محمد عبد العال يكتب عن.. توقعات مسار السياسة النقدية بعد المراجعة الثالثة!؟
التضخم قد يحتاج لمزيد من استمرار التشديد النقدي
![](https://d2toh5ir8h9uo8.cloudfront.net/2024/05/Mohamed-abdelall-714x470.jpg)
رغم ارتفاع درجة حرارة الطقس في القاهرة خلال الأسبوع الأخير من مايو الماضي والأسبوع الأول من يونيو الجاري ، إلا أن ذلك لم يحل دون الإعلان عن نجاح المراجعة الثالثة التي قامت بها ، وأتمتها على خير ، بعثة صندوق النقد الدولي في القاهرة.
وبحسب بيان رئيسة البعثة ، فإن مصر قد حققت خطوات جادة وملموسة في إطار المتطلبات والمؤشرات الاقتصادية والنقدية والمالية والاجتماعية التي سبق الإلتزام بها مع الصندوق ، وأن خبراء مصر والصندوق قد توصلوا إلى اتفاق يمهد لمصر الحصول على الدفعة المستحقة بعد المراجعة الثالثة بقيمة 820 مليون دولار ، بموجب اتفاق “تسهيل الصندوق الممدد” ، البالغ 8 مليارات دولار ، وذلك بالطبع بعد موافقة المجلس التنفيذي للصندوق خلال الأيام القريبة القادمة.
ويمكن القول إنه باجتياز مصر المراجعة الثالثة تبرز على السطح حقيقتان مهمتان وهما :
أولهما : أن مصر قد قطعت خطوات إيجابية وملموسة ، وفقاً لبرنامج الاتفاق المبرم والمنسق مع الصندوق ، الأمر الذي يعني أن مصر قد أتمت فعلاً عدة إجراءات وسياسات نقدية ومالية على مستوى الاقتصاد الكلي ، كان من أهمها التحرير الكامل لسعر الصرف ، الذي يضمن مرونة تدفق النقد الأجنبي بشكل طبيعي خروجا ودخولا عبر شرايين الجهاز المصرفي ، ورفع أسعار الفائدة بغرض تقليل الطلب على القروض ، وبالتالي تقليل الإنفاق الإستهلاكي والاستثماري ، مما يساعد على خفض الضغوط التضخمية ، والاستمرار في تقليل السيولة في النظام المالي عن طريق تقليل حجم الإقراض المصرفي وسحب الفوائض المالية من السوق ، وتحسين إدارة الدين العام ، وتقليل الاعتماد على تمويل العجز من خلال الاقتراض، مما يمكن أن يسهم في تخفيف الضغط على الأسعار ، وأيضا اتخاذ إجراءات تضمن استقرار المؤسسات المالية والقطاع المصرفي ، وتنفيذ إصلاحات هيكلية لتحسين الكفاءة الاقتصادية وزيادة القدرة الإنتاجية ، مما يعزز الثقة في الاقتصاد ويقلل من الضغوط التضخمية.
ثانيهما : ورغم أن هذه السياسات قد حسنت من الصورة الإيجابية الحالية والمستقبلية إلا أنه مازالت هناك عدة ملاحظات من أهمها :
– إن تلك السياسات والإجراءات تهدف إلى استقرار الاقتصاد المصري ، ولكن يجب أن يتم تنفيذها بحذر لتجنب آثار سلبية على النمو الاقتصادي واستقرار الأسواق ومعدلات التوظيف.
– الأهمية القصوى في ضرورةً توسيع قدرة القطاع الخاص على النمو ، والتركيز على دور أكبر للقطاع الخاص ، وإعادة هيكلة وهندسة القطاع العام.
– إنه على الرغم من ملاحظة تشديد السياسة النقدية إلا أن التضخم قد يحتاج لمزيد من استمرار التشديد النقدي ، لأن معدل التضخم رغم تباطؤه في الشهور الأخيرة إلا أنه مازال بعيداً عن مستهدفاته ، وهناك إحتمالات لتولد ضغوط تضخمية جديدة بسبب خفض أو إلغاء بعض شرائح من الدعم السلعي ، وفقاً للخطط الموضوعة.
– إيجاد حيز مالي أكبر للاستثمار في رأس المال البشري ، من خلال الإنفاق على الصحة والتعليم إلى جانب الإنفاق الاجتماعي المستهدف ، وتعزيز إدارة الدين المحلي واحتواء المخاطر المالية.
– حماس أكبر في تحريك برنامج الطروحات وتحفيز الاستثمار المباشر.
فى ضوء ماسبق نتوقع أن يكون مسار السياسة النقدية خلال الفترة القصير القادمة:
– توقع ارتفاعات في معدل الضخم على أساس شهري وسنوي في حدود 2%.
– مزيد من تقييد السياسة النقدية ، ومن المحتمل أن يكون هناك رفعاً جديدا في معدل الفائدة ما بين مائة ومائتي نقطة أساس في الاجتماع القادم للجنة السياسة النقدية الموقرة.
– استمرار تجفيف فائض السيولة عن طريق عمليات السوق المفتوحة الأسبوعية مع البنك المركزي.
– استقرار سعر الصرف مع تغيرات عرضية خفيفة ، وفقاً لظروف العرض والطلب.
– توقع حكومة قوية تدير الاقتصاد بحلول حاسمة ، ولديها الخبرة والقدرة على العمل في ظروف الأزمات والصدمات ، وتتوافق مع المخاطر الجيوسياسية والجيواقتصادية الراهنة والمحيطة بنا إقليمياً وعالمياً.
محمد عبد العال
خبير مصرفي