محمد عبد العال يكتب عن الفائدة وأسعار الوقود وخواطر أخرى
قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماع الخميس الماضي بتثبيت الفائدة للمرة الرابعة على التوالي ، وقيامه بسحب ما يزيد عن 1.1 تريليون جنيه فوائض سيولة من البنوك عبر “العملية الرئيسية” قبل ذلك بيومين ، يعني أن المركزي مستمر في سياسته النقدية بالغة التقييد ،
مع استمرار إجراءات ضبط المالية المرتبطة بترشيد الدعم ، ورفع أسعار الوقود للمرة الثالثة ، يؤكد أن السياسة النقدية مستمرة في حالة التشدد الصارم حتى نهاية العام ، وربما عبوراً إلى مطلع العام القادم ، وهو ما يعني أن التوجه إلى التحول إلى التيسير النقدي وخفض الفائدة هو أمر مؤجّل ، ومن المتوقع أن يظل معدل الفائدة الحالي محلك سر على ما هي عليه ، مع ميل للرفع وفقاً لتطور الأوضاع الجيوسياسية ومتطلبات وإجراءات ضبط المالية.
لا يوجد أي إرتباط آني بين سلسلة التخفيضات التي يُقررها البنك المركزي الأمريكي على فائدة الدولار وبين التوجه لخفض فائدة الجنيه ، هم لهم اقتصادهم ومؤشراتهم المختلفة عنا.
أيضا لا يوجد ارتباط من قريب أو بعيد بين التوجه لخفض فائدة الجنيه المصري وبين قرار البنك الأهلي المصري وبنك مصر بخفض سعر عائد شهاداتهم الدولارية ، فالأولى مرتبطة بالسياسة النقدية للمركزي المصري ، والثانية تخص البنكين ورغبتهم في تقليص فارق السعر المطبق على الشهادات الدولارية مقارنة بعائد الدولار السائد عالمياً ، “سندات الخزانة 30 سنة عائدها اليوم 4.4% فقط”.
خفض بعض البنوك أسعار شهاداتهم طويلة الأجل الجديدة أو المجددة بالجنيه المصري هو أمر طبيعي ، ومن المتوقع أن يتبعهم آخرون وفقاً لسياسة كل بنك ، وبعد الحصول على موافقة المركزي على أي تعديل ، ويعود سبب هذا الإجراء أساسا ، إلى توقع البنوك بدرجة عالية من الثقة أن السياسة النقدية التقييدية سوف تنجح في السيطرة على التضخم ، ومن ثم سوف تبدأ أسعار الفائدة في الانخفاض المتدرج خلال الشهور التالية ، ابتداءً من الربع الأول من العام القادم ، ولذلك فإن البنوك قد ترى أنه من الحكمة التحسب وفقا لمحددات مخاطر العائد ، بإجراء تخفيضات متدرجة لأسعار الشهادات الجديدة وليست السارية ، لتضمن إحداث التوازن المستقبلي العادل بين تكلفة مصادر الأموال والعائد الممنوح للعملاء.
وقياسا ، نتوقع أن يزداد طلب العملاء على ربط مدخراتهم في شهادات طويلة الأجل قبل بداية موجة التخفيض.
زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية ورئيس الوزراء للقاهرة ، ورغم أهميتها الفائقة في تاريخ العلاقات المصرية السعودية في ظل ظروف صعبة جيوسياسية واقتصادية ، إلا أن تلك الزيارة كان لها طبيعة وسمات مختلفة ، وتجلى ذلك فى 3 نقاط أساسية :
الأولى : الإعلان عن تشكيل المجلس التنسيقي الأعلى المصري السعودى ، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ، هذا المجلس التنسيقي الذي سيكون بمثابة مظلة شاملة لمزيد من تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين ودفع آفاق التعاون بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتنموية والاستثمارية.
الثانية : أبرزت الزيارة أهمية العمل على تعزيز شراكة البلدين الاقتصادية ونقلها إلى آفاق أوسع عبر رؤية السعودية 2030 ورؤية مصر 2030 ، وزيادة وتيرة التعاون الاستثماري والتجاري وتضافر الجهود لخلق بيئة استثمارية محفزة وخالية من المعوقات.
الثالثة : أن القطاع الخاص في السعودية سوف يضخ فوراً إستثمارات بقيمة إجمالية 15 مليار دولار في مصر ، ستشمل صفقات جديدة لمشروعات ضخمة في قطاعات الطاقة المتجددة والصناعة والتطوير العقارى والسياحة والتكنولوجيا ، وأتوقع أن يتبع ذلك قريباً جداً الإعلان عن ضخ استثمار ضخم من الصناديق الرسمية السعودية.
محمد عبد العال
خبير مصرفي