محمد عبد العال يكتب: تحرك برنامج الطروحات.. فما هى ردود الأفعال المتوقعة؟؟
قد ترى السلطات المالية والنقدية وعلى رأسها البنك المركزي انتهاج سياسة سعر صرف أقل مرونة لفترة مناسبة
كانت الحكومة المصرية قد أعلنت عن اتجاهها لتنفيذ برنامج يتضمن طرح 32 شركة مملوكة لها للبيع أمام المستثمرين ، ولكن عملية البيع شابها بعض البطء نتيجة الظروف الدولية والمحلية غير المواتية لإتمام تسويق وبيع الصفقات المقررة وفقاً لإطارها الزمني ، وهو الأمر الذى زاد من حجم الفجوة التمويلية بالنقد الأجنبي ، وشكل ضغوطا على سعر الصرف ، وولد مخاوف لدى مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية ، كما دفع صندوق النقد الدولي لتأجيل المراجعة الأولى اللازمة لصرف الدفعة الثانية من القرض المبرم الذي يتضمن 3 مليارات دولار .. وكان الصندوق أيضا يتوقع أن تقوم مصر بتدبير 2 مليار دولار من بيع أصول مملوكة للدولة.
وأمس وفى خطوة هادئة تم الإعلان من قبل رئيس الوزراء عن نجاح الحكومة المصرية فعلا في الحصول على 1.9 مليار دولار نتيجة التخارج من شركات مملوكة للدولة ، منها 1.65 مليار دولار والباقى بالجنيه المصري ، وذلك حتى 30 يونيو الماضي ، وهو ذات التاريخ المحدد من قبل الصندوق.
على الجانب الآخر تم التأكيد على أنه سوف يتم الإعلان عن طروحات أخرى في الطريق بقيمة مليار دولار.
وفي تصوري أن أهم ما صرحت به الحكومة ، عبر مؤتمر رئيس الوزراء ، ليس الإعلان عن هذا التحرك التنفيذي في برنامج الطروحات فقط ، ولكن كانت هناك جوانب هامة أخرى منها ، أن هناك خطة إستراتيجية لزيادة الحصيلة الدولارية من مصادر الدولة التقليدية وضمان نموها واستدامتها ، وذلك بوضع أهداف رقمية لها قابلة للتحقق والقياس على أرض الواقع يصل إجماليها إلى 70 مليار دولار إعتبارا من العام المقبل لتتزايد إلى 190 مليار دولار عام 2029 ، منها زيادة إيرادات النقد الأجنبي من الصادرات بمعدل 20%، وزيادة أنشطة السياحة وقناة السويس وخدمات التعهيد بنسبة 10% ،
مع التوجه لمزيد من التعاون مع القطاع الخاص والصناديق الاستثمارية الإقليمية والدولية.
ولكن تُرى ماهى ردود الأفعال المتوقعة على كافة المستويات الدولية والمحلية بعد أن تحرك برنامج الطروحات فعلاً؟
في تصوري الشخصي أنه قد يكون هناك بعض التوجهات المحتملة ، منها على سبيل المثال:
أولا – صندوق النقد الدولي :
نتوقع أن يكون هناك تفاهمات مشتركة تقوم على التقدير المتبادل للإنجازات التي حققتها مصر حتى الآن فى ظل دعم الصندوق ، والتجربة الرائدة التي تستوجب الاستمرار في دعم مصر لمواجهة تداعيات الصدمات الخارجية.
وحيث أنه من أهم أهداف الصندوق هو تحقيق الإستقرار الاجتماعي في الدول التي يتعاون معها ، فهناك درجة كبيرة من الثقة في تجاوب الصندوق مع متطلبات مصر في إحداث بعض الاسترخاء الزمني في تلبية بعض المتطلبات التي صعب تنفيذها على أرض الواقع حالياً.
ونتوقع أن يستمر تدفق دفعات القرض المقرر ويستمر دعم الصندوق.
ثانيا – قد ترى السلطات المالية والنقدية وعلى رأسها البنك المركزي انتهاج سياسة سعر صرف أقل مرونة لفترة مناسبة ، وبعد أن تتحسن الأمور يمكن أن نعود مرة أخرى إلى نظام سعر الصرف الحر أو العائم بالكامل.
ثالثاً – مؤسسات التصنيف والتقييم الائتماني الدولية : ربما تقترب تلك المؤسسات من تفهم ما وراء السطور والمعاني التي تضمنها نجاح مصر في تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج الطروحات ، وتقتنع أن التمسك باختيار نظام صرف معين تحت أية ضغوط محلية أو خارجية دون الأخذ في الإعتبار التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لتطبيقه ، هو أمر ربما يكون له تداعيات سلبية على مجمل المؤشرات الكلية للاقتصاد القومي ، وسوف تستمر فى وضع الاقتصاد المصري تحت المتابعة ، ولكن لا أعتقد أنه سيكون هناك تعديلات مرتقبة سواء من ناحية درجة التصنيف أو النظرة المستقبلية.
رابعا – نتوقع إصدار بعض القرارات والإجراءات من قبل الحكومة المصرية ، التي قد تدخل في نطاق “خارج الصندوق” ، لدفع أنشطة التصدير ، وأيضا الحد من استيراد بعض السلع التي يمكن تصنيعها محلياً.
محمد عبد العال
خبير مصرفي