ارتفاع التضخم يفرض غموضا حول قرار ” السياسة النقدية ” بشأن الفائدة في اجتماعها غدا
محمد عبد العال : 3 عوامل قد ترى لجنة السياسة النقدية معها أنه من المناسب خفض الفائدة بين 50 إلى 100 نقطة أساس
طارق متولي : أتوقع تثبيت الفائدة فرغم ارتفاع التضخم إلا أنه لايزال في حدود المستهدف من جانب المركزى للعام الحالي
رضوى السويفي : أتوقع إبقاء البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير بعد خفضها 4% العام الجاري
مونيت دوس: مصر تقدم عائدا حقيقيا بعد الضرائب يبلغ 3.56% وهو أعلى بشكل ملحوظ من تركيا التي تقدم عائدا حقيقيا -1.60%
زاد ارتفاع التضخم خلال شهر نوفمبر 2020 من حالة الغموض التي تكتنف السوق حول القرار المرتقب للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري ، بشأن فائدة الجنيه ، خلال إجتماعها الأخير في العام الجاري ، والمقرر عقده غدا الخميس.
وكشف البنك المركزي مؤخرا عن تسجيل الرقم القياسى الأساسي لأسعار المستهلكين المعد من جانبه معدلا شهريا بلغ صفر فى نوفمبر 2020، مقابل معدل سالب بلغ 0.1% فى نوفمبر 2019، ومعدل شهري بلغ 1.7% فى أكتوبر 2020.
وقال البنك المركزي ، في بيان له ، إن المعدل السنوي للتضخم الأساسي سجل 4% فى نوفمبر 2020، مقابل 3.9% فى أكتوبر 2020.
في الوقت نفسه قال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إن تضخم أسعار المستهلكين بالمدن المصرية سجل 5.7% في شهر نوفمبر الماضي مقابل 4.5% في أكتوبر2020.
أوضح الجهاز أن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية بلغ 111.2 نقطة لشهر نوفمبر 2020، مسجلاً ارتفاعاً قدره 1.1% عن شهر أكتوبر 2020.
وبحسب الجهاز ، فإن أسباب هذا الارتفاع تعود إلى زيادة أسعار مجموعة الخضروات بنسبة 25.0%، ومجموعة الحبوب والخبز بنسبة 0.6%، ومجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 2.7%، ومجموعة خدمات مرضى العيادات الخارجية بنسبة 0.5%، ومجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 0.4%، ومجموعة خدمات الفنادق بنسبة 1.3% ، ومجموعة الوجبات الجاهزة بنسبة 0.5%.
يأتي ذلك رغم انخفاض أسعار مجموعة الفاكهة بنسبة 4.6%، مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 0.4% ومجموعة معدات خدمات الهاتف والفاكس بنسبة 0.6%.
أشار الجهاز إلى تسجيل معدل التضـخم السنوي لإجمالي الجمهورية 6.3% لشهر نوفمبر 2020 ، مقابل 4.6% فى شهر أكتوبر 2020 ، و2.7% في نوفمبر 2019.
ومن جانبه أكد محمد عبد العال الخبير المصرفي المعروف أن معدل التضخم لا يزال تحت السيطرة ، وفي المدى المستهدف من جانب البنك المركزي.
أوضح ان ارتفاع معدل التضخم لشهر نوفمبر 2020 ، إلى 6.3% مقابل 4.6% في شهر أكتوبر 2020 ، و2.7% في نوفمبر 2019 ، يأتي نتيجة زيادة أسعار بعض السلع الداخلة في تركيبته بنسب أعلى من السلع التي انخفضت أسعارها.
” حقيقة الأمر أنه رغم الإرتفاع النسبي فى معدل التضخم ، إلا أنه في تصوري ظاهرة إيجابية ، تعكس ازدهار النشاط الإقتصادي ، وزيادة الطلب المشتق على السلع والخدمات ، نتيجة النمو الذي حدث تحت تأثير خفض تكلفة التمويل وحزم المبادرات المحفزة للنمو والإجراءات التيسيرية الأخرى.
أشار إلى أنه رغم هذا الإرتفاع في معدل التضخم فإنه يمكن القول إن مستواه الحالي سيظل تحت السيطرة ، وسيظل رقما أحاديا ، وسيظل في المدى المستهدف من جانب البنك المركزي والبالغ 9% ± 3%.
يتوقع محمد عبد العال أن يستمر معدل التضخم مستقرا في حدود 5.5 % إلى 6% حتى نهاية هذا العام ، ليعكس تباعد إمكانية ظهور أية إحتمالات لركود إقتصادي ، ومتأثرا أيضا بتأثير سنة الأساس التى يقاس عليها ، وتأثير الإنخفاضات الحادة التي حدثت في الربع الأخير من 2019.
أشار إلى أنه إذا كنا نبحث عن توجهات فائدة الجنيه في المستقبل القريب وتحديدا في الإجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية ، فإنه يتعين علينا التأمل في العوامل الأخرى ، غير التضخم ، التي قد تؤثر في تحركات أسعار الفائدة ومنها أن إستراتيجية السياسة النقدية هي ما زالت مستمرة كسياسة شديدة التحفيز للنمو الإقتصادي ، مستهدفة التضخم وزيادة معدلات التشغيل في آن واحد.
أوضح أن السياسة النقدية للبنك المركزي المصري حاليا تستهدف تحريك الإقتصاد بسرعة ، حتى يتمكن من مواجهة ومقاومة تداعيات صدمة كورونا الأولى ، وتجنب مخاطر إحتمالات أية مشاكل للموجة الثانية ، وهو ما يتطلب الإستمرار في ضخ مزيد من السيولة ، وزيادة الإنفاق العام في المشروعات القومية ، ودعم كل الأنشطة الإقتصادية بشكل عام ، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والسياحة بصفة خاصة.
لفت إلى أنه بالطبع في ظل تلك السياسة يكون الإستمرار في خفض الفائدة أمر مرحب به ، إذا لم يكن يتعارض مع فعاليات إقتصادية أخرى.
وبحسب عبد العال فإن العامل الثاني المؤثر في القرار القادم للجنة السياسة النقدية بشأن الفائدة ، أنه ما زال هناك فارق فائدة حقيقي بين معدل التضخم ، حتى بعد ارتفاعه ، ومتوسط أسعار منحنى العائد بالجنيه المصري ، وهو فارق كبير مقارنة بالمقاييس النمطية ، التي تشير إلى أن الفارق النموذجي أو الأمثل لا يزيد عن 3% فوق معدل التضخم، بينما الأمر على أرض الواقع في مصر يصل هذا الفارق إلى 6%.
أشار إلى أن هذا الأمر يعطي للبنك المركزي المصري أو لجنة السياسة النقدية مساحة مناسبة لإمكانية إجراء خفض جديد للفائدة ، لافتا إلى انه إذا حدث ذلك ستظل أسعار الفائدة الحقيقية مشجعة لكل اللاعبين في السوق ، مقترضين ومودعين ، وأيضا المستثمرين الأجانب في أدوات الدين المصرية.
“من ناحية أخرى ، وهو العامل الثالث في تحديد مصير فائدة الجنيه ، نجد أن هناك تحسنا في معدل البطالة خلال الربع الثالث من العام الجاري ، بنسبة 2.3 %، ليصل إلى 7.3% مقارنة بـ 9.6٪ في الربع الثاني ، كما أن هناك استقرار في سعر الصرف ، بجانب أن تحويلات العاملين بالخارج ، والإستثمار الأجنبي غير المباشر في أوراق الدين العام ما زالت كلها تحقق أرقاما قياسية ومستقرة مع الميل للزيادة ، بالإضافة إلى حالة التفاؤل التي تسود العالم الآن لانحسار الآثار الإقتصادية والمالية لكورونا مع بداية التطعيم ضد الفيروس تدريجيا في بعض الدول” ، بحسب عبد العال
أضاف ، ” في ضوء ذلك أتصور أن اللجنة قد ترى أنه من المناسب أن تقوم بإجراء خفض للفائدة بين 50 إلى 100 نقطة أساس ، لمزيد من دفع النمو الإقتصادي ، وسعيا لخفض تكلفة الدين العام الداخلي ، وتقليصا للفروق بين الأسعار الحقيقية المتعامل بها إقتراضا من البنوك وبين أسعار المبادرات التي يطرحها البنك المركزي”.
ومن جانبه يتوقع طارق متولي الخبير المصرفي تثبيت سعر الفائدة فى الإجتماع القادم والأخير للجنة السياسة النقدية في هذا العام.
أوضح أنه رغم ارتفاع التضخم إلا أنه لايزال في حدود المستهدف من جانب البنك المركزى للعام الحالي.
أكد متولي أن السياسة النقدية للبنك المركزي المصري تعاملت بنجاح مع هذا الملف ، لافتا إلى أنه رغم تخفيض سعر الفائدة بنحو 4٪ خلال العام الجاري ، إلا أن مستواها الحالي ما زال يعطي الأفضلية للجنيه بسعر فائدة حقيقي وموجب، وهو مايزيد من جاذبية الجنيه المصرى للإستثمار الأجنبى مقابل العملات الأخرى، سواء على المستوى العالمى أو الأسواق الناشئة.
أضاف أن هذا الأمر كانت له إنعكاسات جيدة فى زيادة الإستثمار الأجنبي فى أدوات الدين الحكومي وتغطية الفجوة فى النقد الأجنبي، بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا على الإقتصاد المحلي وتأثر عائدات السياحة والتصدير.
أشار متولي إلى أنه كان لنجاح السياسة النقدية للبنك المركزى مردود إيجابي أيضا فى استقرار سوق الصرف الأجنبي وزيادة تحويلات المصريين بالخارج، وزيادة الإحتياطي النقدى للبلاد الى مستوى 39.2 مليار دولار بنهاية نوفمبر الماضي، والمحافظة على معدلات التضخم فى الحدود الآمنة والمستهدفة، وكذلك المحافظة على معدلات نمو موجبة، فى ظل نمو بالسالب لمعظم إقتصاديات العالم.
يأتي ذلك في الوقت الذي توقعت فيه رضوي السويفي رئيس قسم البحوث ببنك الإستثمار فاروس إبقاء البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية غدا ، بعد خفضها 4% العام الجاري.
أوضحت السويفي أن معدل التضخم قفز في إجمالي مصر في نوفمبر ، حيث وصل إلى 1.1% مقارنة بالشهر السابق و 6.3% على أساس سنوي ، مقابل 0.2% على أساس شهري و5.3% على أساس سنوي في أكتوبر، متوقعة أن تنتهي السنة المالية 2020/21 بمتوسط 4.9%.
أضافت أن معدل التضخم ارتفع في الحضر أيضًا ، حيث بلغ 0.8% شهريًا و 5.7% سنويًا في نوفمبر ، مقارنة بـ 0.2% شهريًا و 5.1% سنويًا في أكتوبر، متوقعة أن ينتهي التضخم الحضري السنة المالية 2020/2021 بمتوسط 5.0%.
تابعت أن معدل التضخم في نوفمبر تجاوزت توقعات فاروس البالغة 0.3% شهريًا و5.4% سنويًا لإجمالي مصر و 0.3% شهريًا و 5.1% سنويًا لمصر الحضر.
أشارت إلى أن إرتفاع التضخم هذا الشهر جاء نتيجة نمو قطاع الأغذية والمشروبات بنسبة 3.2% مقارنة بالشهر السابق ، وهو أعلى نمو له منذ أبريل 2020 ، بعد النمو الضعيف للغاية والسلبي للفئة في بعض الأحيان خلال عامي 2019 و 2020.
أضافت أن تقلب أسعار الخضروات كان مسؤولاً عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية ، حيث ظلت معظم الفئات مستقرة بينما شهدت أسعار بعض الخضروات الرئيسية مثل الطماطم زيادة بنسبة 130% مقارنة بالشهر السابق.
من جانبها توقعت إدارة البحوث بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار أن يبقي البنك المركزي المصري سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقرر انعقاده غدا الخميس.
وقالت مونيت دوس، محلل أول الإقتصاد الكلي وقطاع الخدمات المالية بالشركة : ” نعتقد أن التضخم لشهر ديسمبر يمكن أن يرتفع إلى 6.1% على أساس سنوي و 0.2% على أساس شهري تصحيحًا لزيادات الأسعار في نوفمبر الناتجة عن نقص المعروض من بعض الخضروات ، ومع ذلك، يظل في نطاق التضخم المستهدف للبنك المركزي عند 9% (+/- 3%) للربع الرابع من عام 2020 ، نعتقد أن تراجع مستويات البطالة إلى 7.3٪ في الربع الثالث من عام 2020 من 9.6٪ في الربع السابق قد انعكس إيجابياَ على الإنفاق الاستهلاكي مؤخرًا”.
أضافت ، ” نعتقد أيضا أنه يوجد تحسن نسبي في ثقة المستثمرين جنبًا إلى جنب مع سياسة التيسير النقدي التي بدأت تؤتي ثمارها ، كما يتضح من مؤشر مدراء المشتريات المصري (PMI) الذي تجاوز المؤشر القياسي 50 في سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، حيث وصل إلى 50.4 و 51.4 و 50.9 بالترتيب”.
” بالرجوع الي توقعاتنا لتضخم شهر ديسمبر، نقدر سعر الفائدة الحقيقي على الودائع قصيرة الأجل والقروض بـقرابة 2% و 4% بالترتيب، وبذلك تكون فوق متوسط معدلاتها لـ 12 عاما عند -3% و 1% تقريبا” ، بحسب دوس
تابعت ، “على صعيد آخر، نتوقع أن تتباطأ التدفقات الأجنبية إلى سوق أدوات الدين المصري خلال الأشهر المقبلة ، بسبب احتمال تحويل رؤوس الأموال نحو أسهم الأسواق الناشئة المتعافية، ذلك إلى جانب خروج رأس المال المحتمل بسبب حركة جني الأرباح في ديسمبر”.
أوضحت ، أنه مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى، تقدم مصر عائدا حقيقيا ، بعد الضرائب ، يبلغ 3.56% (وذلك بحساب معدل أذون الخزانة للعام الواحد عند 13.0% ، وتوقعاتها للتضخم عند 8.0٪ لعام 2021 ، وباحتساب 15% ضرائب على أذون الخزانة المفروضة على المستثمرين الأمريكيين والأوروبيين) ، لافتة إلى أن هذا العائد أعلى بشكل ملحوظ من تركيا التي تقدم عائدا حقيقيا عند -1.60% (وذلك بحساب معدل أذون الخزانة للعام الواحد عند 9.6% وتوقعات بلومبرج للتضخم عند 11.2٪ لعام 2021 وباحتساب صفر % ضرائب)، مع انخفاض مستوي المخاطرة بالنسبة لمصر ، حيث إن مبادلة مخاطر الائتمان (CDS) للعملة الأجنبية للخمسة أعوام يبلغ حاليا 353 مقارنة بـ 378 لتركيا.
ترى دوس أن البنك المركزي المصري لديه مجال لخفض سعر الفائدة 100 نقطة أساس في الربع الأول من عام 2021، بينما تتوقع أن يبقي المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل ، حيث أنها لا تتوقع أن تظهر الأسواق استجابة ملحوظة لتغيير سعر الفائدة خلال هذا الوقت من العام.