دكتور زكريا صلاح يكتب.. المبادرات والتطنيش عن سداد أقساط القروض
الأصل فى المبادرات التى قام بها البنك المركزي المصري التخفيف والتخفيض من أسعار العائد، وبالتالى تخفيض تكلفة الأموال، بما ينعكس على إنخفاض أسعار السلع والخدمات، ومساندة لسير العملية الإنتاجية، وعودة التشغيل، بما ينعكس على تخفيض معدلات البطالة وعدم الإستغناء عن العاملين، وتصنيع منتج محلى كبديل عن المنتج الأجنبى، الذى يتم استيراده ويكلف الدولة، فى صورة البحث عن موارد بالعملة الأجنبية للسداد، وعدم الضغط على العملة المحلية هذا على مستوى مبادرات الشركات ورجال الأعمال .
ونظراً لأن حدوث الأزمات وارد، وما يتبعه من آثار قد تؤدى الى حالة شلل فى الإقتصاد الكلى، كما هو الحال فى أزمة إنتشار فيروس كورونا، الذى لم يهدد صناعات وإقتصادات، بل هدد فى المقام الأول البشر وحياتهم، هذا بالإضافة الى التأثير بصورة كاملة على مستويات الدخول الأمر الذي دعا السلطات النقدية، ممثلة فى البنك المركزي المصري، إلى اتخاذ 17 إجراء أو يزيد للتعامل مع هذه الأزمة والتقليل من أثارها على إقتصاد الدولة وعلى الناس فى المقام الأول.
وأهم هذه الإجراءات وأكثرها عدالة كان فى صورة قرارات تأجيل سداد أقساط القروض لمدة 6 أشهر، والإعفاء من العمولات الخاصة ببعض الخدمات المصرفية، وتسهيل إجراءات الحصول على التمويل من البنوك حتى فى حالة العملاء الذين لم ينتظموا فى السداد من قبل، كل ذلك من أجل توفير دخول للأفراد للتعايش كتخفيف من إنخفاض الدخول بسبب توقف الإنتاج او عدم سير النشاط بصورته الطبيعية وتأثر الدخول بذلك.
هذا ومع قرب إنقضاء فترة الستة أشهر أصبح من الضرورى المسارعة فى الإعداد لسداد هذه الأقساط وعدم المطالبة بالتجديد، لأن أثار هذا التأجيل والقرار الذى تم إتخاذه يؤثر بصورة كبيرة على القطاع المصرفى وإيراداته والتدفقات النقدية التى تستخدم فى تمويل طالبى الإئتمان وإقامة المشروعات للتشغيل، وهو الشق الأساسي فى عملية الوساطة المالية، هذا بالإضافة الى أن هذه الأموال أموال مودعين، يدفع عنها البنك عوائد لهم.
فخلال فترة تأجيل الأقساط وتوقف التدفقات النقدية الخاصة بها، كانت البنوك مستمرة فى سداد أموال المودعين والعوائد المرتبطة بها ولم تؤجلها.
لذلك كما تحملت البنوك التضحية خلال الفترة الماضية ولبت قرار البنك المركزى بتنفيذ عملية تأجيل السداد من الواجب الآن “عدم التسويف والتطنيش” عن سداد أقساط القروض والعودة فى الإنتظام فى السداد وبنفس الوتيرة كسابق عهد التعامل مع البنوك، لأن توقف سريان الدم فى الشرايين يقتل صاحبه، كذلك الأمر بالنسبة للبنوك، فتوقف التدفقات يؤدى الى شلل فى تقديم الأموال لمشروعات البنية الأساسية ومشروعات القطاع الخاص وتشغيل العمالة وبالتالى الإنهيار الإقتصادى .
أعرف أن كلمة “تطنيش” لفظ دارج، لكنه هو الوحيد الذى يمكن أن يصف التفكير فى عدم رد الجميل أو المعروف للبنوك، التي تحملت هذه القرارات، مساندة منها للمجتمع وتأثر الانشطة الاقتصادية نتيجة توقف سلاسل الإمداد والمصانع وتأثر الدخول لكنه كما لاحظنا خطورة تنفيذ هذه الكلمة مع أموال البنوك وليس من شك فى أن البنك المركزى والقطاع المصرفى لديه من الآليات والأدوات التى يمكن أن يستخدمها فى الحفاظ على حقوقه، وإلزام العملاء برد الأموال، لكن نحن نريد ان نتعامل بمفهوم رد الجميل والمعروف للبنوك وليس التطنيش.
دكتور زكريا صلاح
الخبير المصرفى