محمد عبد العال يكتب عن.. المصريين فى الخارج .. وأفكار جريئة!!
نحن نعيش أزمة إقتصادية تحتاج حلولا جريئة تتناسب مع شدة وحدة تلك الأزمة التي فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية
تسعى الدولة جاهدة لتقليص الفجوة الدولارية من مصادر جديدة ومختلفة ، مثل دعم الاستثمار المباشر ، وملف الطروحات ، إلى جانب ذلك هناك مصادر قديمة ومتاحة ولكنها فى حاجة إلى تطوير وتسريع بعض أدوات وأساليب التعامل معها بأفكار جريئة أو خارج الصندوق.
من تلك المصادر الذهبية تحويلات المصريين العاملين فى الخارج ، والذى يقدر عددهم بنحو 12 مليونا ، بين عامل أو مهاجر ، ويُقدر ما يُحَوْلونه إلى وطنهم سنويا فى المتوسط ، نحو 30 مليار دولار ، لتتفوق تحويلاتهم على كل مصادر النقد الأجنبى التقليدية الأخرى.
وأعرض فيما يلي 4 أفكار يمكن أن تساهم في تنشيط وتسريع ورفع معدل مساهمة هذا المصدر الذهبي في سد فجوة النقد الأجنبي.
* الإقتراح الأول :
الإعفاء الجمركي لسيارات العاملين في الخارج ، موضوع قديم متجدد ، ولكن للأسف لم يحظ كل ما طُبِقَ من آليات بالنجاح المنتظر حتى الآن! إما لسبب عدم جدوى شروطه أو لمشاكل وبيروقراطية التنفيذ ، والإقتراح المعروض في هذا الصدد يتضمن السماح لكل مصري يعمل في الخارج بإمكانية جلب سيارة من الخارج وفقا للقانون الصادر في هذا الشأن وتعديلاته السارية ، ولكن مع إجراء بعض التطويرات المقترحة من أهمها إلغاء شرط عدم الحصول على المعادل بالجنيه المصري لقيمة الجمرك المسددة بالنقد الأجنبي إلا بعد 5 سنوات ، على أن يتم الإجراء المقترح بعد ذلك على النحو التالي ، مع منح فرصة لمد الإطار الزمني للقانون لفترة أخرى مناسبة:
– بعد استيفاء الصفقة وتحديد نوع السيارة وقيمة الجمارك ، إن وجدت ، وملحقاتها وتحديد المعادل المطلوب بالنقد الأجنبي ، يقوم صاحب السيارة أو وكيله بتحويل القيمة المطلوبة بالنقد الأجنبي وذلك وفقا للإجراءات المقررة والقائمة حاليا.
– بمجرد تقديم ما يثبت التحويل وفي ذات اللحظة يحصل المواطن من بنك التعامل على المعادل بالجنيه المصري لما دفعه فعلاً بالنقد الأجنبي كقيمة جمركية لسيارته بالسعر الرسمي المعلن في البنك.
يُلاحظ هنا أنه لم يتم عمل ودائع بالدولار لمدة 5 سنوات بل تنتهي الصفقة بأن يتنازل المواطن على النقد الأجنبي مقابل الحصول على المعادل بالمصري بالسعر السائد ، وينتهي الأمر تماماً إلى الأبد ، وبدون أية معلقات ، بالإفراج عن السيارة ، وهكذا تتم العملية بسرعة ويسر ، ويتحقق الغرض لكل الأطراف ، وبدون أية معلقات مستقبلية غير مبررة منطقياً.
– الإقتراح الثانى : هناك نسبة – لا أستطيع تقديرها – من العاملين أو المهاجرين في الخارج من أجيال الشباب الذين تجاوزت أعمار كلٍ منهم الثلاثين عاما ، ولكنهم لم يتمكنوا من شرف آداء الخدمة العسكرية لأسباب مختلفة ولا يستطيعون القدوم أو العودة لوطنهم ، والإقتراح ينصب على أنه طالما أن البلاد والحمد لله ليست في زمن حرب فيمكن دراسة إعفاء من يطلب منهم من التعرض للمحاكمة بسبب التخلف عن التجنيد ، مقابل دفع غرامة فورية معقولة ، تدفع بالنقد الأجنبي ، ومن ثم يمنحون الإعفاء النهائي ، على أن تتراوح الغرامة بين 5 إلى 15 ألف دولار ، وفقا لجغرافية المهجر ومدته ومتوسط الدخل ومدة التخلف عن الخدمة.
الإقتراح الثالث : لقد سمح البنك المركزي مؤخرا للمستوردين والمصدرين المصريين المتعاملين مع البنوك المصرية عبر الاعتمادات المستندية ومستندات التحصييل بالتعامل مع البنوك المصرية في بعض تطبيقات المشتقات خاصة عقود التبادل الآجلة Swaps Contracts علغ أن يكون أحد طرفي الصفقة عملة أجنبية والطرف الآخر الجنيه المصري ، وذلك بغرض تغطية مخاطر تقلبات سعر الصرف ، وإمكانية توفير سيولة مؤقتة وليس لأغراض المضاربة.
والإقتراح ينصب على مد سقف استخدام تلك الأداة من أدوات المشتقات إلى العاملين المصريين في الخارج بحيث يسمح لهم فى إتمام عمليات تبادل آجلة بموجب عقد يقوم العميل بمقتضاه بالبيع للبنك كمية من النقد الأجنبي بالسعر الآنى وإعادة شراء ذات المبلغ من البنك بالسعر الآجل في تاريخ الاستحقاق المستقبلي الآجل.
وبالطبع يتم الإتفاق بين العميل والبنك على تحديد سعر الشراء الآجل وفقا للأصول المتبعة في تلك التطبيقات ، والتي تقضي بعدم تغير تلك الأسعار المحددة في العقد مهما تغيرت أسعار الصرف في الأسواق ، ويشترط أن يكون مصدر تلك العمليات هي تحويلات من مدخرات العميل المباشرة من الخارج وبمبالغ لها حد أدنى وأقصى وتكون لأغراض الحماية وليس لأغراض المضاربة ، على أن يتم إعادة شرائها في تاريخ لاحق ( عام ) على أن يحدد سعر التبادل الآجل يوم إبرام الصفقة ، أخذا في الإعتبار فارق سعري الفائدة بين العملتين ، ويمكن اشتراط أن يودع العميل كل أو نسبة من المعادل بالعملة المصرية في وديعة لدي البنك بالأسعار المميزة وكضمان.
الإقتراح الرابع : دراسة السماح بعمل ودائع بالنقد الأجنبي للعاملين المصريين في الخارج بأسعار فائدة فائقة التميز ، مثلاً (السعر السائد عالمياً + علاوة محفزة كبيرة على نسق الشهادات المصرية).
قد يتخوف البعض أن فى ذلك قدر من المبالغة ولكن إذا ما قورن الوضع بتكلفة وظروف الإقتراض من أسواق السندات الدولارية الأوروبية الصعبة حالياً ، ربما تكون ودائع المصريين هى الأفضل ، ويمكن إطلاق المنافسة بين وحدات الجهاز المصرفي المصري في تجميع ودائع المصريين بالنقد الأجنبي وتحفيزهم بإعفاء البنوك من نسب الاحتياطي الإلزامي على شرائح ودائع المصريين العاملين فى الخارج – الجديدة – بالنقد الأجنبي.
الخلاصة :
نحن نعيش أزمة إقتصادية تحتاج حلولا جريئة تتناسب مع شدة وحدة تلك الأزمة التي فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية.
إن تحويلات العاملين المصريين في الخارج أمن قومي واستراتيجي يفرض علينا العمل أكثر من أجل تحفيز المصريين المتواجدين في كل أنحاء العالم على الادخار والاستثمار أكثر فى وطنهم الأم مصر.
محمد عبد العال
خبير مصرفي