محمد عبد العال يكتب عن.. توقعات مسار السياسة النقدية بعد المراجعة الثالثة!؟

التضخم قد يحتاج لمزيد من استمرار التشديد النقدي

رغم ارتفاع درجة حرارة الطقس في القاهرة خلال الأسبوع الأخير من مايو الماضي والأسبوع الأول من يونيو الجاري ، إلا أن ذلك لم يحل دون الإعلان عن نجاح المراجعة الثالثة التي قامت بها ، وأتمتها على خير ، بعثة صندوق النقد الدولي في القاهرة.

وبحسب بيان رئيسة البعثة ، فإن مصر قد حققت خطوات جادة وملموسة في إطار المتطلبات والمؤشرات الاقتصادية والنقدية والمالية والاجتماعية التي سبق الإلتزام بها مع الصندوق ، وأن خبراء مصر والصندوق قد توصلوا إلى اتفاق يمهد لمصر الحصول على الدفعة المستحقة بعد المراجعة الثالثة بقيمة 820 مليون دولار ، بموجب اتفاق “تسهيل الصندوق الممدد” ، البالغ 8 مليارات دولار ، وذلك بالطبع بعد موافقة المجلس التنفيذي للصندوق خلال الأيام القريبة القادمة.

ويمكن القول إنه باجتياز مصر المراجعة الثالثة تبرز على السطح حقيقتان مهمتان وهما :

أولهما : أن مصر قد قطعت خطوات إيجابية وملموسة ، وفقاً لبرنامج الاتفاق المبرم والمنسق مع الصندوق ، الأمر الذي يعني أن مصر قد أتمت فعلاً عدة إجراءات وسياسات نقدية ومالية على مستوى الاقتصاد الكلي ، كان من أهمها التحرير الكامل لسعر الصرف ، الذي يضمن مرونة تدفق النقد الأجنبي بشكل طبيعي خروجا ودخولا عبر شرايين الجهاز المصرفي ، ورفع أسعار الفائدة بغرض تقليل الطلب على القروض ، وبالتالي تقليل الإنفاق الإستهلاكي والاستثماري ، مما يساعد على خفض الضغوط التضخمية ، والاستمرار في تقليل السيولة في النظام المالي عن طريق تقليل حجم الإقراض المصرفي وسحب الفوائض المالية من السوق ، وتحسين إدارة الدين العام ، وتقليل الاعتماد على تمويل العجز من خلال الاقتراض، مما يمكن أن يسهم في تخفيف الضغط على الأسعار ، وأيضا اتخاذ إجراءات تضمن استقرار المؤسسات المالية والقطاع المصرفي ، وتنفيذ إصلاحات هيكلية لتحسين الكفاءة الاقتصادية وزيادة القدرة الإنتاجية ، مما يعزز الثقة في الاقتصاد ويقلل من الضغوط التضخمية.

ثانيهما : ورغم أن هذه السياسات قد حسنت من الصورة الإيجابية الحالية والمستقبلية إلا أنه مازالت هناك عدة ملاحظات من أهمها :

– إن تلك السياسات والإجراءات تهدف إلى استقرار الاقتصاد المصري ، ولكن يجب أن يتم تنفيذها بحذر لتجنب آثار سلبية على النمو الاقتصادي واستقرار الأسواق ومعدلات التوظيف.

– الأهمية القصوى في ضرورةً توسيع قدرة القطاع الخاص على النمو ، والتركيز على دور أكبر للقطاع الخاص ، وإعادة هيكلة وهندسة القطاع العام.

– إنه على الرغم من ملاحظة تشديد السياسة النقدية إلا أن التضخم قد يحتاج لمزيد من استمرار التشديد النقدي ، لأن معدل التضخم رغم تباطؤه في الشهور الأخيرة إلا أنه مازال بعيداً عن مستهدفاته ، وهناك إحتمالات لتولد ضغوط تضخمية جديدة بسبب خفض أو إلغاء بعض شرائح من الدعم السلعي ، وفقاً للخطط الموضوعة.

– إيجاد حيز مالي أكبر للاستثمار في رأس المال البشري ، من خلال الإنفاق على الصحة والتعليم إلى جانب الإنفاق الاجتماعي المستهدف ، وتعزيز إدارة الدين المحلي واحتواء المخاطر المالية.

– حماس أكبر في تحريك برنامج الطروحات وتحفيز الاستثمار المباشر.

فى ضوء ماسبق نتوقع أن يكون مسار السياسة النقدية خلال الفترة القصير القادمة:

– توقع ارتفاعات في معدل الضخم على أساس شهري وسنوي في حدود 2%.

– مزيد من تقييد السياسة النقدية ، ومن المحتمل أن يكون هناك رفعاً جديدا في معدل الفائدة ما بين مائة ومائتي نقطة أساس في الاجتماع القادم للجنة السياسة النقدية الموقرة.

– استمرار تجفيف فائض السيولة عن طريق عمليات السوق المفتوحة الأسبوعية مع البنك المركزي.

– استقرار سعر الصرف مع تغيرات عرضية خفيفة ، وفقاً لظروف العرض والطلب.

– توقع حكومة قوية تدير الاقتصاد بحلول حاسمة ، ولديها الخبرة والقدرة على العمل في ظروف الأزمات والصدمات ، وتتوافق مع المخاطر الجيوسياسية والجيواقتصادية الراهنة والمحيطة بنا إقليمياً وعالمياً.

محمد عبد العال

خبير مصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى