البنك المركزي المصري يبحث غدا مصير فائدة الجنيه وسط توقعات قوية بتثبيتها
10 بنوك استثمار تتوقع عدم تحريك أسعار العائد الاساسية لدى المركزي بعد رفعها 6% دفعة واحدة في مارس الماضي
تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري غدا ، الخميس ، اجتماعها الدوري الثالث في العام الجاري لبحث مصير أسعار العائد الأساسية لدى المركزي ، والتي تعد المؤشر الرئيسي لاتجاه فائدة الجنيه في الأجل القصير.
وكانت اللجنة قد قررت في اجتماع استثنائي ، يوم 6 مارس الماضي ، رفع تلك الأسعار بنسبة 6% دفعة واحدة ، لتصل إلى 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض ، و27.75% لسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي وسعر الائتمان والخصم.
وقالت اللجنة ، في بيانها المصاحب لهذا القرار ، إنه كان لا بد من الإسراع بعملية التقييد النقدي من أجل تعجيل وصول التضخم إلى مساره النزولي وضمان انخفاض المعدلات الشهرية للتضخم ، مؤكدة على أهمية السيطرة على التوقعات التضخمية، وما تقتضيه السياسة التقييدية من رفع لأسعار العائد الأساسية للوصول بمعدلات العائد الحقيقية لمستويات موجبة.
أوضحت أن الاقتصاد المحلي تأثر في الآونة الأخيرة بنقص الموارد من العملات الأجنبية ، مما أدى إلى ظهور سوق موازية لسعر الصرف وتباطؤ النمو الاقتصادي ، كما استمرت التداعيات الخارجية الناجمة عن الضغوط التضخمية العالمية في التراكم تزامناً مع تعرض الاقتصاد العالمي لصدمات متتالية ، لافتة إلى أن تلك الصدمات وتداعياتها أدت إلى ارتفاع حالة عدم اليقين وتوقعات التضخم، مما زاد من الضغوط التضخمية ، كما أدت تحركات سعر الصرف الناجمة عن ذلك ، بالإضافة لارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية ، بجانب صدمات العرض المحلية، إلى استمرارية الضغوط التضخمية التي دفعت بدورها معدل التضخم العام إلى تسجيل مستويات قياسية.
أكدت اللجنة أنه رغم تباطؤ معدلات التضخم السنوية مؤخراً، إلا أنه من المتوقع أن تتخطى المعدل المستهدف والمعلن من قبل البنك المركزي المصري والبالغ 7% ± 2% في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024.
وبحسب اللجنة ، فإنه من المرتقب أن يؤدي القضاء على السوق الموازية للصرف الأجنبي إلى خفض التوقعات التضخمية وكبح جماح التضخم ، وبالتالي من المتوقع أن يتبع التضخم العام مساراً نزولياً على المدى المتوسط، بعد الانحسار التدريجي للضغوط التضخمية المقترنة بتوحيد سعر الصرف.
أشارت إلى أن المخاطر المحيطة بتوقعات التضخم تشمل التوترات الجيوسياسية الإقليمية، والتقلبات في أسواق السلع الأساسية العالمية والأوضاع المالية العالمية ، موضحا أنه في ضوء تلك المخاطر والتغيرات سيتم الإعلان بوضوح عن إعادة تقييم معدلات التضخم المستهدفة التي يحددها.
وترى لجنة السياسة النقدية أن قرار رفع أسعار العائد الأساسية بمقدار 6% سيساعد في تقييد الأوضاع النقدية على نحوٍ يتسق مع المسار المستهدف لخفض معدلات التضخم ، لافتة إلى أنه سيتم الإبقاء على تلك المستويات حتى يتقارب التضخم مع مساره المنشود.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري كشف البنك المركزي المصري عن تسجيل الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، المعد من جانبه ، معدلاً شهرياً بلغ 0.3% في أبريل 2024 مقابل 1.4% في مارس السابق عليه ، فيما تراجع المعدل السنوي للتضخم الأساسي لـ 31.8% ، مقابل 33.7%.
كما كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة عن تراجع معدل التضخم السنوي بالمدن إلى 32.5% بنهاية أبريل 2024 ، مقابل 33.3% في مارس السابق عليه ، فيما ارتفع معدل التضخم بالمدن على أساس شهري من 1% إلى 1.1%.
ومن جانبها توقعت 10 بنوك استثمار قيام لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري بتثبيت أسعار العائد الأساسية لدى المركزي في اجتماعها غدا الخميس.
وتضم قائمة تلك البنوك ، إتش سي للأوراق المالية والاستثمار ، وإي إف جي القابضة ، زيلا كابيتال ، نعيم المالية ، بلتون القابضة ، سي آي كابيتال ، مباشر المالية ، الأهلي فاروس ، ثاند”، والعربي الأفريقي لتداول الأوراق المالية.
وتتوقع إدارة البحوث المالية بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار أن تبقي لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري على سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعها المقرر عقده غذا الخميس ، وذلك في ضوء آخر تطورات الاقتصاد الكلي المصري.
وقالت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي بالشركة “نتوقع أن تبقى لجنة السياسة النقدية على أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة في اجتماعها القادم ، في ضوء تباطؤ معدلات التضخم السنوية لشهرين متتاليين، على الرغم من ارتفاعها على أساس شهري، وتحسن سيولة العملات الأجنبية بعد صفقة استثمار رأس الحكمة وتلقي مصر بعدها حوالي 25 مليار دولار من الإمارات وصندوق النقد الدولي، الأمر الذي ساهم على زيادة صافي الاحتياطيات الدولية بنسبة 19% تقريبًا على أساس سنوي و1.7% تقريبًا على أساس شهري إلى 41.1 مليار دولار في أبريل ، وتراجع صافي الالتزامات الأجنبية للقطاع المصرفي بشكل ملحوظ بنسبة 81% على أساس شهري و83% تقريبًا على أساس سنوي إلى 4.18 مليار دولار في مارس، بجانب تحسن مؤشر مبادلة مخاطر الائتمان لمصر لمدة عام ووصوله إلى 287 نقطة أساس حاليا من 857 نقطة أساس في 1 يناير، وأيضا تحسن النظرة المستقبلية الائتمانية لمصر من وكالة موديز إلى إيجابي من سلبي ومن “فيتش” و”ستاندرد آند بورز” إلى إيجابي من مستقر.
أشارت “منير” إلى تراجع أسعار الفائدة على أذون الخزانة المصرية لمدة عام إلى 25.98%، وهو ما يعكس عائدا حقيقيا سلبيا يقدر بنحو 6.8%، بالمقارنة بعائد بلغت ذروته عند 32.30% في منتصف مارس ، لافتة إلى أن انخفاض أسعار العائد على أذون الخزانة في الوقت الحالي يعكس انتعاش حركة الاستثمار من قبل المستثمرين الأجانب بحوالي 11 إلى 12 مليار دولار، منذ 6 مارس وحتى 8 أبريل ، في أعقاب قرار البنك المركزي المصري بالسماح لقوى العرض والطلب في تحديد سعر الصرف ، وبعد اتمام صفقة رأس الحكمة واستئناف برنامج صندوق النقد الدولي.
ومن جانبه قال محمد عبد العال الخبير المصرفي المعروف إن إجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري غدا يأتي في ظل ظواهر وتوجهات اقتصادية متعددة تشهدها مصر حاليا ، ويشكل بعضها نقاط قوة ، وأخرى قد تشكل ضغوطاً ، ولذلك فإن قضية تحديد مصير الفائدة هو أمر إستراتيجي ، وعميق ويتطلب من الجميع تقديرا دقيقا للعوامل الاقتصادية والمالية المحلية والعالمية المؤثرة.
أوضح عبد العال أنه بحسب التوجه المعلن من لجنة السياسة النقدية ، في بياناتها الأخيرة، فإنها تستهدف التضخم بالدرجة الأولى ، ومن هنا يمكن القول أن درجة معالجة واحتواء التضخم الإقتصادي ستكون دائماً المحرك الرئيسي للتعديلات المحتملة في أسعار الفائدة على المدى المتوسط ، ومن ثم فإن فهم تأثير التضخم على تغيرات أسعار الفائدة ضروري لتقدير الاتجاهات المستقبلية للسياسة النقدية في مصر.
“في تصوري فإن هناك مجموعة عوامل وظواهر رئيسية قد توحي بأن لجنة السياسة النقدية قد تأخذ قرارا بإبقاء أسعار الفائدة على ما هي عليه ، وذلك في ضوء عدد من العوامل المهمة ، منها أنه رغم ميل معدل التضخم للتباطؤ ، إلا أنه من الملاحظ استمرار كلٍ من معدلي التضخم العام والأساسي بعيدين بمسافة كبيرة عن مستهدفات التضخم الموضوعة” ، بحسب عبد العال
أضاف أنه من المعروف أن كلا من السياسة النقدية والسياسة المالية تحتاجان إلى فترات طويلة ليحققا تأثيرهما على ظاهرة التضخم ، ومع تحرير سعر الصرف في السادس من مارس الماضي ، والذي تلازم معه الرفع التاريخي لسعر الفائدة ، لمدى جديد و بعيد جدا وصل إلى 600 نقطة أساس ، كما سبق رفعها بنسبة 200 نقطة أساس مطلع العام ، ليصل مجموع الرفع إلى 800 نقطة أساس مع نهاية الربع الأول من العام الحالي ، ولذلك فإن الأمر بطبيعة الأحوال يقتضي التريث ومنح الفرصة لهذا الرفع ، غير المسبوق ، ليحدث تأثيره على تحجيم جانب الطلب مرحلياً من ناحية ، وخفض أسعار السلع ومستلزمات الإنتاج من ناحية أخرى.
تابع عبد العال أنه على الجانب الآخر توسع المركزي مع مطلع شهر مايو الحالي في سحب السيولة الفائضة لدى البنوك كما قام بتغيير نظام قبول الودائع الأسبوعية من التخصيص إلى القبول المطلق ، وقَبل نحو تريليون جنيه في أكبر عملية قبول إيداع في يوم واحد ، وبعائد مجزي ، أفضل من متوسط صافى عائد أذون الخزانة ، ومثل هذا الإجراء يعكس تصميم البنك المركزى على تجفيف أية سيولة فائضة ممكن أن تشكل ضغطا على جانب الطلب الاستهلاكي أو حتى طلباً غير مبرر على النقد الأجنبي ، الأمر الذي يعنى أن المركزي يتوجه حاليا إلى تصعيد أدواته الأخرى غير أداة الفائدة.
“نلاحظ تنسيقا أكبر بين السياسة النقدية والسياسة المالية في التوجه ، على سبيل المثال ، لمنع الوحدات الحكومية من الاقتراض من البنك المركزي ،فيما عدى وزارة المالية ، وهو ما يعني ضغط بعض صور الإنفاق العام وتقليص التمويل التضخمي” ، بحسب عبد العال.
أضاف ، أنه رغم أن النشاط الاقتصادي عالمياً اتسم بضعف معدلات النمو وانخفاض الضغوط التضخمية ، نتيجة السياسات النقدية التقييدية التي اتّبعتها البنوك المركزية العالمية في الفترة السابقة وتراجع توقعات معدلات التضخم لتلك الاقتصادات ، إلا أن التخوف من تولد بعض الضغوط التضخمية مرة أخرى أملت على السلطات النقدية في البنوك المركزية بالولايات المتحدة وأوروبا مزيداً من التحوط واستمرار السياسة النقدية التقييدية لفترة أخرى ، وهو الأمر الذي قد يجعلنا نفضل التمسك بسياسة نقدية انكماشية لاحتواء الضخم.
وبحسب عبد العال ، فإنه في ضوء تلك العوامل فإن لجنة السياسة النقدية في الغالب الأعم سوف تأخذ قرارها بتثبيت الفائدة.