بلومبرج : ارتفاع عوائد السندات الأمريكية يضع عملات الأسواق الناشئة في مأزق
تسبَّب تباطؤ التعافي الاقتصادي، وتجدُّد انتشار فيروس “كورونا” في تعريض عملات الأسواق الناشئة لعمليات البيع، بعد عودة عوائد سندات الخزانة للارتفاع مرة أخرى، بحسب بلومبرج.
ورغم تضاؤل تأثير تكاليف الاقتراض الأمريكية على عملات الدول النامية في الأشهر الأخيرة؛ فقد تعود إلى الصدارة نسبة للأصول ذات المخاطر العالية، حيث تضعف آثار الاحتياط من انتعاش النمو في الصين، وانخفاض التضخم، وفقاً لمديري الأموال بما في ذلك “فيديلتي إنترناشيونال” ، و”كريدي أجريكول.
وقال بول جرير، مدير الأموال في “فيديليتي” (Fidelity) في لندن، التي تشرف على حوالي 700 مليار دولار؛ إنه سيكون للتحرُّك السريع والحاد للغاية إلى الأعلى في العوائد الحقيقية للسندات الأمريكية نتيجة سيئة للغاية على عملات الأسواق الناشئة.
وستبقى التقلُّبات على منحنى أسعار السندات الأمريكية، خاصة في فضاء العائد الحقيقي، المحرِّك المهيمن للزخم على المدى القريب جداً.
وحصلت عملات الأسواق الناشئة على لمحة بشأن الاضطرابات التي قادتها وزارة الخزانة الأسبوع الماضي، عندما سجَّلت أكبر خسارة منذ التاسع من يوليو، إذ قفز العائد على السندات لأجل عامين.
وقد يتفاقم الألم إذا أكَّدت البيانات الاقتصادية الرئيسية، بما في ذلك الإنتاج الصناعي الصيني، وأسعار المستهلك في جنوب إفريقيا، التوقُّعات بتدهور الصورة الكلية.
وبعيداً عن تقارير هذا الأسبوع؛ قد تأتي إشارة المتداولين الكبيرة بشأن اتجاه سياسة الاحتياطي الفيدرالي من اجتماع “جاكسون هول” في وقت لاحق من هذا الشهر.
وانخفض المقياس المعياري لعملات الأسواق الناشئة بحوالي 2% عن المستوى القياسي في يونيو، وهو على وشك محو مكاسبه هذا العام.
في حين أنَّ ارتباطه لمدَّة 120 يوماً بعائد السندات لأجل العامين في الولايات المتحدة ظلَّ ثابتاً بالقرب من الصفر، مما يعني أنَّهم يتحرَّكون بشكل مستقل عن بعضهم، في حين يحذِّر مديرو الأموال من التراخي.
ويأتي الارتباط المتضائل بعد تراجع عوائد سندات الخزانة في الشهرين الماضيين.
ورغم أنَّ معدلات الفائدة المنخفضة في الولايات المتحدة شجَّعت المستثمرين للسعي إلي الحصول على عوائد أعلى، إلا أنَّ أسعار الصرف في الأسواق الناشئة لم تنجح في تحقيق فائدة، وسط مخاوف من أنَّ سلالة “دلتا” المتحوِّلة شديدة العدوى لفيروس كورونا ستعيق النمو المحلي.
وقال ويتولد باهريك، كبير محللي الاقتصاد الكلي في شركة “نورديا إنفيستمنت” (Nordea Investment)، ومقرُّها كوبنهاجن؛ إنهقد يكون النمو والسيولة في الواقع أعنف رياح معاكسة في النصف الثاني، كما قد يفسِّران أيضاً سبب عدم دعم انخفاض العائدات الأمريكية لعملات الأسواق الناشئة في يوليو.
وتحدَّد التوقُّعات على المدى المتوسط لعملات الأسواق الناشئة في المقام الأول من خلال ثلاثية من العائدات، وديناميكيات النمو والسيولة.
ورغم أنّ حساسية عملات الأسواق الناشئة تجاه تحرُّكات وزارة الخزانة تذبذبت على مرِّ السنين، إلا أنَّه لا يمكن أبداً استبعاد تأثير عائدات السندات الأمريكية على عوائد السوق المحلية، وفقاً لشركة “أفيفا إنفيستورز” (Aviva Investors).
وقال كيرت نولسون، كبير مديري محفظة ديون الأسواق الناشئة في لندن في شركة “أفيفا”: إنه ما يزال الارتفاع المزعزع للاستقرار في العائدات الحقيقية للسندات الأمريكية أحد أكبر المخاطر على فئة الأصول، مما يضعف قنوات الأسهم والائتمان، ويؤدي إلى هروب رأس المال الأكثر أهمية في الأسواق الناشئة.
وستعاني العملات ذات العوائد الأعلى في الأسواق الناشئة أكثر من غيرها، عند حدوث زيادة كبيرة وسريعة في عوائد سندات الخزانة قصيرة الأجل. وستشهد الروبية الإندونيسية والليرة التركية، على وجه الخصوص، تآكل ميزة العائد الخاص بهما والمزيد من الضعف؛ لأنَّ هذه الدول أكثر اعتماداً على التمويل الخارجي، وفقاً لـ”كريديه أجريكول”.
في الوقت نفسه؛ فإنَّ العملات التي يُنظر إليها على أنَّها مدعومة بنمو أقوى، وإدارة أفضل لكوفيد 19، وحكومات أقل اعتماداً على التمويل الخارجي ستكون أكثر مرونة، كما قال إيدي تشيونغ، كبير محللي الأسواق الناشئة في “كريدي أجريكول” في هونغ كونغ، الذي يراهن على الدولار التايواني واليوان الصيني.
وفي الوقت الحالي، يلقي انتشار سلالة “دلتا” المتحوِّلة، وعمليات الإغلاق بثقلهما على توقُّعات النمو للاقتصادات النامية، إذ تتأخر برامج التطعيم عن تلك الموجودة في أمريكا الشمالية وأوروبا.
وتُضعف المخاطر الاقتصادية المتصاعدة في الصين جاذبية عملات الدول النامية بشكل أكبر.
وقال أوليفر هارفي، استراتيجي في “دويتشه بنك” بلندن، إن فئة الأصول هذه ستواجه عدداً من المعوقات، من بينها انخفاض فروق النمو مع الولايات المتحدة، والحساسية لسلالة “دلتا” المتحوِّلة بسبب سرعة توفير اللقاح الأقل تقدُّماً، والتضخم الثابت نسبياً، والمخاوف بشأن السياسة التنظيمية والمالية الصينية، ويكمن التعويض الوحيد في المستويات المنخفضة نسبياً من التقلُّبات الأوسع في الأسواق.