عاجل .. البنك المركزي : تحركات سعر الصرف وتطورات محلية وعالمية أخرى أدت لتخطي التضخم معدله المستهدف في الربع الأخير من 2024
قرر البنك تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة
توقع البنك المركزي المصري أن يسجل معدل التضخم العام في مصر حوالي 26% في الربع الرابع من عام 2024 في المتوسط، متخطيا بذلك المعدل المستهدف للبنك المركزي البالغ 7%± 2% ، مرجعة ذلك إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية المحلية والعالمية خلال الفترة 2022-2024، أهمها تراكم الاختلالات الخارجية نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية خلال عام 2021، والتضخم المستورد، وتخارج استثمارات حافظة الأوراق المالية عقب اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، وصدمات العرض المحلية وعدم ترسيخ توقعات التضخم، وأخيرا إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة بهدف التشديد المالي ووضع الدين على مسار نزولي.
أضاف أن هذه التطورات ، مع تحركات سعر الصرف ، أدت إلى تخطي التضخم معدله المستهدف، حيث بلغ المعدل السنوي للتضخم العام ذروته عند 38% في سبتمبر 2023 قبل انخفاضه إلى 25.5% في نوفمبر 2024.
وقرر البنك المركزي المصري تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة إلى الربع الرابع من عام 2026 عند 7% ±2% ، والربع الرابع من 2028 عند 5%± 2% في المتوسط ، وذلك اتساقا مع التقدم التدريجي للبنك المركزي نحو اعتماد إطار متكامل لاستهداف التضخم.
وجاء هذا القرار مصاحبا لقرار لجنة السياسة النقديـة بالبنك المركزي ، اليوم الخميس ، بالإبقاء على أسعار العائد الأساسية لدى المركزي دون تغيير للمرة السادسة على التوالي ، لتستقر عائد الإيداع لليلة واحدة عند 27.25% وعائد الإقراض عند 28.25% وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي وسعر الائتمان والخصم عند 27.75%.
وفي إيضاحها لأسباب قرارها ، قالت اللجنة إنه على الصعيد العالمي، واصلت البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة خفض أسعار العائد تدريجيا في ضوء استمرار تراجع معدلات التضخم، مع الإبقاء على سياسات التشديد النقدي، حيث أن معدلات التضخم المحققة لا تزال تتجاوز المستويات المستهدفة.
أضافت أن معدل النمو الاقتصادي يتسم باستقراره إلى حد كبير ، وتشير التوقعات إلى أنه سوف يستمر عند مستوياته الحالية، وإن كان لا يزال أقل من مستويات ما قبل جائحة كورونا ، لافتة في الوقت ذاته إلى أن توقعات النمو تظل عُرضة لبعض المخاطر ، ومنها التأثير السلبي للتشديد النقدي على النشاط الاقتصادي، والتوترات الجيوسياسية، واحتمالية عودة السياسات التجارية الحمائية.
أشارت اللجنة إلى أنه بالنسبة للأسعار العالمية للسلع الأساسية، فقد شهدت تقلبات طفيفة في الآونة الأخيرة، وتشير التوقعات بانخفاض محتمل في أسعارها، وخاصة منتجات الطاقة. ومع ذلك، لا تزال المخاطر الصعودية تحيط بمسار التضخم، بما في ذلك اضطرابات التجارة العالمية والتأثير السلبي لأحوال الطقس على الإنتاج الزراعي.
تابعت أنه على الجانب المحلي، تفيد المؤشرات الأولية للربعين الثالث والرابع من عام 2024 باستمرارية تعافي النشاط الاقتصادي، مع تسارع وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مقارنة بالربع الثاني من عام 2024 ، ومع ذلك، يظل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أقل من طاقته القصوى، مما يدعم الانخفاض المتوقع في التضخم خلال عام 2025، متوقعة أن يحقق طاقته القصوى بنهاية السنة المالية 2025/2026.
وفيما يتعلق بالأجور قالت اللجنة إن الضغوط التضخمية الناجمة عنها لا تزال محدودة في ظل ضعف معدل النمو الحقيقي للأجور.
أشارت اللجنة إلى أنه رغم أن المعدل السنوي للتضخم العام شهد استقرارا خلال الثلاثة أشهر الماضية، فقد تراجع في نوفمبر 2024 إلى 25.5% نتيجة انخفاض أسعار المواد الغذائية، حيث سجلت أسعار المواد الغذائية الأساسية والخضروات الطازجة أدنى معدل تضخم سنوي لها فيما يقرب من عامين عند 24.6% خلال نوفمبر 2024 ، بينما ارتفعت الأسعار المحددة إداريا للسلع غير الغذائية، بما في ذلك منتجات الوقود والنقل البري ومنتجات التبغ، بما يتسق مع إستراتيجية زيادة الإيرادات الرامية إلى الحد من العجز المالي ، وعليه، انخفض المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 23.7% في نوفمبر 2024 مقابل 24.4% في أكتوبر 2024.
وبحسب لجنة السياسة النقدية ، فإن هذه النتائج، جنبا إلى جنب مع تحسن توقعات التضخم وعودة معدلات التضخم الشهرية إلى نمطها المعتاد، تشير إلى أن التضخم سوف يواصل مساره النزولي.
أوضحت أنه بعد عامين من الارتفاع الحاد في معدلات التضخم عالميا، بدأ التضخم في الاقتصادات المتقدمة والناشئة في التراجع، وإن كان لا يزال أعلى من معدلاته المستهدفة ، وبالمثل، بدأ معدل التضخم العام في مصر في التراجع خلال الآونة الأخيرة.
لفتت إلى أنه بدءا من مارس 2024، اتخذ البنك المركزي المصري عددا من الإجراءات التصحيحية ، بهدف استعادة استقرار الاقتصاد الكلي، مما أدى إلى احتواء الضغوط التضخمية وخفض التضخم العام ، موضحة أنه من أبرز هذه الإجراءات السياسة النقدية التقييدية التي اتبعها البنك المركزي، وتوحيد سوق الصرف الأجنبي مما ساعد على ترسيخ توقعات التضخم، وجذب المزيد من تدفقات النقد الأجنبي.
تابعت : ورغم ذلك، تتضمن المخاطر المحيطة بالتضخم احتمالات تفاقم التوترات الجيوسياسية وعودة السياسات الحمائية وزيادة تأثير إجراءات ضبط المالية العامة ، لافتة إلى أن التوقعات تشير إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءا من الربع الأول من عام 2025 ، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026.
أوضحت أنه بالنظر إلى توقعات التضخم وتطوراته الشهرية، فقد ارتأت أنه من المناسب تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة إلى الربع الرابع من عام 2026 عند 7% ±2% ، والربع الرابع من 2028 عند 5%± 2% في المتوسط، ومن ثم إتاحة مجال لاستيعاب صدمات الأسعار ، دون الحاجة للمزيد من التشديد النقدي، وبالتالي تجنب حدوث تباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي.
وترى اللجنة أن الإبقاء على أسعار العائد الأساسية للبنك المركزي دون تغيير يعد ملائما حتى يتحقق انخفاض ملحوظ ومستدام في معدل التضخم، بما يؤدي إلى ترسيخ التوقعات وتحقيق معدلات التضخم المستهدفة ، مؤكدة أنها سوف تتخذ قراراتها بشأن مدة التشديد النقدي ومدى حدته على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات.
كما أكدت اللجنة أنها سوف تواصل مراقبة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها المحتملة على المؤشرات الاقتصادية، ولن تتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة للوصول بالتضخم إلى معدلاته المستهدفة من خلال الحد من الضغوط التضخمية من جانب الطلب واحتواء الآثار الثانوية لصدمات العرض.