البنك المركزي المصري يحسم غدا مصير فائدة الجنيه وسط توقعات قوية برفعها
محمد عبد العال: يمكن أن نشاهد رفعا للفائدة من 2 لـ 3% لكني أتمنى تثبيتها لفترة أخرى
هبه منير: أتوقع رفع الفائدة غدا بنسبة 2% للسيطرة على معدلات التضخم المتزايدة
تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، غدا الخميس، اجتماعها الدوري الثاني في العام الجاري لبحث مصير أسعار العائد الأساسية لدى المركزي، والتي تعد المؤشر الأبرز لاتجاه فائدة الجنيه في الأجل القصير.
وكانت اللجنة قد قررت في اجتماعها الذي عقدته يوم 2 فبراير الماضي إبقاء تلك الأسعار عند 16.25% للإيداع و17.25% للإقراض، و16.75% لسعر الائتمان والخصم وسعر العملية الرئيسية لدى المركزي ، وذلك بعد أن رفعها بمقدار 8% خلال عام 2022 ، منها 5% في الربع الأخير من العام.
وقالت اللجنة ، في بيانها المصاحب لهذا القرار، إن القرار يهدف لتقييم أثر الزيادات الاستباقية التي أجراها المركزي خلال عام 2022 والبالغة 8% على التضخم.
أشارت إلى استمرار الضغوط التضخمية من جانب الطلب، وهو ما انعكس في تطور النشاط الاقتصادي الحقيقي مقارنة بطاقته الإنتاجية القصوى وأثر تقلبات سعر الصرف في الآونة الأخيرة، لافتة إلى أن تلك التطورات تتسق مع الارتفاع في معدل نمو السيولة المحلية.
أوضحت اللجنة أنه لمواجهة الضغوط التضخمية فقد قد قامت برفع أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزي بشكل استباقي وبواقع 800 نقطة أساس خلال 2022، منها 500 نقطة أساس خلال الربع الرابع من العام ، كما قامت بزيادة نسبة الاحتياطي النقدي التي تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها لدى البنك المركزي بواقع 400 نقطة أساس في سبتمبر 2022.
وترى اللجنة أن السياسة الاستباقية للبنك المركزي المصري تهدف إلى السيطرة على الضغوط التضخمية وخفض توقعات التضخم للمستوى المستهدف والبالغ 7%± 2% في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024.
أشارت اللجنة الي أن مسار أسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليس معدلات التضخم السائدة ، مؤكدة أن تقييد الأوضاع النقدية يعد شرطاً أساسياً لتحقيق معدلات التضخم المستهدفة وهدف استقرار الأسعار على المدى المتوسط.
وكشف البنك المركزي ، في وقت سابق من الشهر الجاري ، عن ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 40.3% في فبراير 2023 مقابل 31.2% في يناير 2023، مسجلا أعلى مستوى في تاريخه.
وسجل المعدل الشهري للتضخم الأساسي 8.1% في فبراير 2023، مقابل 6.3% في يناير 2023، و1.2% في فبراير 2022.
كما كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع معدل التضخم السنوي بالمدن المصرية إلى 31.9% خلال فبراير ، مقابل 25.8% في يناير ، وعلى أساس شهريّ بلغ التضخم 6.5% مقارنةً بـ4.7%.
وبحسب محمد عبد العال الخبير المصرفي المعروف فإنه في ضوء تصاعد معدل التضخم إلى هذه المستويات غير المسبوقة، فإنه من المتوقع أن تستمر السلطات النقدية المصرية في انتهاج سياسة نقدية فائقة التشدد ، سواء كانت متدرجة أم بوتيرة سريعة.
تابع ” في نطاق التوقع الشخصي يمكن أن نشاهد رفعا جديداً للفائدة بنحو 200 إلى 300 نقطة أساس ، كما قد يكون هناك مجال فى خطوة تالية أو مصاحبة ، لرفع نسبة الاحتياطي الإلزامي للجنيه المصري إلى 20%، في ضوء ما هو متوقع من استمرار بعض الضغوط على الجنيه المصري، الأمر الذي يعني توقع استمرار ارتفاع معدل التضخم في شهر مارس الحالي ، خاصة تحت تأثير ارتفاع أسعار الوقود والضغوط التضخمية المصاحبة لشهر رمضان ، وأيضا تأثير حزمة رفع الأجور”.
أشار عبد العال إلى أنه إذا حدث ذلك فسيعطي الضوء الأخضر لبعض البنوك لطرح شهادة ادخارية جديدة بأسعار فائدة مميزة جداً ، لامتصاص فائض سيولة القطاع العائلي الجديدة أو المتجددة من الشهادات المستحقة.
ورغم توقعاته تلك إلا أن محمد عبد العال يرى أن التركيز على سياسة رفع الفائدة بأكثر مما هي عليه الآن قد لا يجدي نفعاً على مستوى الاقتصاد الكلي في شقيه النقدي والمالي ، لافتا إلى أن “ظروفنا ومشاكلنا في مصر مختلفة عن ظروف ومشاكل دول أخرى تحارب التضخم برفع الفائدة”.
وقال عبد العال إن الاستمرار فيما أخذت به لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق بتثبيت الفائدة ، هو أفضل الحلول.
أشار إلى أن رفع الفائدة وعمل ودائع جديدة بأسعار مرتفعة ، صافي إيرادها حتما سيكون سلبيا ، هو أمر غير منطقي ، ولن يحقق مصالح الوطن ولا المواطن على المدى القصير والمتوسط.
تابع “أتمنى أن يتم تثبيت الفائدة لفترة أخرى ، وأن تعود الشهادات التي بدأت فى الاستحقاق إلى الأوعية الادخارية المتنوعة القائمة حاليا في كل البنوك المنتشرة على أرض مصر ، وكلها بأسعار معقولة ومتميزة ، ولا يوجد مبرر منطقي لإصدار شهادات ادخارية جديدة ، ومع الانخفاض المتدرج للتضخم ، سنصل إلى سعر عائد عادل وإيجابي ويضمن دخلا حقيقيا للمدخر والمستثمر”.
وبحسب عبد العال فإنه ليس صحيحا أن رفع الفائدة يجعل العملة الوطنية أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي غير المباشر في أوراق الدين العام ، ويساعد على مقاومة ظاهرة الدولرة ، موضحا أن هذا قد يكون ممكنا في الظروف الاقتصادية العالمية العادية أما في ظل حالة القلق والاضطراب التي تسود العالم حالياً ، فقد تدفع المستثمرين إلى الأصول ذات الملاذات الآمنة الأخرى مهما كانت أسعار الفائدة مرتفعة.
ومن جانبها توقعت هبة منير محلل الاقتصاد الكلي بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار أن تواصل لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري سياسة التشديد ، وتقوم برفع الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس في اجتماعها المقرر عقده غدا الخميس ، وذلك بهدف السيطرة علي معدلات التضخم المتزايدة، والتي من المتوقع أن تستمر في الارتفاع، لتبلغ ذروتها عند 35.9% بحلول يوليو 2023 ، قبل أن تتراجع تدريجيا إلى 30.3% بحلول ديسمبر.
وبحسب “منير” فإنه من المتوقع أن تعكس أرقام التضخم لشهر مارس والأشهر القادمة زيادة أسعار البنزين بنسب تتراوح 7 إلى 11% في أوائل مارس وزيادة أسعار زيت الوقود الثقيل المازوت بنسبة 20% لجميع الصناعات باستثناء قطاعي الأغذية وتوليد الكهرباء ، والزيادة المتوقعة في الكهرباء المنزلية اعتبارًا من 1 يوليو ، بجانب التحرير الأخير لبعض السلع الغذائية الأساسية مثل الأرز ، والنقص في إمدادات الدواجن المحلية بسبب المشاكل المتعلقة بأسعار الأعلاف وتوافرها، والتي تأثرت بالحرب الروسية الأوكرانية، إضافة لتراجع قيمة الجنيه المصري بنسبة 20% منذ بداية العام وحتى الآن.
أضافت أنه في ضوء زيادة الضغوط التضخمية، وحاجة مصر للحفاظ على جاذبية الاستثمار، فمن المتوقع أن يصل معدل العائد المطلوب من قبل المستثمرين على أذون الخزانة المصرية أجل الـ 12 شهر الي 25.18%، وهو الذي يعكس ارتفاع مقايضة التخلف عن سداد الائتمان لمصر لمدة عام إلى 1419 مقارنة بمستواها عند 670 في بداية فبراير الماضي.
وبحسب “منير” سجل آخر طرح لأذون الخزانة لمدة 12 شهرا متوسط عائد بنسبة 19.19% ، وذلك بعد خصم ضرائب بنسبة 15% للمستثمرين الأجانب ، والذي يعكس عائدا حقيقيا بسالب 2.31% ، وذلك أخذا في الاعتبار توقعات التضخم عند 21.5% في مارس 2024، الأمر الذي يعزز وجهة النظر بشأن الزيادة المتوقعة في أسعار الفائدة.
وأظهر استطلاع لوكالة رويترز، أنه من المتوقع ان يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة لليلة واحدة بمقدار 2% في اجتماعه غدا، في الوقت الذي يكافح فيه للسيطرة على التضخم المتصاعد.
وكان متوسط التوقعات في الاستطلاع ، الذي شمل 15 محللاً ، هو أن يرفع المركزي سعر الفائدة على الودائع إلى 18.25% وسعر الإقراض إلى 19.25% ، فيما توقع 7 من المحللين زيادة قدرها 3%.