محمد عبد العال يكتب عن .. الضغوط الاقتصادية والقلق النفسي !!
يمكن أن يزيد الضغط المالي من خطر الإصابة بالاكتئاب
تؤثر الضغوط الاقتصادية بشكل كبير على نفسيات الناس وعلى مزاجهم العام ، عندما يواجه الأفراد ضغوطًا متصلة مالية مثل البطالة أو الديون من ناحية ، أو ارتفاع التكاليف الحياتية أو تراجع الدخل الحقيقى من ناحية أخرى.
مثل تلك الظواهر والشواهد التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان في كل مكان ، سواء بشكل متقطع أو بصفة مستمرة ، تكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في أن يحدث تأثير سلبي على صحة العقل والأعصاب والعاطفة.
وهناك نماذج متعددة تصادف كل واحد منا من تلك الضغوط الاقتصادية ، ومنها الضغط المالي ، الذي يسبب القلق والتوتر الشديدين ، حيث يشعر الأشخاص بالقلق بشأن قدرتهم على الحفاظ على مستوى معيشتهم، وتلبية احتياجاتهم الأساسية، ودفع الفواتير، مما يؤدي إلى توتر نفسي عام.
الضغط المالي يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب ، حيث يشعر الأشخاص المتعرضون للضغط المالي بالعجز والإحباط، ويصعب عليهم الشعور بالسعادة والرضا في حياتهم اليومية ، كما يمكن أن يؤثر على تركيز الأفراد وقدرتهم على العمل بكفاءة وآداء المهام اليومية والواجبات العامة ، كما يمكن أن تتأثر العلاقات الاجتماعية أيضا بسبب الضغط المالي ، فقد يشعر الأشخاص بالإحباط والاستياء في التعامل مع الآخرين.
بالطبع هناك العديد من الأحداث المعاصرة التي ترتب عليها ضغوط اقتصادية وتؤثر على نفسيات الناس ، ومن أشهر تلك الأحداث على سبيل المثال ، صدمة فيروس كورونا وتداعياتها الاقتصادية التي تسببت في ضغوط إقتصادية هائلة على الناس ، فإغلاق الأعمال وفقدان الوظائف أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة وتدهور الأوضاع المالية للكثير من الأفراد، ومثل هذا الوضع يمكن أن يتسبب في القلق والتوتر النفسي والاكتئاب وزيادة حالات الضغط النفسي والصدمة.
هناك أيضاً تصاعد التوتر بين روسيا وأوكرانيا واندلاع الحرب ، التي تسببت في تراجع الاستقرار الاقتصادي في معظم دول العالم ، وخاصة الدول النامية ، وكانت تداعياتها السلبية الاقتصادية والنفسية علينا في مصر شديدة للغاية.
مثل تلك المخاطر الجيوسياسية تؤثر على معاناة الأفراد من ارتفاع التضخم وتقلبات سوق العمل ، وهذه الظروف المأساوية يمكن أن تؤدي إلى زيادة مستويات القلق والتوتر والاكتئاب.
تاريخيًا .. شهدنا عدة أزمات مالية عالمية ، مثل أزمة الرهن العقاري في عام 2008 ، ومثل تلك الأزمات تؤثر على الناس ، من خلال فقدان الوظائف وانخفاض الدخل وتدهور الأوضاع المالية الشخصية ، ويمكن أن تنتج عنها ضغوط نفسية ، مثل القلق بشأن المستقبل المالي، والاستجابة العاطفية السلبية مثل الخوف والاكتئاب.
هناك أيضا العقوبات الاقتصادية والتجارية والتي يمكن أن تؤدي إلى انخفاض مستوى المعيشة وزيادة حالات الإجهاد والضغط النفسي.
كما أن التحولات الاقتصادية والتكنولوجية السريعة قد تؤدي إلى تغيرات في سوق العمل ، وقد يواجه الأفراد صعوبة في العثور على وظائف مناسبة ، أو قد يجدون أنفسهم بحاجة إلى اكتساب مهارات جديدة لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة، ومثل تلك التغيرات يمكن أن تولد القلق والتوتر بشأن الاستقرار والمستقبل المهني.
و يجب أن نتذكر أن الاستجابة النفسية للضغوط الاقتصادية تختلف من شخص لآخر ، وتعتمد على العديد من العوامل الشخصية والاجتماعية.
ويصبح تقديم الدعم النفسي والمجتمعي للأفراد المتأثرين أمر ضروري وواجب ، كعامل مساعد في التعامل مع تلك الضغوط وتعزيز الصحة النفسية والعافية ، حيث يمكن للدول والمجتمعات تعزيز الوعي بأهمية الصحة النفسية وتوفير خدمات الدعم النفسي والعلاج.
كما أن تعزيز التوعية المالية وتعليم الأفراد مبادئ التخطيط المالي الجيد وإدارة الديون والموارد سوف يساعد في تقليص تداعيات القلق ، ويزيد من فرص الحصول على وظائف مستقرة ومناسبة ويقلل من ضغوط البطالة.
ولا ننسى أهمية الدعم الاجتماعي والعائلي ، حيث يمكن للأصدقاء والعائلة والمجتمع أن يقدموا الدعم العاطفي والمادي والاجتماعي للأفراد المتضررين.
محمد عبد العال
خبير مصرفي