أسواق المال تترقب قرار “الفيدرالي الأمريكي” بشأن الفائدة بنهاية اجتماعه اليوم
يستعد صانعو السياسات في الاحتياطي الفيدرالي للإشارة إلى خططهم لرفع أسعار الفائدة لأول مرة منذ 2018، ومناقشة تقليص المركز المالي المتضخم في سعيهم لكبح جماح التضخم الأكثر سخونة منذ ما يقرب من 40 عاماً.
وبحسب بلومبرج ، فمن المؤكد أن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ستحافظ على الفائدة القياسية قرب الصفر بعد اجتماع السياسة الذي يستمر ليومين وينتهي اليوم الأربعاء، مع التمسك بخطتها لتقليص مشتريات الأصول وإنهائها في مارس.
وستصدر اللجنة بياناً الساعة 2 مساءً بتوقيت واشنطن وسيعقد الرئيس جيروم باول مؤتمراً صحفياً بعد 30 دقيقة، ولن تُنشر توقعات في هذا الاجتماع.
ومع انخفاض معدل البطالة الأمريكي إلى ما دون 4% الشهر الماضي، من المرجح أن تقول اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أن الاقتصاد بلغ (أو بالقرب من) حالة التوظيف الكاملة، وقد يكون من المناسب اتخاذ خطوة أولى نحو رفع أسعار الفائدة قريباً، وربما في الاجتماع القادم في 15-16 مارس.
ويتوقع صانعو السياسات 3 زيادات في الفائدة في 2022 في “المخطط النقطي” في ديسمبر، وأكد عدد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي على التحرك لرفع أسعار الفائدة في مارس.
وقال فينسينت راينهارت، كبير الاقتصاديين في “درايفوس آند ميلون”، والرئيس السابق لقسم الشؤون النقدية في الفيدرالي: “إنهم يمقتون مفاجأة الأسواق تماماً.. وسيتمحور اجتماع يناير في الغالب حول الحديث – تجاه منح المشاركين في السوق إطار عمل لإدراك أن المسؤولين سيعملون على مجموعتين من أدوات السياسة، التقليدية وغير التقليدية، من خلال تحرك السياسة المتعلقة بالفائدة وسيعلمونك بأنه سيكون لديهم استراتيجية لتقليص حجم المركز المالي قريباً”.
وقال توم أورليك، كبير الاقتصاديين في بلومبرج إيكونوميكس: “تتوقع بلومبرج إيكونوميكس الإبقاء على أسعار الفائدة، على أن تظل وتيرة التقليص التدريجي الحالية كما هي في اجتماع يناير، كما أن الهدف الرئيسي من الاجتماع هو أن ترسل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة رسالة مفادها أنه سيتم رفع أسعار الفائدة في مارس، على أن يبدأ تقليص المركز المالي العام الجاري. ونتوقع أن تفعل ذلك بحذر مع التأكيد على عدم اليقين والمخاطر السلبية على النمو نظرًا لأننا ما زلنا في منتصف موجة متحور أوميكرون”.
ومن المقرر أن تنهي اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة مشتريات الأصول في مارس – وهي وجهة نظر كررها باول في شهادته أمام الكونغرس مؤخراً، ومع ذلك يقول بعض الاقتصاديين إن اللجنة قد تناقش إنهاء شراء السندات في وقت أقرب.
وقال توماس كوستيرج، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في “بيكتيت ويلث مانجمنت”: “ستكون المفاجأة هي إنهاء التيسير الكمي في فبراير بدلاً من مارس.. ولكن بعد فهم الأمر بالأخير، سيكون الأمر مجرد نصف مفاجأة، وفي الواقع يمكن أن يبدو منطقياً، نظراً لوجود إجماع ساحق” على أنه لا حاجة بعد الآن إلى المحفزات.
ومن المرجح أن يقول البيان إن سوق العمل في الولايات المتحدة واصل إحراز تقدم نحو مستوى التوظيف المستهدف للاحتياطي الفيدرالي، وفي ظل ارتفاع التضخم فوق الاتجاه، فمن المرجح إنهاء السياسة الميسرة قريباً. وستعطي الصياغة الدقيقة بعض المؤشرات حول مستوى الالتزام بالتقليص حتى شهر مارس، كما أن الإشارة إلى “الاجتماع التالي” ستوحي بأن قرار الفائدة قد اتُخذ بالفعل.
وقالت جوليا كورونادو، مؤسسة شركة الأبحاث “ماكرو بوليسي بيرسبيكتيف” (MacroPolicy Perspectives): “يفترض أن يكون هناك ميل واضح في البيان لرفع قادم للفائدة قريباً”.
ورغم الدعوات التي تطالب الفيدرالي برفع الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في مارس، فإن معظم الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع “بلومبرج” لم يروا ذلك محتملاً، كما عارض محافظ الفيدرالي كريستوفر والر، في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرج” في 13 يناير، مثل هذه الخطوة لكنه لم يستبعدها في المستقبل إذا لزم الأمر.
ورغم أن متحول أوميكرون أدى إلى بعض التراجع في البيانات الاقتصادية الأحدث نتيجة إصابة المزيد من العمال بالمرض، فقد تختار اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة غض الطرف عن ذلك والتأكيد على قوة الظروف الاقتصادية وسوق العمل.
وفي إشارة إلى التقليص المستقبلي للمركز المالي في وقت لاحق من العام، يمكن تعديل البيان لإزالة التوجيهات الاسترشادية للفيدرالي باستخدام “مجموعة كاملة من الأدوات” بما يعكس أن شراء الأصول سيكون قريباً غير مطروح على الطاولة، وفقاً للاقتصاديين في “دويتشه بنك”.
واعتادت اللجنة في اجتماعات يناير من السنوات الماضية، الموافقة على بيان بشأن الأهداف والاستراتيجيات طويلة المدى، والذي عدلته في أغسطس 2020 للتأكيد على هدف التوظيف الكامل من خلال الدعوة إلى مكاسب واسعة النطاق وشاملة.
ورغم انتقادات البعض للاستراتيجية، فمن المحتمل أن يُعاد التأكيد على إطار العمل دون أي تغييرات مثل يناير 2021.
ومن المرجح أن يتعرض باول لضغوط بشأن خطط الفيدرالي لتطبيع السياسات، رغم أنه مع مواصلة كوفيد 19 في الإضرار بسوق العمل من بين مخاطر أخرى، فقد يختار توخي الحذر في تصريحاته، ومن المحتمل أن يُسأل عن خطط تقليص المركز المالي البالغ 8.87 تريليون دولار، وهو أمر من المتوقع أن تواصل اللجنة الفيدرالية مناقشته هذا الاجتماع.
وقال باول بالفعل إن العملية ستبدأ على الأرجح في وقت لاحق من العام الجاري، ويتوقع الاقتصاديون الذين شملهم الاستطلاع من قبل “بلومبرج” أن يبدأ تقليص المركز المالي بالأوراق المالية المستحقة في سبتمبر.
وقال جاس فاوتشر، كبير الاقتصاديين في مجموعة “بي إن سي فاينانشال سيرفيسز”: “لا أتطلع إلى أن يكون الرئيس باول محدداً كثيراً .. فلا يزال متحول أوميكرون موجوداً، وهم يريدون أن يحتفظوا ببعض المرونة” فيما يخص خطط المركز المالي.
ومن المرجح أن يواجه رئيس الفيدرالي أسئلة متكررة بشأن التضخم، الذي يقف الآن عند 7%، الأعلى منذ 1982، ورغم أن مسئولي الفيدرالي ألقوا باللوم في جزء كبير من الارتفاع على اضطرابات التوريد المرتبطة بكوفيد، بما في ذلك المتحول الأحدث أوميكرون، فقد كانوا مخطئين في توقعاتهم المبدئية بأن ارتفاع الأسعار لن يستمر.
ولم يكن من المتوقع أن يقلق باول من التراجع الأخير في سوق الأسهم، لكنه قد يختار التركيز على أن الفيدرالي يراقب دوماً المخاطر الاقتصادية العالمية وأن سياساته مرنة وتعتمد على البيانات.
وقالت ليندسي بايجزا، كبيرة الاقتصاديين في “ستايفل نيكولاوس آند كو” (Stifel Nicolaus & Co): “لا أعتقد أنهم سيحصرون أنفسهم في زاوية”.
وأضافت أن المرونة في دورة التشديد ستكون مهمة في الوقت “الذي تتعامل فيه مع المخاطر الدولية في روسيا، وإدراك أن رفع الفائدة لن يساعد في تهدئة الضغوط التضخمية الناتجة عن مشكلات جانب العرض، وحقيقة أن الطلب يهدأ فعلياً بفعل تراجع المدخرات والدعم المالي وهبوط سوق الأسهم”.