محمد عبد العال يكتب : الجمارك العالمية والمحروقات المحلية لن تبطئ مسيرة خفض الفائدة لماذا؟!

أتطلع أن تخفض لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري أسعار الفائدة الأساسية بمقدار من 200 إلى 300 نقطة أساس

تترقب كل دوائر الأعمال والأنشطة الاقتصادية في مصر والعالم اجتماع لجنة السياسة النقدية المنبثقة عن مجلس إدارة البنك المركزي المصري يوم الخميس المقبل ، والخاص بتحديد اتجاهات أسعار الفائدة الرسمية ، والذي يتزامن مع تولد ظواهر وتوجهات اقتصادية ومالية مهمة ، ظواهر طفت على السطح قبل أيام قليلة من اجتماع اللجنة المرتقب.

لقد كانت حالة عدم اليقين التي سادت العالم والتي صاحبت قرارات فرض الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة ، والتي عكست اضطراباً شاملا وحاداً في البورصات العالمية وتقلبات شديدة في أسواق النقد والمال والوقود والعملات المشفرة والأسهم والسندات.

وضعت تلك القرارات البنوك المركزية في حيرة فيما يتعلق بمستقبل السياسات النقدية القائمة ، وبدورها ولدت الكثير من علامات الاستفهام عن تأثير ذلك على قرار لجنة السياسة النقدية في مصر بخصوص تغيرات اسعار الفائدة؟.

على الجانب الدولي كانت رؤية معظم المراقبين والخبراء في المرحلة الأولى من صدور تلك القرارات هو تفضيل التريث وإبقاء أسعار الفائدة كما هي عليه ، ترقبا لتطور الأوضاع العالمية وانعكاساتها المحتملة في الأجل القصير ، ولكن بعد تعليق تلك القرارات لمدة 3 أشهر على كل دول العالم ، فيما عدى الصين ، تقلصت المخاوف نسبيا وعاد الاتجاه الأقرب في تصور كثير من المراقبين هو إمكانية العودة لسيناريو تخفيض الفائدة ، أي عودة ثقل الرؤى التي تتبنى قرار تخفيض الفائدة.

وعلى الجانب المحلي كان إعلان وزارة البترول المصرية عن بدء تطبيق الرفع لكل شرائح وفئات المحروقات ، هذا القرار كان متوقعاً واستراتيجيا ، وفي إطار خطة الدولة لإلغاء الدعم المنسقة مع صندوق النقد الدولي.

ومن المؤكد أنه سيترتب على هذا القرار تأثير مباشر وغير مباشر على رفع معدل التضخم العام خلال الفترة القادمة بنسب تتراوح ما بين 1.5% إلى 2% ، أي يمكن أن يصعد بمعدل التضخم العام السنوي تقديرياً إلى نحو 15.5%.

ولكن إذا قمنا بتجاهل أثر هذا القرار المحلي المتوقع ، وأيضاً تقلص أثر الحدث الدولي الاستثنائي ، ومع توقع استمرار انخفاض المعدل السنوي العام خلال الشهور التالية منه عام 2025 ، وإن كان بوتيرة أقل مما حدث في الشهور السابقة ، الأمر الذي يؤكد إمكانية امتصاص الضغوط التضخمية المستقبلية ، أسوة بتلاشى تأثير الصدمات المماثلة السابقة ، واستمرار معدل التضخم في اتجاه الهبوط ، بشرط استقرار الأوضاع الجيوسياسية العالمية والإقليمية.

إذن مع الأخذ في الإعتبار العوامل أو الجوانب العالمية والمحلية السابقة ، وإضافة تأثير تطور معدل النمو الاقتصادي ومعدل البطالة ومتطلبات ضبط المالية العامة ، من المتوقع أن تكون الركائز الأساسية التي سوف يمكن الإعتماد عليها في تحديد توجهات الفائدة ، تثبيتا أو خفضاً على النحو التالي:

بحسب التوجهات والتصريحات الدائمة و المعلنة من قبل البنك المركزي المصري أنه يستهدف التضخم بالدرجة الأولى ، كما أنه لن يتوجه إلى بدايات دورة التيسير النقدي إلا إذا ضمن أن معدل التضخم العام والأساسي قد اتخذا منحنى هبوطيا مستداما في اتجاه تحقيق الأرقام المستهدفة.

اذن التوازن بين مرحلة استقرار التضخم والتوجه للتيسير تقتضي ، وفقاً لرؤية المركزي ، التعامل بحذر لتفادي العودة إلى التضخم بعد التيسير النقدي.

وهنا يظهر السؤال .. مع انخفاض معدل التضخم العام في شهر مارس الماضي مسجلا 13.6% ، هابطا من متوسط 24% فى يناير 2025 ، مقارنة بمستهدف 7%± 2% يتعين تحقيقه مع نهاية الربع الرابع من 2026 ، ألا يكفي ذلك أن يكون التوقيت الآن مناسبا للبدء في دورة التيسير؟ خاصة بعد نجاح الأثر التراكمي للسياسة النقدية التقييدية والأثر الإيجابي لسنة الأساس في تحقيق خفض معدل التضخم؟

بالطبع قد تفكر لجنه السياسة النقدية في خفض أسعار الفائدة تدريجياً لإحداث التوازن بين متطلبات النمو الإقتصادي ومتطلبات مكافحة التضخم ، وقد ترى البدء بتقليل معقول مناسب في أسعار الفائدة ومراقبة التأثيرات قبل اتخاذ قرارات أكبر.

وبناء على هذا التصور أتطلع أن تخفض لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة الأساسية بمقدار من 200 إلى 300 نقطة أساس في اجتماعها المقبل.

 

محمد عبد العال

الخبير المصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى