“النقد العربي” : تدخلات السياسة النقدية ساعدت على تعزيز الثقة وتجنب أزمات الإئتمان ووفرت السيولة المطلوبة لدعم التعافي من ” كورونا “

الصندوق يصدر العدد السادس عشر من سلسلة موجز سياسات حول حيز السياسات المُتاح لدعم التعافي الاقتصادي من جائحة فيروس كورونا المُستجد في الدول العربية

 حيز السياسات المتاح لاستخدام أداة سعر الفائدة يتراوح في الدول العربية ذات نظم أسعار الصرف الثابتة ما بين 0.25 و2.25 نقطة مئوية لفترة ممتدة حتى نهاية عام 2021، وفي الدول العربية ذات نظم الصرف المرنة ما بين 0.65 إلى 3.65 نقطة مئوية

أصدر صندوق النقد العربي العدد السادس عشر من سلسلة موجز سياسات حول ” حيز السياسات المُتاح لدعم التعافي الاقتصادي من جائحة فيروس كورونا المُستجد في الدول العربية”.

أشار الموجز إلى أنه في أعقاب ما يزيد عن سبعة أشهر من إعلان منظمة الصحة العالمية لفيروس كورونا المُستجد كجائحة عالمية وتسارع الجهود العالمية لإنقاذ الأرواح وسبل العيش، لا يبدو أن العالم بات قريباً من مرحلة الوصول إلى تجاوز هذه الجائحة خاصة في ظل ترجيح منظمة الصحة العالمية في أوائل أغسطس الماضي أن تكون جائحة كورونا “طويلة الأمد”، بالتالي فالسؤال القائم يتمثل في، إلى أي مدى يتوفر لصناع السياسات الاقتصادية على مستوى الدول العربية حيز سياسات للاستمرار في تبني التدابير الموجهة خصيصاً لتجاوز الآثار السلبية لانتشار الفيروس على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي ودعم التعافي الاقتصادي؟.

وبناءً على ما سبق، اهتم هذا العدد من موجز سياسات بمحاولة استشراف آفاق السياسات المتاحة لدى صناع القرار في الدول العربية لتجاوز هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة مع ما تحمله في طياتها من تحديات غير مسبوقة.

أوضح الموجز أن تدخلات الحكومات العربية ممثلةً في البنوك المركزية ووزارات المالية من خلال حزم التحفيز التي بلغت قيمتها حوالي 233.0 مليار دولار حتى تاريخه قد ساهمت خلال الأشهر السابقة في التخفيف من الأثر الاقتصادي للأزمة.

ويُستدل على ذلك من الأوضاع المريحة نسبياً لمستويات السيولة في عدد من الدول العربية ومن الاتجاهات المُسجلة في مستويات منح الائتمان للقطاع الخاص، التي واصلت ارتفاعها في عدد من الدول العربية خلال النصف الأول من عام 2020 رغم الجائحة، وكذلك من حجم الدعم المُقدم للفئات الهشة من قبل شبكات الحماية الاجتماعية التي غطت الأسر محدودة الدخل واتسعت شموليتها لتشمل كذلك القطاع غير الرسمي.

أكد الموجز على أن دعم التعافي في الأجل المتوسط يستلزم مواصلة جهود الحكومات العربية لحفز النشاط الاقتصادي ومواجهة الآثار الناتجة عن الجائحة واستعادة الوظائف المفقودة التي تقدر وفق تقديرات صندوق النقد العربي بما يتراوح بين 6 و7 ملايين وظيفة في عام 2020.

وبناءً عليه، تطرق الموجز إلى تحليل حيز السياسات المُتاح على عدد من الأصعدة. ففيما يتعلق بصعيد السياسة النقدية، فمن المعروف وفقاً للنظريات الاقتصادية أن السياسة النقدية يمكنها أن تلعب دوراً محدوداً إلى حد ما في التغلب على حالات الركود الاقتصادي في الأجل المتوسط مقارنة بالسياسات المالية ذات الأثر الأكبر في تنشيط الطلب الكلي وتحفيز الناتج والتشغيل.

لكن بالنظر إلى خصوصية أزمة كورونا التي أثرت ليس فقط على جانب الطلب الكلي، وإنما على جانب العرض الكلي كذلك، وكان من نتاجها تراجع مستويات ثقة المستثمرين والمستهلكين إلى أدنى مستوياتها وتنامي المخاوف بشأن قدرة مؤسسات الأعمال على التعافي من هذه الأزمة، لعبت تدخلات السياسة النقدية دوراً معززاً للثقة في الاقتصادات العربية من خلال ضمان توفر الائتمان والسيولة، ومساعدة المشروعات والشركات المتأثرة بالأزمة على توفير السيولة الداعمة لرأس المال العامل والمصروفات التشغيلية.

أوضح الموجز أن بعض التدخلات على صعيد السياسة النقدية ساعدت على تجنب ضغوطات شح السيولة بسبب الجائحة ومكنت البنوك من التوسع في منح الائتمان للقطاع الخاص لا سيما فيما يتعلق بأداة اتفاقات إعادة الشراء ونسبة الاحتياطي القانوني. بالنسبة لحيز السياسات المتاح لاستخدام أدوات السياسة النقدية في المستقبل.

أشار إلى أن الدول التي تربط عملاتها بالدولار الأمريكي على سبيل المثال يتراوح حيز السياسات المُتاح لديها لاستخدام أداة سعـــر الفــائدة ما بين 0.25 و2.25 نقطة مئوية، فيما يرتفع الحيز في حالة الدول التي تتبني نظماً أكثر مرونة لسعر الصرف إلى ما يتراوح بين 0.65 و3.65 نقطة مئوية.

من جانب آخر، وبالنظر إلى النسبة الحالية لمضاعف النقود التي تمثل قدرة البنوك على خلق الودائع وإلى معامل التفضيل النقدي الذي يمثل الأهمية النسبية للنقود من مجمل السيولة المحلية، يتضح وجود حيز للسياسات لاستخدام سياسة خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي في ست دول عربية بما من شأنه تحرير سيولة تساعد على دعم مستويات الائتمان المحلي.

 

علاوة على ما سبق وفي ظل الدور المهم الذي لعبته كل من أداة اتفاقية إعادة الشراء، أشار الموجز إلى أن خفض الفائدة المرتبطة بهذه العمليات وزيادة آجالها في المرحلة المقبلة من شأنه أن يساهم في توفير السيولة للبنوك بآجال تتوافق مع عملياتها ويدعم التعافي الاقتصادي. كذلك من شأن اتجاه الدول العربية ذات الاقتصادات المتنوعة إلى تعزيز مستويات مرونة أسعار الصرف أن يساعد على امتصاص الصدمات الخارجية ودعم التعافي الاقتصادي.

وعلى صعيد السياسة الاحترازية الكلية، أوضح الموجز أنه في حال ما إذا امتدت الأزمة، سوف يكون من المهم دعم القطاعات الانتاجية ذات الأثر الاقتصادي الأكبر من خلال عدد من الإجراءات من بينها، على سبيل المثال، خفض أوزان المخاطر المتعلقة بهذه القطاعات، لفترة مؤقتة، ضمن إطار متطلبات رأس المال التنظيمي وبشكل مدروس.

كما يُمكن كذلك تخفيف أدوات رأس المال وهوامش دعم السيولة بعناية وبتدرج وضمن حدود مدروسة ، وفي جميع الأحوال، ضرورة أن يتزامن السماح باستخدام هوامش رأس المال والسيولة مع وضع قيود على توزيع الأرباح والمكافآت في القطاع المصرفي.

وعلى مستوى حيز السياسات المُتاح من خلال السياسة المالية، التي يقع على عاتقها العبء الأكبر لتبني التدابير اللازمة للتخفيف من التبعات الناتجة عن فيروس كورونا المُستجد ودعم التعافي الاقتصادي، أوضح الموجز تعرض الموازنات العربية لصدمة مزدوجة خلال عام 2020 نتيجة التراجع الكبير المُسجل في مستوى الإيرادات النفطية والضريبية، في الوقت الذي التزمت فيه الحكومات العربية بزيادات كبيرة في مستوى الإنفاق للحد من وقع الركود الاقتصادي على مستويات الدخول والتشغيل.

وبناءً عليه، تقلص الحيز المالي بشكل كبير في أربع عشرة دولة عربية وهو ما يستلزم الإسراع بوتيرة الإصلاح الضريبي وترشيد الإنفاق العام لتوفير حيز مالي يُمكن من خلال الاستمرار في دعم التعافي في الأجل المتوسط.

في هذا السياق، وعلى وجه الخصوص هناك حيز للسياسات للاستفادة من الإصلاح الضريبي في اثنتي عشرة دول عربية ينخفض فيها العبء الضريبي دون المعدلات العالمية.

كما يمكن لسبع دول عربية تعزيز الحيز المالي المتاح لديها من خلال الاستفادة من رقمنة الأداء الضريبي وغيره من الإجراءات التي تساعد على تسهيل الأداء الضريبي.

أما فيما يتعلق بترشيد الإنفاق العام فمن واقع مقاربة نسبة الإنفاق العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية مع المتوسط العالمي، يتضح وجود حيز للسياسات للاستفادة من ترشيد الإنفاق العام في إحدى عشرة دولة عربية.

كذلك من الأهمية بمكان تركيز الحكومات العربية على زيادة مستويات الإنفاق على مشروعات البنية كثيفة التشغيل وفي المجالات التي تساعد على تسهيل بيئة الأعمال والتغلب على الاختناقات التي تؤثر على جانب العرض الكلي.

في هذا الصدد، من شأن تنفيذ هذه المشروعات من خلال أطر الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، بعد ضمان الحكومات العربية لتوفير المقومات الداعمة لنجاح مثل هذه المشروعات، أن يساهم في دعم التعافي الاقتصادي وتعزيز الاستدامة المالية.

أشار الموجز إلى أنه على الرغم من أن التعامل مع الجائحة يستلزم بالطبع من واقع السياسات الاقتصادية التركيز على السياسات ذات القدرة على التحفيز السريع لجانب الطلب الكلي في الأجلين القصير والمتوسط، من ثم ينصب تركيز صناع القرار على أدوات السياسة النقدية والمالية والاحترازية الكلية، إلا أن لجوء صناع السياسات إلى تبني عدد من الإصلاحات الاقتصادية التي يتم تنفيذها في الأجل المتوسط وتستهدف جانب العرض الكلي وعلى رأسها الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية، أن يساعد على زيادة مستويات مرونة ومنعة الاقتصادات العربية.

من جهة أخرى، أوضح الموجز أنه ورغم أن الجائحة كان لها أثراً غير مسبوق على مستويات الناتج المحلي الإجمالي في العديد من دول العالم المتقدم والنامي على حد سواء، إلا أن تأثيرها كان أكبر بالنسبة للدول ذات المستويات المنخفضة من التنويع الاقتصادي مقابل الاقتصادات الأكثر تنوعاً، التي أظهرت مرونة أكبر على صعيد التجاوب مع الأزمة.

فعلى سبيل المثال، ففي حين من المتوقع انكماش اقتصادات الدول العربية المصدرة للنفط بنحو 4.7 في المائة خلال عام 2020، فإن الأثر المتوقع على الدول العربية ذات الاقتصادات المتنوعة من المتوقع أن يكون بحدود 2 في المائة.

بالتالي فإن أحد السياسات المقترحة لتجاوز التداعيات الاقتصادية السلبية لفيروس كورونا، تتمثل في الاستثمار في زيادة مستويات تنويع الهياكل الإنتاجية والتصديرية.

وفي هذا الإطار هناك حيز سياسات جيد لدعم التعافي الاقتصادي في الدول العربية المصدرة للنفط، يتمثل في تركيز الصناديق السيادية على الاستثمار في مشروعات التنويع الاقتصادي التي تحقق الاكتفاء الذاتي وتزيد من مستويات مُنعة الاقتصادات العربية المُصدرة للنفط.

للإطلاع على الدراسة كاملة من هنا 

https://www.amf.org.ae/sites/default/files/economic_brief/2020/%D9%85%D9%88%D8%AC%D8%B2%20%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA_%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3%20%D8%B9%D8%B4%D8%B1%20-%20%D8%AD%D9%8A%D8%B2%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%20%D9%85%D9%86%20%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%AD%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%B3%20%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AC%D8%AF%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9_0.pdf

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى