فى ظل الظروف الراهنة ، ومن هنا ظهرت الشهادات الإدخارية ذات عائد الـ 15%.
هذا الوعاء الذى أحب أن أطلق عليه ” الوديعة الذكية ” متعددة الأهداف والفوائد ، حيث استطاع فى 5 أيام عمل فقط جذب مدخرات وصلت لأكثر من 29 مليار جنيه ، تمثل سيولة فائضة كان يمكن أن تسبب ضغوطا تضخمية على أسعار السلع فى هذه الظروف ، كما حالت دون ظهور أية بوادر للدولرة ، بجانب أنها رسخت خطوات متقدمة فى تحقيق الشمول المالى والدفع الإلكتروني ، حيث أن أكثر من 70% من عملية شراء تلك الشهادات تمت عن طريق القنوات التكنولوجية.
على الجانب الآخر ، وبمبادرة عادلة وجديدة ، قام البنك المركزى باستكمال عملية التنسيق وإعادة التوازن بين فئات أسعار الفائدة المميزة التى يوجهها لبعض القطاعات ، فقام بتخفيض الفائدة على قروض مبادرات الصناعة والتمويل العقارى لمتوسطى الدخل ، ودعم وتطوير فنادق السياحة ، وذلك بنسبة خفض نقطتين مئويتين لتكون 8% متناقصة بدلاً من 10% فى السابق ، ومن المعروف أن قيمة تلك المبادرات الثلاث تصل الى 200 مليار جنيه .
وهنا أحب أن أؤكد على الدور الفعال للسياسة النقدية ، التى وهى تستهدف تحقيق النمو للقطاعات الإنتاجية المختلفة وتتبنى سياسة تيسيرية بخفض الفائدة ، هى لا تنسى أيضا في نفس الوقت دعم مدخرات القطاع العائلى بمنتجات تتوافق مع الظروف الصعبة التى نمر بها ، إنها مهارة صانعى السياسة النقدية المصرية.