البنك المركزي المصري يثبت أسعار الفائدة للمرة الثامنة على التوالي
قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري ، خلال اجتماعها اليوم ، الخميس ، الإبقاء على أسعار العائد الأساسية لدى المركزي ، للمرة الثامنة على التوالي، عند 8.25% للإيداع و9.25% للإقراض، و8.75% لسعر الائتمان والخصم وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي، وهو المستوى الذي وصلت إليه تلك الأسعار في نوفمبر 2019.
وكان قرار اللجنة متوقع بشكل كبير ، حيث توقع 66.66% من المشاركين في الاستطلاع الذي أعده “بنوك واستثمار” أن تتخذ اللجنة هذا القرار، رغم الارتفاع الذي يشهده معدل التضخم في الفترة الأخيرة ، ووجود توقعات بمزيد من ارتفاعه خلال الفترة المقبلة.
ومؤخرا أعلن البنك المركزي عن تسجيل الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين المعد من جانبه معدلاً شهرياً بلغ 0.4% فى سبتمبر 2021، مقابل معدل شهري سالب بلغ 0.3% في شهر أغسطس، لافتا إلى أن المعدل السنوي للتضخم الأساسي سجل 4.8% في سبتمبر 2021، مقابل 4.5% في أغسطس.
وكشف الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 6.6% في سبتمبر 2021، مقابل 5.7% في أغسطس.
وقال الجهاز إن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية بلغ 116.1 نقطة لشهر سبتمبر 2021، مسجلاً بذلك ارتفاعاُ قدره 1.6% عن شهر أغسطس 2021.
أشار الجهاز إلى أن معدل التضـخم السنوي لإجمالي الجمهورية سجل 8% لشهر سبتمبر 2021 ، مقابل 6.4% في أغسطس.
وكان محمد عبد العال الخبير المصرفي البارز واحد من الخبراء الذين يتوقعون تثبيت الفائدة ، قائلا: ، ” في تصوري أن لجنة السياسة النقدية ربما تتجه للإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الثامنة على التوالي ، وهو ما يعني أن مستويات أسعار الفائدة القائمة مستمرة فى اتساقها وتوازنها مع معظم المؤشرات الاقتصادية الرئيسية المحلية والعالمية”.
أوضح عبد العال أن ارتفاع معدل التضخم في سبتمبر الماضي بمؤشريه العام والأساسي كان متوقع بسبب ارتفاع الطلب على السلع مع التعافي الاقتصادي العالمي من ناحية ، و ارتفاع أسعار النفط من ناحية أخرى.
وأضاف أنه رغم الاتجاه التصاعدي لمعدل التضخم إلا أنه لا يزال في النطاق الذي استهدفه البنك المركزي وهو ( 7% زائد أو ناقص 2% ) حتى نهاية الربع الرابع من 2022 ، وفي ضوء ذلك يكون التفكير في أي تعديل لأسعار الفائدة فى المرحلة الحالية أمراً غير مبرر.
وأشار عبد العال إلى أن وجود فارق عائد حقيقي معقول جدا بين المستوى الحالي لفائدة الجنيه ومستوى التضخم كان يتيح للسلطة النقدية خفض الفائدة ، ولكنها قد تفضل الاستمرار على المستوى الحالي دعماً لمدخرات القطاع العائلي، ولإتاحة عوائد مميزة على مدخراتهم ، بما يضمن لهم دخلا ثابتا، يساعد على خلق طلب مشتق على السلع والخدمات ، وأيضا جذبا لتحويلات المصريين فى الخارج، وحفاظاً على تدفق الاستثمار الأجنبي غير المباشر في أوراق الدين الحكومية.
أضاف أن قلق بعض المراقبين من قيام البنك المركزي الأمريكي بتخفيف مشترياته الشهرية من السندات فى نوفمبر المقبل وبدء رفع الفائدة مع بداية العام القادم ، رغم واقعيته إلا أنه قد يكون مبالغ فيه نسبياً ، لأن تنوع مصادر النقد الأجنبي واستقرار سعر الجنيه والاحتياطي بالنقد الأجنبي وتميز الجنيه المصري، بتحقيقه عائدا حقيقيا منافسا ، كل ذلك يقلل ويخفف من تأثير تلك المخاوف على المدى القصير والمتوسط ، بالإضافة إلى أن مصر تتجه للتحول إلى مصادر قروض طويلة الأجل كبديل للأموال الساخنة، وأيضاً دخول السندات الحكومية لمنصة يور وكلير سيساعد علي جذب استثمارات جديدة طويلة الأجل، مما سيعوض خروج استثمارات الأجانب قصيرة الأجل فى أوراق الدين المحلية، إذا ما خرجت بتأثير ارتفاع الفائدة الأمريكية المحتمل والمتوقع.
أكد عبد العال إن إجراء أي رفع أو خفض في اجتماع المركزي الخميس قد يكون في غير توقيته ، لأن المركزي يستهدف إتباع سياسة نقدية لموازنة آثار التضخم ، بعد أن أتم السيطرة عليه ، لافتا إلى ان رفع الفائدة، ونحن مازلنا في الموجة الرابعة من كوفيد 19 ، قد يؤدى إلى تقليص التعافي والنمو الاقتصادي، وخفض الفائدة قد يؤدى إلى انكماش الطلب الكلي على السلع والخدمات ، نتيجة انخفاض القوة الشرائية للمدخرين من القطاع العائلي ، كما قد يؤثر سلباً على حجم وقيمة الاستثمار الأجنبي غير المباشر.
كما كان القرار متوقعا أيضا من جانب طارق متولي الخبير المصرفي ، والذي أوضح أنه رغم ارتفاع التضخم إلى مستوى 8% إلا إنه مازال يتماشى مع مستهدفات البنك المركزي لهذا العام والتي تتراوح بين 5% – 9% ، وهي المستهدفات التي حافظت على استمرارية نشاط الأعمال وتحقيق معدلات نمو موجبة.
أضاف أن الموجة التضخمية جاءت نتيجة ظروف عالمية ألقت بظلالها على الاقتصاد المصري ، وليست نتيجة عوامل داخلية متعلقة بالعرض والطلب بالسوق المحلية.
تابع ، ” بالرغم من ارتفاع التضخم إلى مستوى 8% إلا أن الفائدة الحقيقية لا تزال في صالح الجنيه المصري في حدود 2- 3% حالياً ، وهو معدل مقبول وجاذب بالأسواق الناشئة؛ مما يعطي صانع السياسة النقدية فرصة للإبقاء على أسعار الفائدة الحاليّة دون تغيير ، مع مراقبة الأسواق العالمية في ظل اتجاه البنك الفيدرالي الأمريكي إلى تخفيض مشترياته من السندات للسيطرة على التضخم ، وما قد يعقبه من خطوة لرفع سعر الفائدة مستقبلاً ، وتأثير ذلك على الأسواق العالمية والمحلية ، خاصة على استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي والتي بلغت 33 مليار دولار”.
كما توقع بنك الاستثمار بلتون هذه الخطوة ، مرجعا تلك التوقعات إلى حاجة البنك المركزي للحفاظ على جاذبية الاستثمار في سوق أدوات الدخل الثابت، خاصة مع ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً، مما يشكل ضغطا على التدفقات للأسواق الناشئة.
وتوقع استمرار ارتفاع التضخم العام السنوي في الربع الرابع من 2021 مع بدء انعكاس ارتفاع الأسعار العالمية للسلع تدريجيا على السوق المحلي إلى جانب أثر فترات المقارنة.
وتوقعت إدارة البحوث بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار أن يبقي البنك المركزي المصري سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعه اليوم.
وقالت مونيت دوس، محلل أول الاقتصاد الكلي وقطاع الخدمات المالية بالشركة إنه من المتوقع أن يظل معدل التضخم في مصر ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي والبالغ 7% (+/- 2%) للربع الرابع من 2022، متوقعة أن يبلغ متوسطه 5.9% في الربع الرابع من 2021.
وأكدت أن ارتفاع الأسعار العالمية للنفط والسلع الأساسية الأخرى يفرض ضغوطًا تضخمية كبيرة على الصعيد المحلي، خاصة في ظل التصريحات الرسمية الأخيرة عن نية الحكومة خفض فاتورة الدعم.
وعلى الصعيد العالمي؛ أوضحت دوس أن هناك تجاه لتشديد السياسة النقدية، حيث أشار مسئولو الاحتياطي الفيدرالي إلى أنهم قد يبدءون في تقليص الإنفاق التحفيزي قبل نهاية العام، كما أعلن محافظ بنك إنجلترا مؤخرًا أن البنك المركزي يجب أن يعمل على مواجهة التضخم المتزايد.
وأضافت أن احتمالات تشديد السياسة النقدية العالمية قد يكون انعكس في تشكيل بعض الضغوط على أسعار الفائدة على عوائد أذون الخزانة المصرية أجل الـ 12 شهرًا، والتي زادت بمقدار 13 نقطة أساس منذ بداية أكتوبر.
وأوضحت أن صافي مركز التزامات القطاع المصرفي المصري من العملة الأجنبية قد ارتفع إلى 4.44 مليار دولار في أغسطس من 1,63 مليار دولار في يوليو؛ وهذا من شأنه أيضًا أن يفرض ضغوطًا متزايدة على أسعار الفائدة على أدوات الدين المصرية.
وأكدت أن أذون الخزانة المصرية أجل الـ 12 شهرًا تستمر في تقديم عائد حقيقي جذاب بنسبة 3% تقريباً (باحتساب 15% ضرائب على أذون الخزانة المفروضة على المستثمرين الأمريكيين والأوروبيين وتوقعاتنا للتضخم عند 8 % تقريبا لعام 2022)؛ هذا مقارنة بنسبة 4% تقريبا التي تقدمها تركيا (باحتساب 18.25% عائد على سندات الخزانة أجل 9 شهور وصفر% ضرائب وتوقعات بلومبرج للتضخم التركي عند 14% تقريبا لمدة عام).