“سيتي جروب” يتوقع رفع سعر الفائدة الرئيسي في تركيا إلى 40% خلال الربع القادم
رجح بنك أوف أمريكا بلوغ تكلفة الاقتراض القياسية إلى ذروتها عند 50% قبل خفضها قليلاً خلال الربع الأخير من العام
لا تنتظر أكبر البنوك الأمريكية نتيجة انتخابات تركيا المثيرة للاهتمام الشهر المقبل، لتعلن موقفها إزاء السياسة النقدية في البلاد وتتوقع بالإجماع تقريباً أن تعود أسعار الفائدة إلى مستويات أعلى مما بلغتها بعد انهيار العملة في 2018 ، بحسب بلومبرج.
ويتوقع المحللون لدى “سيتي جروب” أن يصل سعر الفائدة الرئيسي في تركيا خلال الربع القادم إلى 40% ، فيما رجح بنك أوف أميركا بلوغ تكلفة الاقتراض القياسية إلى ذروتها عند 50%، قبل خفضها قليلاً خلال الربع الأخير من 2023.
وتشارك السوق أيضاً هذه التوقعات تلك على نطاق واسع، إذ ترجح المشتقات المستخدمة للمراهنة على تكاليف الاقتراض المستقبلية أيضاً زيادة معدلات الفائدة بقوة بعد الانتخابات.
وارتفع متوسط توقعات خبراء الاقتصاد المشاركين في استطلاع أجرته “بلومبرج” بزيادة الفائدة بالربع الثالث إلى 25.5%، مقارنة بـ10% في فبراير، في مقابل تكلفة الاقتراض الحالية البالغة 8.5%.
وقال المحللان الاقتصاديان لدى “سيتي جروب”، إلكير دوماك وغولتكين إيزيكلار، في تقرير خلال الأسبوع الجاري: “قد يكون المسار الأكثر حكمة هو زيادة الفائدة بقوة إلى نحو 40%، أو حتى أبعد من ذلك”.
ويشير المقدار الهائل من التشديد النقدي الذي تتوقعه البنوك العالمية إلى أنه سيتم تغليب الاقتصاد على السياسة، بغض النظر عن نتيجة الحملة الانتخابية الأقوى التي ينفذها الرئيس رجب طيب أردوغان خلال حكمه الذي استمر عقدين.
ومن جانبهم قال خبراء بلومبرج إيكونوميكس ، “نتوقع التحوّل إلى السياسات النقدية التقليدية، بغض النظر عن نتيجة الانتخابات. فعلى الرغم من أن نموذج أردوغان الاقتصادي إلى انتعاش الاستثمارات وتسجيل فائض في الحساب الجاري وارتفاع الليرة واستقرار الأسعار بشكل مستدام، إلا أنه أخفق في تلبية جميع الأهداف الأربعة”.
ووعد تحالف المعارضة التركية الذي ينافس في الانتخابات بالعودة إلى السياسات النقدية التقليدية، وبنك مركزي “مستقل”، حال الفوز في الانتخابات. في الوقت الراهن، يتمتع أردوغان بسلطة تعيين محافظ البنك المركزي وأعضاء لجنة السياسة النقدية وإقالتهم.
وإذا خضعت السياسات غير التقليدية التي يتبناها أردوغان للتدقيق، فمن المرجح أن يكون مسار العودة إلى الاتجاه التقليدي أطول وأكثر تكلفة مقارنة بالحال إذا ما كانت تحرك خلال العام الماضي وواجه واحدة من أكبر أزمات التضخم في العالم.
وفي ظل الاعتماد بدلاً من ذلك على تدابير هامشية، من خلال دفع تكاليف الاقتراض الرسمية إلى ما دون معدل التضخم بكثير، أخفقت تركيا في عكس مسار عجز الحساب الجاري الشديد وتخفيف ضغوط الأسعار.
وأدى إطلاق برنامج الادخار الطارئ وتدخلات البنك المركزي التركي المستترة إلى إبقاء العملة التركية تحت سيطرة مشددة، ومحاولة لكسب الوقت، ولكن كان المقابل هو تحميل الميزانية والاحتياطيات الدولية تكلفة باهظة.
وقال فيكتور زابو مدير الاستثمار لدى شركة “أبردن” ومقرها لندن : “نعلم جميعاً أن مسار السياسة الحالية غير مستدام”.
أوضح زابو: “في حين تمتلك المعارضة برنامجاً معقولاً للاقتصاد الكلي، سيكون التعديل مؤلماً لأنه سيتطلب إقحام الاقتصاد في الركود أولاً لخفض التضخم.. بعبارة أخرى، تركيا دُفعت إلى حفرة عميقة، وسيكون الخروج منها مؤلماً”.
وتعمل أجزاء من الاقتصاد بالفعل إلى حد كبير بشكل منفصل عن أسعار الفائدة الرسمية ، إذ بلغت العوائد على الودائع أعلى مستوياتها منذ أربع سنوات، فيما بلغ الفارق بينها وبين معدل الفائدة لدى البنك المركزي أكبر مستوى منذ 10 سنوات.
وتمسك أردوغان بما يسميه “نموذج الاقتصاد الجديد” ، وهو برنامج يعطي الأولوية للصادرات والقروض الرخيصة، متخلياً عن السياسات الاقتصادية التقليدية لصالح تدابير مثل معدلات الفائدة المنخفضة للغاية.
ولم يرفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة الرئيسي منذ عامين، رغم تخطي التضخم مستوى 85% العام الماضي ، وبدلاً من ذلك، خفض معدل الفائدة الرئيسي لأكثر من النصف منذ منتصف 2021 ليصبح أقل من 10%.
ومن المقرر أن يجتمع المركزي التركي لتحديد أسعار الفائدة في 27 أبريل، وتتوقع “بلومبرج إيكونوميكس” خفضها للمرة الأخيرة قبل الانتخابات المرتقبة في مايو.
وفي الجانب الآخر، تواجه التوقعات بعودة أنقرة إلى السياسات الاقتصادية التقليدية شكوكاً لدى الكثيرين في داخل تركيا.
ويرى هالوك بورومتشيكتشي، الخبير الاقتصادي المستقل في إسطنبول، أن ” زيادة سعر الفائدة إلى 50% سيكون له عواقب سلبية شديدة على النشاط الاقتصادي والتوظيف وسوق القروض”.
ورجح بورومتشيكتشي رفع معدلات الفائدة إلى 30%، جنباً إلى جنب مع الالتزام “بسياسة نقدية قوية، واستهداف التضخم” ، لكنه يعتقد أن البنوك الدولية تبالغ في القلق إزاء محاولتها تشكيل التوقعات لصالحها.
أضاف بورومتشيكتشي :”يرغب المستثمرون الأجانب في جني المزيد من العوائد من خلال أسعار الفائدة المرتفعة وسط عدم الوضوح الاقتصادي- بأقل قدر ممكن من المخاطر في أقصر وقت ممكن”.
ورغم أن فوز المعارضة من المرجح أن يمثل تحولاً جذرياً عن إرث أردوغان، إلا أن هناك إشارات كثيرة على أن أدوات السياسية النقدية ستتغير حتى إذا استمر حزب العدالة والتنمية في الحكم.
وقال أردوغان الأسبوع الماضي إن وزير المالية السابق المؤيد لسياسات السوق، محمد شيمشك، يقود إصلاحات شاملة للسياسة الاقتصادية دون أن يضطلع بدور رسمي.
ومن جهة أخرى، أوضح أعضاء بتكتل المعارضة، الذي يضم أعضاء تكنوقراط ومساعدين اقتصاديين سابقين من حكومات أردوغان السالفة، إن تركيا ستعود إلى الاقتصاد السائد حال انتخابهم لتولي السلطة.
وأورد خبراء اقتصاديون من “بنك أوف أميركا”، بينهم زمرط إمام أوغلو، في تقرير: “تشير جميع المؤشرات إلى الحاجة لإعادة التوازن إلى الاقتصاد.. بغض النظر عن النتيجة، نتوقع أن تراجع الليرة وتشديد الظروف الاقتصادية عاملان ضروريان لمعالجة الاختلالات”.