محمد عبد العال يكتب .. ماذا يعنى انضمام البنك المركزي لنظام الدفع والتسوية الإفريقي؟
خطوة محورية تعزز من تكامل النظام المالي المصري مع الإفريقي ويوفر نظام دفع سريع وآمن للتجارة بين الدول الإفريقية
في خطوة إستراتيجية موفقة على طريق جهود البنك المركزي المصري المتصلة لتطوير وتيسير وتكامل البنية التحتية المالية في إفريقيا بصفة عامة ، ومصر والدول الإفريقية بصفة خاصة ، أعلن المركزي أمس إعتماد انضمامه إلى نظام الدفع والتسوية الإفريقى إعتباراً من نوفمبر 2024 ، وهو النظام الذي تم الإعلان عنه رسمياً من قبل بنك التصدير والاستيراد الإفريقي ، وبدأ استخدامه الفعلي في عام 2022.
ويضم النظام في عضويته حتى الآن 14 بنكًا مركزيًا لدول إفريقية ، هي نيجيريا وغانا وليبريا وجمهورية غينيا وجامبيا وسيرإلى ون وجيبوتي وزيمبابوي وزامبيا وكينيا ورواندا وملاوي وتونس وجزر القمر ، بالإضافة إلى أكثر من 50 بنك تجاري ، والجميع يهدفون إلى تعزيز التجارة عبر حدود دولهم ، مع إمكانية إتاحة استخدام العملات الوطنية في تسوية المعاملات وعدم الاعتماد على العملات الأجنبية كالدولار الأمريكي.
ويمثل إنضمام البنك المركزي المصري إلى نظام المدفوعات والتسويات الإفريقية خطوة محورية تعزز من تكامل النظام المالي المصري مع النظام المالي الإفريقي ، ويوفر نظام دفع سريع وآمن للتجارة بين الدول الإفريقية.
ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى فوائد اقتصادية ملموسة لكل الدول المشاركةً بفضل تقليل الاعتماد على العملات الأجنبية ، وتبسيط عمليات التسوية، مما يدعم النمو الاقتصادي والتجاري المستدام داخل القارة الإفريقية ، وتسعى مصر إلى تحقيق مميزات ومكاسب مشتركة ، ووفورات داخلية وخارجية متعددة من انضمامها ومشاركتها في هذا النظام.
في تصوري أن هناك العديد من الإيجابيات التي ستتوالى وتتلاحم لتولد قيمة مضافة على معظم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الإفريقية والمصرية ، كنتيجة لتوسيع مجالات التبادل التجارى “تصدير واستيراد” ، حيث سيتيح النظام للدول الأعضاء بشكل عام ومصر بشكل خاص التمتع بالميزات الممنوحة للدول الأولى بالرعاية داخل المجموعة ، ومع نمو حجم التبادل التجاري نسبيا سيكون من المتوقع أن تزداد فرص الاستفادة من الإعفاءات من نسب الجمارك أو الضرائب المقررة على بعض أنواع السلع المتبادلة بين الدول الإفريقية ، وهو الأمر الذي يعني توقع حدوث انخفاض نسبي في تكاليف الإنتاج المحلي أو مستلزمات الإنتاج المستوردة ، وفي النهاية تخفيض في أسعار السلع للمستهلك النهائي وخفض معدلات التضخم ، كما يوفر النظام إطارًا آمنًا وموثوقًا للتسويات الماليةر، مما يعزز الثقة بين البنوك والمؤسسات التجارية.
سيفتح انضمام مصر إلى ذلك النظام فرص زيادة التعاون مع الدول الإفريقية للاستفادة بحجم السوق الكبير في مصر والدول الإفريقية ، كما سيسرع النظام للدول الإفريقية الاستفادة من آلية دفع سريعة وآمنة للتسويات التجارية بين البنوك المركزية ، وهو الأمر الذي سيؤدي حتماً لنمو حجم المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بل والشركات الكبرى ، ويحفز من بناء المناطق الاقتصادية الحرة والموانئ والمطارات.
كما أن زيادة التعاون التجارى مع الدول الإفريقية عبر نظام المدفوعات والتسويات الإفريقية ، سوف يُعمق حجم التبادل التجاري ، ويسهل تسوية المدفوعات وتقليل الاعتماد على العملات الأجنبية في المعاملات بين الدول الأعضاء ، ويعمل على تنظيم عملية تسوية صافي المعاملات التجارية البينية بين الدول الإفريقية بعملات الدول الأعضاء ، ومن ثم تخفيف الاعتماد على العملات الأخرى مثل الدولار ، وبالتالي تنخفض مخاطر ظهور فجوات النقد الأجنبي المحتملة ، ويتعزز استقرار النظم النقدية والعملات الوطنية ، يسهل النظام الإجراءات المالية ، فترتفع معدلات نمو حجم التجارة المتوقع بين الدول الإفريقية ، وبينها وبين مصر بفضل إمكانيات التسوية المحلية.
محمد عبد العال
خبير مصرفي