حاكم مصرف لبنان المركزي: مولنا إحتياجات الدولة الضرورية.. وحساباتنا تتسم بالشفافية
أكد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامه، أن تدخل البنك المركزي لتمويل الدولة رغم العجز المتزايد وعدم إجرائها الإصلاحات اللازمة، جاء امتثالا للقانون والحفاظ على استقرار الليرة اللبنانية وضمان استمرار دفع المرتبات وتوفير الخدمات والاحتياجات الضرورية.
جاء ذلك في كلمة تلفزيونية لحاكم مصرف لبنان المركزي، اليوم، تعقيبا على الاتهام الذي وجهه إليه رئيس الحكومة حسان دياب مؤخرا بإخفاء بعض البيانات المتعلقة بالوضع المالي والنقدي للبنك المركزي وموازنته، وتسببه في تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار.
وقال سلامه إن البيانات الخاصة بموازنة البنك المركزي متطابقة مع المعايير الدولية، وتخضع للتدقيق من جانب مؤسستين دوليتين متخصصتين، وأن كافة المعلومات المتعلقة بموجودات وأصول ووضع البنك تنشر بشكل دوري، مشيرا إلى أنه سلم رئيس الحكومة كافة تلك البيانات والحسابات في 9 مارس الماضي.
شدد على أن حسابات البنك المركزي تتسم بالشفافية وأنه لا توجد أية معلومات جرى إخفاؤها، معتبرا أن القول بعكس ذلك يأتي في إطار الافتراء ويستهدف تضليل الرأي العام في إطار حملة ممنهجة يتعرض لها البنك المركزي.
كشف سلامه النقاب عن أن حجم السيولة الموجودة لدى البنك المركزي حتى 24 أبريل الجاري تبلغ 20 مليارا و 897 مليون دولار، وأن المبالغ كانت أكبر غير أن الإنفاق الضروري لاستيراد المواد الأولية للصناعة وتوفير المحروقات ومصاريف الدولة والأدوية والقمح خفض من حجم المبالغ.
أكد أن مصرف لبنان المركزي لم يكلف الدولة اللبنانية أية مبالغ، وإنما على العكس من ذلك كان يحول لها الأرباح بشكل تلقائي، وساهم في تخفيض دين الدولة، وحقق الاستقرار التمويلي في لبنان.
أشار إلى أن التدهور الراهن الذي يعانيه لبنان مرجعه عدم إجراء الإصلاحات المالية والاقتصادية اللازمة، وأن مصرف لبنان المركزي أجرى “هندسات مالية” لكسب الوقت لحين قيام الدولة اللبنانية بتنفيذ الإصلاحات
تابع أن العديد من القرارات الإصلاحية كان يتعين المضي قدما فيها وكذلك تنفيذ متطلبات مؤتمر دعم الاقتصاد اللبناني (سيدر) الذي عقد قبل عامين في فرنسا، غير أن أيا من تلك الإصلاحات لم تنفذ.
لفت إلى أن لبنان تعرض لعجز قيمته 56 مليارا و 238 مليون دولار لتمويل الاستيراد من الخارج خلال الفترة من 2015 وحتى 2019، وأن تقديرات البنك المركزي تشير إلى أنه كان يمكن توفير ما قيمته 4 مليارات دولار سنويا من هذا المبلغ تمثل استيرادا غير ضروري، إلى جانب أن العجز في الموازنة عن ذات الفترة بلغ 25 مليار دولار.
وقال: “العجزان المذكوران يبلغ مجموعهما 81 مليار دولار في غضون 5 سنوات فقط. هذه الأموال هي التي خلقت الفجوة المالية، وليست حسابات مصرف لبنان المركزي”.
أشار إلى أن لبنان يحتاج إلى نحو 16 مليار دولار سنويا لتحقيق الاستقرار العام والإبقاء على الوظائف قائمة والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن.
أكد أن سياسة استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية يمثل قرارا وطنيا، وأن المصرف المركزي على قناعة بصوابه، فضلا عن أن البيانات الوزارية للحكومة تضمنت هذا البند كأحد أهم الأولويات لعملها.
أضاف: “البنك المركزي موّل الدولة، ولكنه ليس هو من صرف الأموال، ومن هنا يجب العودة لمعرفة كيفية صرف تلك الأموال، وتحميل البنك المركزي وحاكمه تداعيات هذا التمويل وعدم مراقبته دون أن تكون هناك آلية مراقبة بيد البنك المركزي، يمثل أحد عناصر التعبئة والهجوم علينا”.
أشار إلى أن تمويل البنك المركزي للدولة ساهم في استمرارية سداد المرتبات وتوفير الكهرباء والخدمات واحتياجات الدولة، لافتا إلى أن فترات الاضرابات السياسية والتي نتج عنها فراغ في موقع رئاسة الجمهورية وكذلك في الحكومات وتعطيل عمل مجلس النواب، ساهمت في تعطيل الإصلاحات التي كان يطالب البنك المركزي بإجرائها.
شدد على أن سلسلة الرتب والرواتب (زيادات كبيرة في مرتبات العاملين في القطاع العام أقرت قبل نحو 3 أعوام) على النحو الذي جرى اعتماده، ساهمت في تدهور الأوضاع المالية، وأنه سبق للبنك المركزي أن حذر من اعتمادها بتلك الطريقة وطالب بتنفيذها تدريجيا وتقسيطها، حتى يمكن السيطرة على الوضع المالي للدولة وأن يتحقق المرجو منها من تحسين دخل الموظف العام بشكل حقيقي.
طمأن حاكم مصرف لبنان المركزي، المودعين في البنوك اللبناني أن مدخراتهم وودائعهم موجودة، وأن النظام المصرفي اللبناني لا يزال صامدا رغم الصدمات المتتالية التي يتعرض لها، مشيرا إلى أنه لا توجد ضرورة لاعتماد أي اقتطاع من الودائع في البنوك.
وقال إن البنك المركزي مستمر في تمويل احتياجات الدولة الأساسية من محروقات وقمح وأدوية، بما يحفاظ على أسعارها الأمر الذي يستفيد منه اللبنانيون، لافتا إلى أنه جرى اتخاذ عدد من القرارات الاستباقية للحفاظ على النظام المصرفي اللبناني.
أعرب سلامه عن أمله في أن تُستعاد الثقة قريبا من خلال خلق مُناخ عمل سياسي أفضل وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية على وجه السرعة، مؤكدا أن أولوية العمل لديه الحفاظ على القدرة الشرائية للبنانيين وألا تقفز الأسعار في السوق بصورة غير طبيعية
أشار إلى أن البنك المركزي يعمل في ظل ظروف صعبة ومعاكسة.
أكد أن البنك المركزي مستمر في التعاون مع الحكومة ورئيسها، على نحو ما كان متبعا في السابق مع جميع الحكومات المختلفة في توجهاتها السياسية، وأنه لن يكون أداة للتحريض على عدم الاستقرار، وسيحافظ على استقلالية البنك المركزي.