بعد عدة تخفيضات.. المركزي التركي يبقي سعر الفائدة عند 14%
أبقى البنك المركزي التركي سعر الفائدة عند 14% دون تغيير، بما يتوافق مع توقعات السوق، بعد أن أدى تراجع العملة وارتفاع أسعار الطاقة عالمياً إلى دفع مؤشر التضخم إلى أعلى مستوى منذ بداية حكم الرئيس رجب طيب أردوغان.
وكان جميع الاقتصاديين العشرين الذين شملهم استطلاع أجرته “بلومبرج” قد توقعوا أن يُبقي البنك المركزي التركي، بقيادة المحافظ شهاوب قاوجي أوجلو، على معدل إعادة الشراء القياسي لأسبوع واحد عند نسبة 14%.
وقال المركزي التركي أن المؤشرات الرئيسية كشفت أن النشاط الاقتصادي المحلي لا يزال قوياً، بمساعدة انتعاش الطلب الخارجي، بينما تزداد حصة المكونات المستدامة للنمو الاقتصادي، من المتوقع أن يحقق رصيد الحساب الجاري فائضًا في عام 2022، وفقاً لبلومبرج.
وتوقع البنك المركزي أن يبدأ التضخم في التراجع على خلفية التدابير المتخذة لاستدامة الأسعار والاستقرار المالي، سيواصل المركزي التركي استخدام جميع الأدوات المتاحة بشكل حاسم حتى تشير المؤشرات القوية إلى انخفاض مستدام في التضخم ليحقق هدف الـ 5% على المدى المتوسط سعياً وراء الهدف الأساسي المتمثل في استقرار الأسعار.
وفي حين بدأ معظم الأسواق الناشئة في رفع أسعار الفائدة خلال الأشهر الأخيرة لتجنب ضغوط الأسعار العالمية، خفضت تركيا أسعار الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس (5%) منذ سبتمبر 2021، وهي دورة تخفيض قوية طالب بها أردوغان، في محاولة عالية المخاطر لتعزيز النمو وإعادة توجيه الاقتصاد نحو التصنيع والصادرات.
وخفف الرئيس نبرته في التصريحات التي أدلى بها مؤخراً، ومع ذلك قال إن تكاليف الاقتراض ستنخفض تدريجياً في عام 2022.
وجاءت تصريحات أردوغان تكراراً لتصريحات وزير الخزانة والمالية نور الدين نباتي الذي صرح الأسبوع الماضي بأن صانعي السياسة سينتظرون ليروا كيف سيكون أداء الاقتصاد خلال الربع الأول، في ضوء الجولة الأخيرة من التيسير النقدي (خفض أسعار الفائدة).
وكان البنك المركزي التركي قد أشار في العام الماضي إلى أن خفض سعر الفائدة في ديسمبر 2021 من المحتمل أن يكون الأخير في الدورة الحالية.
ويصف أردوغان نفسه بأنه “عدو” لأسعار الفائدة المرتفعة، وأدت ضغوطه المكثفة من أجل خفض تكاليف الاقتراض العام الماضي إلى تراجع غير مسبوق لسعر صرف الليرة.
وفقدت العملة التركية ما يصل إلى نصف قيمتها في 3 أشهر قبل أن تستقر بعد أن اتخذت الحكومة تدابير طارئة في ديسمبر، بما في ذلك إطلاق برنامج لتعويض المستثمرين بالليرة عن الانخفاضات الرئيسية في قيمة العملة، لكن انخفاض قيمة الليرة دفع إلى تضخم جامح وتدهور التوقعات إزاء الأسعار. قفزت توقعات التضخم للأشهر الـ12 المقبلة إلى 25.37% من 21.39%، وفقاً لمسح البنك المركزي لشهر يناير شمل آراء المشاركين في السوق.
وتتوقع بعض بنوك “وول ستريت” أن أزمة العملة في العام الماضي قد تدفع التضخم إلى ما فوق 50% على الرغم من أن وزير المالية التركي يقول إنه سيبلغ ذروته سريعاً وسينخفض بشدة لاحقاً.
كما أدى ضغط أردوغان من أجل خفض أسعار الفائدة إلى حدوث نتائج عكسية في سوق السندات، إذ تُرجمت ثقة المستثمرين الضعيفة إلى ارتفاع العوائد.
ومنذ أن بدأ البنك المركزي التركي في خفض أسعار الفائدة في سبتمبر 2021، ارتفع العائد على السندات الحكومية لأجل 10 سنوات بأكثر من 8 نقاط مئوية، مسجلاً أعلى مستوى له على الإطلاق عند 25.15% خلال يناير، يزيد العائد على السندات الحكومية لأجل 10 سنوات نحو 9 نقاط مئوية فوق سعر إعادة الشراء القياسي لدى “المركزي التركي” البالغ 14%.
ومن جانبها قالت فينيكس كالين، الرئيسة العالمية لأبحاث الأسواق الناشئة في بنك “سوسيتيه جنرال، إنّ الأولويات المتنافسة أو المتضاربة للبنك المركزي، المتمثلة في إرضاء أردوغان بخفض أسعار الفائدة واستقرار الليرة، غير متوافقة.
وتابعت كالين: “بالنظر إلى السعر الباهظ الذي سيتعين عليهم (الأتراك) دفعه من حيث نضوب احتياطيات العملات الأجنبية، فإن السيناريو الأساسي هو أن أسعار الفائدة السياسة مستقرة عند المستوى الحالي (14%) هذا العام”.
وقال زياد داود، المحلل في “بلومبرج إيكونوميكس، إنه بعد خفض أسعار الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس خلال 4 اجتماعات متتالية، نتوقع أن يُبقي البنك المركزي التركي على سياسته دون تغيير في اجتماع السياسة النقدية في يوم 20 يناير، موضحاً أن البنك أشار إلى نهاية دورة التيسير في اجتماعه خلال ديسمبر مع ضعف الليرة وخروج التضخم عن السيطرة.
ومع ذلك، فإن خطة البنك المركزي التركي لا تزال تتمثل في خفض أسعار الفائدة تدريجياً، كما قال كيران كيرتس، المدير في “أبردين آسيت مانجمنت”، الذي لا يرى أي تغيير في توجهات السياسة النقدية.
وفي 27 يناير، سيُحدِّث شهاب قاوجي أوجلو، محافظ المركزي التركي، السيناريو الأساسي بالنسبة إلى التضخم حتى بقية عام 2022 والسنتين التاليتين ، كما ستنشر وكالة الإحصاء بيانات التضخم لشهر يناير في 3 فبراير.