بلومبرج : بنك إنجلترا المركزي يقترب من خفض الفائدة
مع تزايد الميل لتيسير السياسة النقدية
اقترب بنك إنجلترا من خفض أسعار الفائدة من أعلى مستوى لها في 16 عاماً، وذلك بعد أن صوّت عضو ثانٍ في لجنة السياسة النقدية لصالح خفض تكاليف الاقتراض، وقال محافظ البنك أندرو بيلي إنه “متفائل بأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح”.
وبحسب بلومبرج ، انضم نائب محافظ البنك ديف رامسدن إلى العضو الخارجي سواتي دينغرا في الدعوة إلى خفض فوري لسعر الفائدة الأساسي من مستواه الحالي البالغ 5.25%، بعد الإبقاء عليه للاجتماع السادس على التوالي ، فيما فضّل الأعضاء السبعة الآخرون في لجنة السياسة النقدية الحفاظ على المعدل الحالي، قائلين إنهم بحاجة إلى مزيد من الأدلة على أن التضخم سيتم كبحه.
وقال بيلي ، في المؤتمر الصحفي الذي عُقد بعد إعلان قرار تثبيت الفائدة مساء الخميس الماضي ، إنه من المرجح أن يُخفض سعر الفائدة في الأشهر المقبلة، وأن التغيير في وقت أقربه يونيو المقبل “ليس مستبعداً، ولا أمراً واقعاً أيضاً”، و”من المحتمل أننا سنحتاج إلى خفض أسعار الفائدة خلال الأرباع المقبلة، وإلى تيسير السياسة النقدية إلى حد ما خلال الفترة المتوقعة، وقد تكون أكبر مما تأخذه الأسواق في الحسبان حالياً”.
وارتفعت السندات الحكومية، وانخفض الجنيه الإسترليني بعد القرار ، ووضع المتداولون في الحسبان احتمالية بنسبة 50% أن يتم الخفض الأول بمقدار 25 نقطة أساس خلال الشهر المقبل، فيما يتوقع بنسبة 100% إجراء الخفض بحلول أغسطس.
وتتوقع الأسواق الآن إجمالي خفض للفائدة بمقدار 58 نقطة أساس خلال العام الجاري، مقارنة بـ54 نقطة أساس في توقعات سابقة.
وقال مايكل براون، الخبير الاستراتيجي في شركة “بيبرستون غروب” في لندن: “تغير رؤية عضو بالبنك المركزي أمر نادر الحدوث، ويجب أن يؤخذ ذلك على أنه إشارة قوية إلى أن بنك إنجلترا مستعد لخفض أسعار الفائدة ، ويمثل هذا تحولاً أكثر تأييداً للخفض من جانب لجنة السياسة النقدية، مما يزيد احتمالية تنفيذ أول خفض لسعر الفائدة بالفعل بالاجتماع التالي المقرر في يونيو”.
وأبقى البنك في الوقت الحالي على سعر الإقراض القياسي عند مستواه الحالي في المنطقة التي وصفها بأنها مقيدة، بهدف التخفيف من ضغوط الأجور والأسعار التي وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ أربعة عقود في أواخر 2022. تشير التوقعات الصادرة مع القرار إلى أن بنك إنجلترا سيضطر إلى خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة، ربما قبل الانتخابات العامة المتوقعة على نطاق واسع خلال الخريف.
وقال بيلي في بيان يوم الخميس: “تلقينا أخباراً مشجعة بشأن التضخم، ونعتقد أنه سينخفض قريباً إلى هدفنا البالغ 2% في الشهرين المقبلين” ، و”أننا بحاجة إلى رؤية المزيد من الأدلة على أن التضخم سيظل منخفضاً قبل أن نتمكن من خفض أسعار الفائدة. أنا متفائل بأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح”.
وتواجه سياسة بنك إنجلترا تدقيقاً سياسياً متزايداً حيث تأمل الحكومة أن تؤدي تخفيضات أسعار الفائدة إلى تعزيز شعبيتها في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات.
وتحدث وزير الخزانة جيريمي هنت مراراً وتكراراً بشأن إمكانية التخفيضات، قائلاً إنها ستمنح الناخبين “عامل شعور بالسعادة” في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة في المملكة المتحدة المتوقعة على نطاق واسع في الخريف.
وتشير تقديرات مسؤولي بنك إنجلترا إلى أن التضخم، الذي بلغ ذروته بما يزيد عن 11%، سوف ينخفض مجدداً إلى هدف 2% في الربع الثاني، بسبب انخفاض كلفة الطاقة، ثم يرتفع بشكل أكثر هدوءاً مما كان متوقعاً سابقاً في وقت لاحق من العام الجاري ، ومع ذلك، فقد حذر من المخاطر الصعودية الناجمة عن “العوامل الجيوسياسية”.
وفي ظل توقعات السوق بخفض الفائدة ربع نقطة مئوية مرتين هذا العام، وانخفاض بطيء إلى 3.75% في منتصف 2027، يتراجع التضخم إلى ما دون الهدف في نهاية العام الثاني من التوقعات، بل ويظل أقل من ذلك بعد عام، وهي إشارة واضحة على أن المسؤولين يرون حاجة إلى التيسير، مما يدعم اتخاذ خطوة في يونيو أو أغسطس المقبلين.
وقال البنك في محضر الاجتماع: “تشديد السياسة النقدية يؤثر على نشاط الاقتصاد الحقيقي”. كذلك عدّل بنك إنجلترا توجيهاته حول سبل تطوير السياسة النقدية ، فقد أبقى على نهج مفاده أن “السياسة يمكن أن تظل مقيّدة حتى لو تم تخفيض سعر الفائدة في البنك”، مضيفاً أنه سيراقب “إصدارات البيانات القادمة، وتأثير ذلك في التقييم بأن المخاطر الناجمة عن استمرار التضخم تنحسر”.
وستؤدي هذه التصريحات إلى زيادة تدقيق السوق في مجموعتي بيانات التضخم والأجور التي من المقرر إصدارها قبل الاجتماع القادم للبنك في 20 يونيو.
وقال بعض الاقتصاديين إن التضخم ربما ينخفض إلى أقل من هدف 2% خلال تلك الفترة، مما يزيد الضغط على البنك لاتخاذ إجراء.
ويتوقع المستثمرون خفضاً للفائدة في أغسطس المقبل، لكنهم سرعان ما خفضوا توقعاتهم لمزيد من التيسير بعد قراءات التضخم الأقوى من المتوقع في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وكان بيلي قد نوّه في الأسابيع الأخيرة -إلى جانب رامسدن- بأن الاقتصاد البريطاني يتتبع التطورات بمنطقة اليورو أكثر من الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة في الشهر المقبل.
وقالت كيرستين كوندبي نيلسن، خبيرة استراتيجيات الصرف الأجنبي وأسعار الفائدة في بنك “دانسكي” (Danske Bank) في كوبنهاغن: “شهر يونيو حيوي بالتأكيد، ولكن لا يوجد التزام مسبق محدد بإجراءات السياسة النقدية في الاجتماع”، مضيفة أن هذا أدى إلى رد فعل “فاتر إلى حد ما” في السوق.
ويمكن أن يتسبب الخفض المبكر من قبل بنك إنجلترا في وضعه بموقف مخالف مع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي من غير المتوقع أن يخفف سياسته النقدية حتى وقت لاحق من العام، فيما يتسق موقف بنك إنجلترا مع البنك المركزي الأوروبي ، فقد أعطى “المركزي الأوروبي” توجيهاً قوياً بأنه سيخفض أسعار الفائدة في يونيو ، وخفض البنك المركزي السويدي سعر الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2016 يوم الأربعاء الماضي.
ومن شأن الإبقاء على أسعار الفائدة في ظل توقعات بنك إنجلترا أن يؤدي إلى ارتفاع كبير في البطالة إلى 5.9% بحلول نهاية عام 2026، وهي نقطة أعلى مما لو اتبعت المعدلات مسار السوق، وأعلى بكثير من المستوى الحالي البالغ 4.3%.
وفيما يتعلق بالاقتصاد، قدر بنك إنجلترا أن الركود الضحل الذي شهده العام الماضي قد انتهى، وأن الاقتصاد سينمو 0.5% هذا العام، و1% في 2025. تعد هذه التقديرات مرتفعة عن توقعات البنك المركزي في فبراير والتي بلغت 0.25% و0.75% على التوالي.
ويتوقع المسؤولون أيضاً تحسناً كبيراً في مستويات المعيشة، مع نمو متوسط الأجور 5.25% هذا العام، وهو أعلى بكثير من التضخم.
ومن المتوقع الآن أن يزداد دخل الأسرة الحقيقي بعد الضريبة 1.75% هذا العام، وهو أعلى من متوسط الفترة 2010-2019، على الرغم من أن بعض الزيادة كان مدفوعاً بارتفاع التقديرات السكانية.
وقال البنك أيضاً إن “المؤشرات الرئيسية لاستمرار التضخم كانت معتدلة”، على الرغم من أن تضخم الأجور والخدمات لا يزال مرتفعاً للغاية.
وأشارت لجنة السياسة النقدية إلى أن هناك دلائل على أن سوق العمل تهدأ أيضاً، حيث قال البنك إن الوضع الآن ليس أكثر تشديداً مما كان عليه قبل الجائحة.
ومع ذلك، لا تزال لجنة السياسة النقدية منقسمة حول توقيت خفض أسعار الفائدة. أشارت كل من كاثرين مان، وجوناثان هاسكل، وميغان غرين مؤخراً إلى تخليهم عن دعم الخفض السريع، مستشهدين بنمو قوي في الأجور وتضخم الخدمات.
وقال يائيل سلفين، كبير الاقتصاديين في شركة “كيه بي إم جي” (KPMG) في المملكة المتحدة: “يمكن أن يتم التخفيض الأول لسعر الفائدة في وقت أقربه الشهر المقبل، مما يسمح للجنة السياسة النقدية بتقييم انخفاض التضخم في أبريل، وتأثير زيادة أجور المعيشة الوطنية على نمو الأجور ، ومع ذلك، لا نستبعد حدوث تأخير حتى النصف الثاني من العام، في حين أن النطاق الإجمالي للتيسير سيكون حساساً بشكل خاص للتطورات في التكاليف والأسعار”.