محمد عبد العال يكتب .. توجهات أسعار الفائدة بين التثبيت والخفض

نتوقع أن تتجه لجنة السياسة النقدية إلى إبقاء أسعار الفائدة كما هي على عليه لدورة أخرى

يأتى الاجتماع السادس للجنة السياسة النقدية المنبثقة عن مجلس إدارة البنك المركزى المصري الموقر ، يوم الخميس المقبل ، بخصوص أسعار الفائدة في ظل ظواهر وتوجهات اقتصادية وجيوسياسية محلية ودولية تكاد تكون مشابهة للأوضاع التي تلازمت مع قرار اللجنة بإبقاء أسعار العائد دون تغيير في الاجتماعات السابقة ، ورغم ذلك نلاحظ تباين رهان الخبراء والمحللين حول توقعات قرار اللجنة القادم ، هل يتم إبقاء الفائدة على ما هي عليه أي التثبيت ، أم يفوز رهان التخفيض؟

ولذلك فإن قضية تحديد مصير الفائدة في الاجتماع القادم يتطلب مثل كل مرة ، من الجميع ، تقديرا دقيقا للعوامل الاقتصادية والمالية المحلية والعالمية الجديدة ، والتي يمكن أن تؤثر على توجهات اللجنة ، وهي صاحبة قرارها ، ونحن فقط نحاول الاجتهاد للإقتراب من القرار المتوقع.

وفي تصوري فإن هناك افتراضين جديدين اثنين فقط يمكن أن يستند عليهما البعض في التكهن بإمكانية أن تتخذ اللجنة قراراً بالتخفيض وليس التثبيت ، وأول الافتراضين هو المرتبط بإعلان البنك المركزي الأمريكي وبعض البنوك الأوروبية بدء التحول من السياسة النقدية التقييدية إلى السياسة النقدية التيسيرية ، أي حولت أهدافها من احتواء التضخم إلى استهداف النمو والتوظيف ، حيث تم فعلا بدء خفض الفائدة المتدرج إعتباراً من شهر سبتمبر الماضي ، وهو الأمر الذي قد يوحي بأن لجنة السياسة النقدية الموقرة قد تميل في اجتماعها القادم إلى البدء في التحول إلى سياسة نقدية تيسيرية محفزة للنمو الاقتصادي ، بعد أن اطمأنّت إلى اتجاه معدل التضخم للإنحسار التدريجي.

وحقيقة الأمر أن هذا الافتراض قد لا يكون مؤثراً بشكل مباشر على قرار اللجنة في المرحلة الحالية ، لاختلاف الاقتصاد ومستويات معدل التضخم ومستهدفاته.

وثاني الافتراضات هو المرتبط بقيام كلٍ من بنكى مصر والأهلي ، وهما البنكان المملوكان للدولة ويعتبران ذراعا البنك المركزي المصري في المساعدة في تنفيذ السياسة النقدية ، بالإعلان عن تخفيض قدره نصف في المائة على أسعار الشهادات الدولارية فائقة التميز ، ويدلل البعض بهذا أن هذا التخفيض ماهو إلا إشارة استباقية لعزم لجنة السياسة النقدية بدء خفض الفائدة للجنيه المصري ، وفي هذا السياق نؤكد أن هذا الافتراض أيضا لا علاقة له بقرار اللجنه أياً كان ، وأن أسباب التخفيض يرجع إلى تقليص الفارق الكبير تدريجياً بين أسعار الشهادات الدولارية المصرية ومثيلتها كسندات الخزانة الأمريكية.

ويقيناً ، وكنوع من التحوط كالمعتاد ، علينا التوجس من 4 عوامل مهمة يتعين توقع أن تكون مؤثرة في توجهات تغيرات أسعار الفائدة المستقبلية.

أولهما المخاطر الجيوسياسية والجيوجغرافية الجديدة والقديمة المتجددة ، والمشتعلة في منطقة الشرق الأوسط بخصوص الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من ناحية ، وإيران وإسرائيل من ناحية أخرى ، ولبنان وإسرائيل من ناحية ثالثة ، ونحن في قلب وبؤرة هذا الصراع ، وفي حال تمددها وتوسع أطرافها – لا قدر الله – فمن المؤكد أن يكون لها تداعيات على خطوط الإمداد وبالتالي ارتفاع الأسعار.

ثانيهما هي الضغوط القائمة علينا من صندوق النقد الدولي بأهمية الاستمرار في اتباع سياسة نقدية ومالية تقييدية لمواجهة التضخم ، ونحن على مشارف جولة المراجعة الرابعة.

أما العامل الثالث وهو المرتبط بخطة الدولة لترشيد الدعم وما يمكن أن يتولد عنه من موجات تضخمية جديدة محتملة.

ورابعاً وأخيراً أن معدلات التضخم المسجلة الآن مازالت بعيدة جداً عن مستهدفاتها الموضوعة 7% زائد أو ناقص 2%.

وفي ضوء الإعتبارات السابقة وفي ضوء الأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية ، ورغم التوجه العالمي فى أوروبا وأمريكا للتنازل تدريجياً عن السياسات النقدية المتشددة والتوجه المتدرج إلى خفض أسعار الفائدة إلا أننا نتوقع أن تتجه لجنة السياسة النقدية المصرية إلى إبقاء أسعار الفائدة كما هي على عليه لدورة أخرى.

 

محمد عبد العال

خبير مصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى