الحكومة تبدأ مناقشات مع صندوق النقد الدولي للحصول على 1.2 مليار دولار لدعم البيئة والمناخ
وزيرة البيئة : نسعى خلال التعاون مع الصندوق إلى البناء على الجهود الوطنية المبذولة والاستفادة من تجارب البلدان المشابهة
عقدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة اجتماعا موسعا مع بعثة صندوق النقد الدولي للمرونة والاستدامة، بمقر وزارة البيئة بالعاصمة الإدارية، لبدء المناقشات لحصول مصر على 1.2 مليار دولار للبيئة ، ضمن حزم الدعم الخاصة بصندوق النقد الدولي، ومناقشة آليات التعاون المستقبلي في مجال دعم السياسات البيئية والمناخية.
وجرت أعمال الاجتماع بمشاركة ايفانا فلدكوفا هولار رئيس البعثة وممثلي بعثة صندوق النقد الدولي، وبحضور الدكتور أحمد كوجاك نائب وزير المالية للسياسات المالية، ومحمد نصر مدير إدارة المناخ والبيئة والتنمية بوزارة الخارجية، والدكتور عمرو أسامة مستشار وزيرة البيئة للتغيرات المناخية، وشريف عبدالرحيم رئيس الإدارة المركزية للتغيرات المناخية بوزارة البيئة وممثلي البنك المركزي.
وأكدت وزيرة البيئة أن الاجتماع يأتي استكمالا للاجتماعات الثنائية مع الصندوق والاجتماعات الوطنية بين الحكومة المصرية، والتي بدأت خلال الفترة الماضية، لبحث أطر التنسيق والتعاون لتعزيز السياسات البيئية والمناخية في مصر، ضمن مسارها نحو الأخضر وتحقيق الاستدامة، حيث تناولت الاجتماعات السابقة مجموعة من الاستيضاحات بين الجانبين حول الإصلاحات المطلوبة في سياسات المناخ، في ضوء عملية استشارية وطنية بين الوزارات المختلفة، لتحديد الاحتياجات الوطنية، وسبل الدعم التي يمكن الاستفادة من الصندوق بها، وأيضا في ضوء الأطر العامة التي تعمل بها الدولة في ملف المناخ في سياق اتفاق باريس ومنها الاستراتيجية الوطنية للمناخ 2050 وخطة المساهمات الوطنية المحدثة 2030.
وقالت “فؤاد” إن مصر خطت رحلة طويلة من العمل المناخي، بدأت قبل استضافتها لمؤتمر المناخ COP27 بسنوات عديدة، تم خلالها إنشاء المجلس الوطني للتغيرات المناخية ككيان مؤسسي لإدارة ملف المناخ تحت رئاسة رئيس مجلس الوزراء، والذي ساعد على تطوير مصر لمسارها الاستراتيجي وتنفيذ العديد من الإجراءات المناخية المهمة.
وأضافت أن مصر في السنوات الأخيرة عملت على تغيير لغة الحوار حول البيئة، بربطها بالاقتصاد والتنمية، والبحث عن الفرص الاستثمارية بها، بتحويل التحدي إلى فرصة، وإشراك القطاع الخاص، وتعزيز فكر الاقتصاد الدوار، حيث استعرضت نماذج لجهود مصر في تحويل سياسات المناخ إلى إشراك حقيقي للقطاع الخاص، ففي ملف المناخ خطت خطوات فارقة، ومنها إطلاق الاستراتيجية الوطنية للمناخ 2050 وتحديث خطة المساهمات الوطنية مرتان، بجانب الجهود في القطاعات المؤثرة على تغير المناخ مثل إدارة المخلفات، حيث تم إصدار أول قانون لإدارة المخلفات بأنواعها في مصر، يقوم على فكر الاقتصاد الدوار وإشراك أصحاب المصلحة، وأيضا تهيئة المناخ لاستثمارات القطاع الخاص سواء في المخلفات الصلبة من جمع ونقل وتدوير، وحتى الاستثمار في تحويل المخلفات إلى طاقة.
واستكملت وزيرة البيئة استعراض الجهود في تطوير ملف البيئة، ومنها إعداد الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الحيوي لتعزيز الاستفادة منه في الصناعة، وإعداد حزم من دراسات الجدوى الجاهزة للتنفيذ وطرحها للقطاع الخاص للاستثمار فيها، إلى جانب إتاحة الفرصة للقطاع الخاص للشراكة في تطوير المحميات الطبيعية وتنفيذ خدمات وأنشطة بها، وتقديم الحلول القائمة على الطبيعة، ودعم السياحة البيئية.
وتابعت وزيرة البيئة “نسعى خلال التعاون مع الصندوق إلى البناء على الجهود الوطنية المبذولة، والاستفادة من تجارب البلدان المشابهة، مثل المغرب وبنجلاديش، لذا نهتم بتحديد الاستراتيجيات والسياسات المطلوب الوصول لها لتعزيز قدرة الدولة على تحقيق المرونة والاستدامة، وضمان عملية صنع القرار السليم، وتحديد متطلبات وآليات التمويل بما يشمل المناخ النمو الأخضر، والعمل على زيادة الاستثمارات الخضراء في القطاعين العام والخاص”.
وأشارت “فؤاد” إلى أهمية الخروج بإستراتيجية وطنية للتكيف، باعتباره من الموضوعات الملحة للدولة المصرية، وتطوير الشق القانوني للمناخ مثل إضافة فصل عن المناخ سواء التخفيف أو التكيف لقانون البيئة، إلى جانب تعزيز المداخلات التي بدأتها الدولة في الاقتصاد منخفض الكربون في قطاع الطاقة، والحاجة للتركيز على قطاعات النقل والبترول، كزيادة وسائل النقل الجماعي الكهربائية، واستخدام البصمة الكربونية في قطاع البترول.
أكدت أهمية تعزيز سياسات المناخ، خاصة بعد إصدار معايير الاستدامة البيئية وقرار الحكومة بتخضير الموازنة العامة تدريجيا لتصل إلى 100% من مشروعات الدولة خضراء بحلول 2030، وأيضا الحوافز في مجال الهيدروجين الأخضر لتعزيز إشراك القطاع الخاص في مجال الطاقة المتجددة.
أشارت إلى ضرورة أن تؤكد وثيقة الاتفاق الثنائي على أنه يأتي ضمن عملية وطنية تتسق مع أهداف الصندوق وتقوم على اتفاق باريس، كحاكم للعمل المناخي في مصر، مع احترام الظروف الوطنية والأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، وأيضا أن تتضمن البناء على الجهود والمداخلات الفعلية المبذولة وطنيا لتسريع وتيرة الوصول للأهداف، موضحة أنه فور تلقي الأدلة الإرشادية للصندوق، سيتم مناقشتها في إطار وطني، مع الوضع في الاعتبار طموحات الإصلاح في قطاعات التمويل والتخطيط والاستثمار، ليتم المرور ضمن عملية استشارية للخروج بمصفوفة نهائية يتم إرسالها للصندوق، حتى نصل لاتفاق قريب.
من جانبه أشار محمد نصر مدير إدارة المناخ والبيئة والتنمية المستدامة بوزارة الخارجية، إلى ضرورة النظر خلال الاتفاق للوضع الوطني الحالي والأولويات الملحة مثل التكيف، مع الوضع في الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، والمستجدات في ملف المناخ على الساحة المصرية ومنها الدخول في مجال الهيدروجين الأخضر وإنشاء المجلس الوطني له، والاستراتيجيات الوطنية التي تم إطلاقها مؤخرا، إلى جانب النظر لتجارب البلدان المشابهة مثل بنجلاديش وما أسفرت عنه من استراتيجيات وسياسات، بما يتسق مع اتفاق باريس.
وبدورها أشادت ايفانا فلدكوفا هولار رئيس بعثة صندوق النقد الدولي بالإجراءات الطموحة التي تتخذها الحكومة المصرية في ملف المناخ وطنيا، ومنها الاستراتيجية الوطنية للمناخ، مشيرة إلى أن التعاون مع الدول التي تضع أهدافا للاستدامة ضمن أجندتها ولديها العديد من الإجراءات الفعلية، يساعد على الخروج بنتائج جيدة، ويساعد الصندوق على تقديم الدعم في مجالات محددة بما يدعم الدول على تنفيذ أجندتها المناخية، والاستفادة من خبراء الصندوق، فقد يكون من أشكال التعاون مع مصر تقديم الدعم في تطوير القدرات لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للمناخ 2050 والبحث عن آليات التمويل المناسبة، مع الوقوف على تأثير التمويل العام على المناخ وتأثيره المناخ على الاستثمار.
كما أشارت رئيسة البعثة إلى أن الصندوق كمؤسسة لديه مجموعة مميزة من الخبراء، ويعمل أيضا مع المؤسسات التنموية الأخرى كالبنك الدولي لتحقيق التكامل في مجالات الخبرة، حيث كان التقرير القطري للتنمية والمناخ لمصر الذي أعده البنك الدولي أحد المراجع لتشخيص الوضع الوطني المناخي واستنباط الاحتياجات والتحديات، لافتة لتطلعهم لاستقبال مزيد من التقارير الوطنية التي تقدم توضيح أكبر للاولويات الوطنية للوصول لتوافقات حول اتفاق التعاون.