محمد عبد العال يكتب عن .. الدولار .. وهولار !؟

نتوقع الإعلان الوشيك عن خفض محدود للجنيه المصري وربما يصاحبه رفع جديد لأسعار الفائدة

“هولار” .. ليس إسماً جديدًا للدولار ، ولكنه لقب السيدة إيفانا فلادكونا هولار رئيسةً بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر.

لقد كانت السيدة “هولار ” نجمة نجوم الإعلام باختلاف أنواعه ومصادره ، وذلك عبر البيان الذي أصدرته مساء الجمعة الماضية ، والذي ركزت ‏فيه ، من وجهة نظري ، على 3 ‏نقاط هامة ، يمكن أن تحسم ، بنسبة كبيرة ، المسار المتوقع في علاقة مصر بصندوق النقد الدولي خلال الأسابيع القادمة.

أولى تلك النقاط : ‏أن كلا من الحكومة المصرية وبعثة صندوق النقد الدولي قد حققا تقدماً ممتازًا في المناقشات المتعلقة بحزمة السياسات الشاملة واللازمة للتوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء للمراجعتين الأولى والثانية ، وهو الأمر الذي يؤكد أنه تم التوصل فعلا إلى إطار اتفاق على مستوى الخبراء ، يمكن أن يحرك حالة السكون التي كانت قائمة ، وبناء عليه يمكن توقع صرف الدفعتين المستحقتين من قرض الـ 3 مليارات دولار السابق التوقيع عليه عام 2022 ، وذلك فى غضون الأيام القادمة.

وفى ذات الاتجاه ، ومن ناحية أخرى ، أكدت تصريحات تالية ، صدرت عن السيدة كريستالينا جورجيفيا رئيسة صندوق النقد الدولي، أن المباحثات مع مصر تسير سيراً حسناً ، وأن ظروف مصر الحالية بعد الحرب على غزة ، بالإضافة إلى توترات البحر الأحمر تتطلب فعلاً النظر في تدبير دفعة نقدية مالية داعمة لمصر قد تصل إلى 10 مليارات دولار ، ويمكن أن يشترك في تمويلها شركاء التنمية مع مصر بجانب الصندوق والبنك الدوليين ، وأنه جار التمهيد والتحضير لهذا التمويل على أن يتم ذلك فى وقت قصير.

‏النقطة الثانية : تم الاتفاق على عناصر السياسة الرئيسية للبرنامج الجاري التفاهم عليه مع صندوق النقد الدولي ، وتتضح معالم هذا البرنامج أكثر من واقع المؤتمر الصحفي للسيد جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بالصندوق ، في مؤتمره الصحفي يوم الأربعاء الماضي ، والذي أكد فيه أن العناصر الأساسية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي مع مصر لم يتغير ، وأن إطار عناصره باقية كما هي ، ومن هنا يمكن استنتاج أن البرنامج الجديد لن يخرج عن الأهداف الـ 5 التالية :

– حماية الاقتصاد المصري من الصدمات الخارجية، وتحقيق معدلات نمو جيدة ، وهو الأمر الذي يُبرز أهمية اتباع سياسة مرنة لسعر الصرف ، وبناء عليه يمكن توقع تحريك أو تخفيض محدود لسعر الجنيه المصري ، وأن إعلان ذلك أصبح حتميا وقريباً جداً.

– إتباع سياسة نقدية شديدة التقييد لاحتواء التضخم تدريجياً وصولاً إلى تحقيق مستهدفاته المقررة ، وقد أكدت لجنة السياسة النقدية الموقرة هذا التوجه بإعلانها رفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس ، ورغم ذلك وفى إطار دعم عملية التعويم المرتقبة نتوقع أن يصاحب ذلك رفعاً جديداً لأسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس إضافية أخرى ، بل ونتوقع أن يرفع البنك المركزى نسبة الاحتياطي الإلزامي إلى 20% ، بهدف المساعدة في امتصاص السيولة الزائدة ، ومن الأهمية بمكان أن يعزز ذلك باستحداث شهادات جديدة أو ودائع زمنية ثابتة لفترات لا تزيد عن سنة لعملتي الجنيه والدولار بأسعار أكثر تميزاً ومنافسة للأسعار السائدة في البنوك حالياً.

– تخارج الدولة من مشروعات يمكن أن تنافس فيها القطاع الخاص ، والإسراع ببرنامج الطروحات ، وفى هذا الصدد نجد أن الدولة فعلا قد اتخذت خطوات جادة واستباقية في هذا الاتجاه ، وتجلى ذلك هذا الأسبوع حيث أعلنت الحكومة عن قرارات فى غاية الأهمية ، مثل إلغاء الإعفاءات من الضرائب والرسوم المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية الحكومية ، وذلك بما يضمن تحقيق المساواة وتعزيز قواعد المنافسة العادلة . . الأمر الثاني هو قرار مجلس الوزراء بخفض الإنفاق على مشروعاتها حتى نهاية العام المالي ، وعدم التعاقد على أي تمويل خارجي وعدم البدء في أي مشروع يترتب عليه قرض أجنبي ، وهذا ما يتناسب مع سياسة التشديد النقدي والمالي المطلوبة.

– على الجانب الآخر هناك خبر مهم متداول على الساحة ، وهو يتوافق مع تفاهمات صندوق النقد الدولي من استعداد شركاء التنمية للتدخل لتقديم الدعم لمصر ، وهو الخبر الذى ألمح إلى أن هناك تحالف شركات إماراتي يتفق حالياً مع الحكومة المصرية على شراء أرض في مدينة رأس الحكمة في الساحل الشمالي الغربي لإقامة مشروع باستثمارات تتجاوز 20 مليار دولار ، وهناك احتمال لتوقيع الصفقة خلال الأيام القليلة القادمة.

– أهمية تعزيز الإنفاق الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة التي يمكن أن تتضرر حال ارتفاع الأسعار.

الخلاصة :

نتوقع الإعلان الوشيك عن خفض محدود للجنيه المصري ، ربما يصاحبه رفع جديد لأسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزي وأيضا على شهادات الادخار للقطاع العائلى ، مع حدوث تباطؤ شديد في الإنفاق الاستثماري.

كما نتوقع الإفراج عن كميات وقيم كبيرة من السلع المتراكمة في الجمارك ، الأمر الذي سوف ينعكس في سلسلة من تخفيضات الأسعار للسلع الغذائية والاستهلاكية والأدوية والأعلاف ومستلزمات الإنتاج.

ونتوقع خفضاً كبيراً ملحوظاً في أسعار الدولار بالسوق الموازية ، يصاحبه هبوط حاسم في أسعار السلع الممولة أصلا من السوق الموازية كالذهب والسيارات.

محمد عبد العال

خبير مصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى