بلومبرج : عائد أدوات الدين المصرية يغري الأجانب بعد ارتفاعه لمستوى قياسي
أغلب أذون الخزانة المصرية تتجاوز البلدان النامية الأخرى بعائد هو الأكبر على الإطلاق
يتأهب مستثمرو الأسواق الناشئة للدخول من جديد في سوق الديون المحلية المصرية، حيث يجذبهم تراجع الجنيه والعائدات القياسية بالمقارنة مع أقرانها.
وأدى انتقال مصر إلى سعر صرف أكثر مرونة إلى عودة الاهتمام بديونها بالعملة المحلية التي سجلت أسوأ أداء في الأسواق الناشئة العام الماضي، وفقاً لمؤشرات”بلومبرج ، وذلك بعد أن سحب المستثمرون 22 مليار دولار من السوق على مدى ستة أشهر في 2022، وفقاً لوزير المالية، محمد معيط.
وقالت بلومبرج إن أذون الخزانة المصرية تتداول الآن بسعر هو الأدنى على الإطلاق مقارنة بأدوات دين الأسواق الناشئة، ليتسع الفارق بين عائد أغلب أذون الخزانة المصرية والبلدان النامية الأخرى خلال الأسبوع الجاري لأكبر قدر على الإطلاق.
يُعد جذب المستثمرين الأجانب مرة أخرى إلى سوق الدين المحلي أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لأكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان التي عزفت عن أسواق رأس المال الخارجية لمدة عام تقريباً.
“بعد الاستمرار في خفض وزن (أدوات الدين المصرية) في أغلب 2022، أرى أخيراً ظروفاً مواتية للعودة إلى السوق المحلية”، وفقاً لجوردون باورز، المحلل بشركة كولومبيا ثريدنيدل انفستمنتس (Columbia Threadneedle Investments) المقيم في لندن.
أضاف: “سأحتفظ ببعض السيولة المتاحة لزيادة الوزن إذا ما استمرت العملة في تجاوز قيمتها العادلة”.
وهبط الجنيه المصري إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 32.1 أمام الدولار هذا الشهر وسط أسوأ أزمة سيولة أجنبية شهدتها البلاد منذ سنوات ، لكن سيظل بعضهم راغباً في رؤية بلوغ العملة مرحلة التوازن قبل التوجه بشكل أكبر نحو أدوات الدين المصرية.
وترى كولومبيا ثريدنيدل انفستمنتس أنَّ الجنيه المصري مقوّم بالفعل بأقل من قيمته بنسبة 25%، عند قياسه بسعر الصرف الفعلي الحقيقي، وهو مقياس لتنافسية العملة مقابل الشركاء التجاريين. لكنَّها تقول أيضاً إنَّ العملة قد تنخفض أكثر.
من جهته، يتوقَّع “دويتشه بنك” أن يضعف الجنيه بنسبة تصل إلى 10% إلى 33 أمام الدولار قبل أن يستقر.
بصفتها واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم؛ تضررت مصر بشدة من التداعيات الاقتصادية للغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي. حتى ذلك الحين، كانت وجهة رئيسية للأموال الساخنة المتقلبة بسبب مزيج من سعر العملة الثابت وأعلى معدلات فائدة في العالم عند تعديلها لمراعاة التضخم.
على الرغم من ذلك؛ بدأت الحكومة مؤخراً بالتشكيك في اعتماد الدولة على هذا النوع من التدفقات، ومع تفاقم الأزمة العام الماضي؛ أدخلت ما أسمته نظام سعر الصرف “المرن الدائم”.
تبع ذلك سلسلة من عمليات تخفيض لقيمة العملة، مما ساعد مصر في الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي. هذا بالإضافة إلى الاتفاق على خيارات اقتراض أخرى، إذ تعهد الحلفاء الخليجيون أيضاً بتقديم ودائع واستثمارات بأكثر من 20 مليار دولار لمساعدة دولة يرون أنَّها حيوية للأمن والاستقرار الإقليميين.
آخر مرة لجأت فيها مصر إلى أسواق السندات الدولية كانت في مارس 2022، عندما أصدرت أوراقاً مالية مقوّمة بالين الياباني، كما أنَّ آخر صفقة ديون بالدولار كانت في سبتمبر 2021. ولدى مصر 39 مليار دولار من سندات اليوروبوند المستحقة، وفقاً لبيانات جمعتها “بلومبرج”.
مع تجاوز التضخم 21% في ديسمبر، قد يضطر البنك المركزي المصري إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي، وفقاً لماثيو فوجل، مدير المحافظ المقيم في لندن ورئيس أبحاث الأدوات السيادية في “إف آي إم بارتنرز” (FIM Partners).
وقال فوجل: “مع ارتفاع التضخم إلى ما يقرب من 30% في الأشهر المقبلة، وعدم وجود نقطة ارتكاز في سوق العملات بالنظر إلى التغيير في النظام، ما زلنا نعتقد أنَّ البنك المركزي المصري يجب أن يواصل التشديد”.
في غضون ذلك، تضاءلت الفجوة بين السعر الرسمي للجنيه وسعره في السوق الموازية، والتي ظهرت مع معاناة المصريين بالعثور على الدولار عبر الطرق الرسمية ، كما تجدر الإشارة إلى تحسن وضع تراكم البضائع في الموانئ الذي كان قد عزز من تزايد الطلب على الدولار.
“يبدو أنَّنا أصبحنا أقرب إلى نهاية عملية تخفيض العملة”، وفقاً لبول غرير، مدير الأموال في شركة “فيديليتي إنترناشونال” في لندن، الذي كانت توصيته محايدة تجاه العملة المصرية والديون المحلية.
أضاف: “يمكننا أن نتوقَّع عودة الطلب، خاصة في بيئة يتراجع فيها التضخم العالمي، والعوائد العالمية، والدولار الأمريكي”.