محمد عبد العال يكتب .. هل تختفي شهادة الـ 25% أم تعود بعائد أعلى؟
إن رفع الفائدة لن يحقق أية مصالح لا للاقتصاد القومي ولا للبنوك ولا الأفراد ولا يساعد في استهداف التضخم
إن رفع الفائدة للقطاع العائلي ، عن طريق إصدار شهادات جديدة بأسعار فائقة التميز ، تساوى أو تعلوا الشهادات ذات الـ 25% ، التى قرب أجل استحقاقها ، لا أعتقد أنه أمر إيجابي أو مستحب تكراره ، في ظل الظروف القائمة حاليا ، وذلك للأسباب التالية :
– إن رفع الفائدة لن يحقق أية مصالح لا للاقتصاد القومي ولا للبنوك ولا الأفراد ، ولا يساعد السياسة النقدية في استهداف التضخم ، لأن رفع الفائدة للشهادات قد يتطلب أن ترفع البنوك فائدة التمويل أو الإقراض للمنتجين ، مما يدفعهم لترحيل تكلفة الرفع إلى المستهلك ، وهو ما يعني ارتفاع الأسعار ، وتولد مزيد من الضغوط التضخمية ، ويزداد فارق الفائدة السلبي ، وينخفض الدخل الحقيقي للمستهلكين ، ويكون من نتيجة ذلك مباشرة حدوث تراجع نسبي في الاستثمار المباشر الأجنبي والمحلي ، حيث ترتفع تكلفة التمويل عن العائد المتوقع ، وهو ما يؤدى إلى انكماش الإنتاج والاستثمار ، وينخفض معدل النمو الاقتصادي ، وينخفض معدل التشغيل.
– على الجانب الآخر قد يكون التفكير في تصميم أوعية ادخارية جديدة ، أو تجديد المستحقة ، بأسعار عائد يعلو متوسط هيكل الأسعار السائدة ، ربما يتولد عن ذلك أعباء مادية كبيرة تثقل كاهل ميزانيات البنوك التجارية ، خاصة مع انخفاض التصنيف الائتماني السيادي لمصر ، والذي تتأثر به البنوك فوراً ، وهو ما قد يدعوا بعض البنوك إلى استقطاع مبالغ من الأرباح لدعم المخصصات.
– كما أن رفع العائد للقطاع العائلي ربما يُغري بعض المستثمرين ورجال الأعمال إلى تصفية أعمالهم ، وتفضيل توجيهها مرحلياُ للاستثمار في الشهادات ذات العائد المرتفع الخالي من الضرائب والمخاطر.
– رفع الفائدة أيضاً قد لا يتم إلا إذا سبقه رفع للعائد الرسمي من قبل لجنة السياسة النقدية ، وهو ما سوف يؤدى ، إذا ما حدث ، إلى ارتفاع أسعار أذون الخزانة بأكثر مما هى عليه ، وبالتالي يزداد عبء خدمة الدين المحلي ، وعجز الموازنة ، حيث أن كل رفع 1% في الفائدة يعنى زيادة عجز الموازنة بنحو 30 مليار جنيه ، ترتفع وفقا لارتفاع التكلفة.
– ولا ننسى أنه فيما يبدوا أن آلية رفع سعر الفائدة قد فقدت تأثيرها على احتواء معدل التضخم المصري العنيد ، فقد تم رفع الفائدة بمجموع 11% على 6 مرات منها 3% في اجتماعي مارس وأغسطس الماضيين، و8% في العام الماضي، لتصل إلى مستوى 19.25% للإيداع، و20.25% للإقراض ، ورغم ذلك مازال معدل التضخم مرتفعاً وبعيدا عن مستهدفاته الموضوعة.
– من ناحية أخرى فإن سياسة منح أسعار فائدة مميزة من قبل بنوك بعينها ، إلى جانب أنه يحملها أعباءا مادية كبيرة ، فإن هذا الأمر قد يؤدى إلى ظهور تشويه غير مطلوب في توزيع هيكل ودائع الجهاز المصرفي ، نتيجة هجرة الودائع من البنوك ذات العائد الأقل إلى البنوك ذات العائد المتميز.
– إن رفع الفائدة بأكثر مما هي عليه الآن ، وبشكل عام على المستوى الرسمي ، قد يؤدى إلى التأثير السلبي على قاعدة عملاء المصارف من شريحة المستفيدين من القروض الشخصية أو الاستهلاكية ، أو منتجات خدمات التجزئة بكل أنواعها ، وذلك بسبب ارتفاع كلفة الإقراض ، أو بسبب انخفاض نسبة الإقراض إلى الدخل ، كما أن ارتفاع تكلفة التمويل سوف يترتب عليه تضرر كل أنشطة التمويل المتوسط والصغير ومتناهي الصغر.
الخلاصة :
في تصوري فإن التوجه الاستراتيجي الآن يتعين أن يتركز في منح أولوية تفضيلية لحوافز جذب تدفقات وودائع النقد الأجنبي ، ومنح أسعار فائدة فائقة التميز لشهادات وودائع الدولار ، قد تصل لمستوى غير قابل للمنافسة حول 10% على الأقل لشهادات دولارية لمدة عام واحد وبحد أدنى 10 آلاف دولار للشهادة.
ونكرر أنه لا توجد أية مصالح للعملاء الأفراد أو البنوك أو الاقتصاد القومي من رفع الفائدة أو إصدار أوعية أو شهادات جديدة بالعملة المحلية ، أو محددة بأسعار عائد تعلوا القائم حالياً.
محمد عبد العال خبير مصرفي