بلومبرج : تزايد القلق لدى مسؤولي مؤسسات التمويل الدولية بشأن عواقب استمرار أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول 

ارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل يعكس اعتقاداً يسود لدى المستثمرين بشكل متزايد، ومفاده أن الاقتراض بتكلفة أقل قد ولّى عصره.

تتزايد حالة القلق لدى مسؤولي مؤسسات التمويل العالمية بشأن عواقب أسعار الفائدة الأعلى المستمرة لفترة أطول ، والتي وصلنا إليها في الوقت الراهن ، بحسب بلومبرج.

ويعكس ارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل اعتقاداً يسود لدى المستثمرين بشكل متزايد، ومفاده أن الاقتراض بتكلفة أقل قد ولّى عصره.

وحذر العديد من الحاضرين في اجتماعات صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع في المغرب من أن التشديد النقدي الجماعي يهدد الآن بإحداث صدمة لاقتصاد عالمي يشرف على حافة الهاوية بالفعل، مع احتدام الحرب في الشرق الأوسط.

وفي هذا الصدد، قالت غيتا غوبيناث، المسؤولة الثانية في صندوق النقد الدولي، خلال مشاركتها في حلقة نقاشية قدّمها توم كين من “بلومبرج” إن “الديون وصلت إلى مستويات قياسية عالية، في الوقت الذي نشهد فيه بيئة أسعار فائدة متزايدة الارتفاع لفترة أطول لا يزال ينتظرنا الكثير الذي تجدر متابعته ، وقد يمضي في اتجاه خاطئ”.

وبحسب بلومبرج ، لا تحتاج غوبيناث ونظراؤها الذين التقوا في مدينة مراكش المغربية وقتاً طويلاً لاستحضار أمثلة من الماضي على حدوث ذلك ، فقد مروا هذا العام بتجربة سلسلة من الانهيارات ضربت مصارف إقليمية أميركية، تلتها أجواء من التوتر في القطاع العقاري والتي لم تنقشع بعد.

وتعد اجتماعات صندوق النقد الدولي، التي تعقد بالتزامن مع اجتماعات البنك الدولي، أول مناسبة يلتقي فيها وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية لمناقشة التوقعات ، منذ أن نبّهت نتائج ندوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي التي عُقدت في جاكسون هول في أغسطس الماضي المستثمرين إلى إمكانية استمرار السياسة النقدية التشديدية.

ومنذ ذلك الحين، لم تؤد حالة عدم الاستقرار في سوق النفط وهجوم حماس على إسرائيل إلا إلى ترسيخ الانطباع بوجود خلفية من التقلبات، في وقت لا يزال فيه الاقتصاد العالمي يتكيف مع الوتيرة غير المسبوقة للتشديد المتزامن في العام الماضي.

ومن جانبها استشهدت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، التي شاركت في الجلسة إلى جانب غوبيناث، بالتحدي الذي يواجهه صناع السياسات الذين يقيّمون تداعيات الصدمات المتعددة في السنوات الأخيرة، إلى جانب التأثير غير المعروف حتى الآن لأسعار الفائدة المرتفعة بوتيرة متسارعة.

وجاءت هذه الرؤية متوافقة مع التقييم الجماعي من جانب وزراء مالية مجموعة الـ 20 ، فقد شدّد بيانهم على مخاطر تتراوح بين “التوترات الجيو اقتصادية والظواهر الجوية المتطرفة والكوارث الطبيعية وتشديد الظروف المالية العالمية، وهي التطورات التي يمكن أن تفاقم حالة الضعف الناجمة عن الديون”.

ويتمثل أحد هذه التهديدات في ارتفاع أسعار النفط بالدرجة التي تؤجج أسعار المستهلكين مرة أخرى، وهو خطر محتمل في حال أدت الأحداث في فلسطين إلى إثارة صراع إقليمي أوسع.

وقال جيسون فورمان، الأستاذ في جامعة هارفارد والمستشار السابق للبيت الأبيض: “أنا قلق دائماً بشأن إيران، ونطاق التقلبات التي سوف يتسبب بها هذا الوضع، وتأثيره في الاقتصاد العالمي ، بالتأكيد لا بد أن نكون أكثر قلقاً اليوم من أي وقت مضى”.

في الوقت نفسه، تشير الأدلة بالفعل إلى أن التضخم لم يُكبح بشكل تام بعد، وهي وجهة نظر أقرها بيان مجموعة الـ 20، وأثبتتها الزيادة السريعة في أسعار التضخم الأساسي في الولايات المتحدة يوم الخميس الماضي.

وقال كريستيان سوينغ، الرئيس التنفيذي لـ “دويتشه بنك”، في تصريحاته لفرانسين لاكا عبر تلفزيون “بلومبرج”: “أعتقد أنه بشكل عام، نرى أن أسعار الفائدة ستبقى أعلى لفترة أطول، وهذا شيء لابد لعملائنا أن يضعوه في حسبانهم”.

وحذر سوينغ من أن تأثير ارتفاع تكاليف الاقتراض على العقارات التجارية يعني أن القطاع سيخوض فترات “عصيبة” خلال العامين المقبلين، وهو خطر تراقبه الجهات التنظيمية أيضاً.

كذلك أثيرت المخاوف السيادية خلال اجتماعات مراكش ، ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، حذر مسؤولو البنك الدولي من أن ارتفاع الفائدة لفترة أطول قد يكون له تأثير بمرور الوقت، لأسباب ليس أقلها تداعيات النمو في البلدان ذات الدخل المنخفض.

وفي بيان صدر أمس السبت، انتقدت مجموعة جوبيلي يو إس إيه نتورك غير الربحية ومقرها في واشنطن والتي تدعو إلى توفير المعونات المالية للدول الفقيرة، الحملات المستمرة لزيادة تكاليف الاقتراض في وقت يتوقع فيه صندوق النقد الدولي نمواً ضعيفاً وتراجع التضخم.

وقال إريك ليكومبت، المدير التنفيذي للمجموعة: “السياسة المدمّرة المتمثلة في رفع أسعار الفائدة تعني أن المزيد من البلدان النامية تواجه أزمة ديون ، أكثر من نصف هذه البلدان تواجه صعوبة في سداد ديونها وتلبية الاحتياجات الأساسية لشعوبها”.

وفيما يتعلق بالتوقعات العامة، لا تزال هناك تصريحات تبعث على الارتياح خلال اجتماعات مراكش، لا سيما من جانب غوبيناث، التي أشارت إلى أن “جوهر” النظام المالي يحظى بالتماسك، حتى لو لم يكن الكثيرون يتوقعون ذلك في ظل ارتفاع أسعار الفائدة.

ومع ذلك، كانت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا حذرت من أن تهديدات الاستقرار تنطوي على عدة أبعاد.

وقالت: “من الواضح أننا نواجه حقبة أسعار فائدة أعلى لفترة أطول”، و”تشديد الأوضاع المالية بشكل حادّ قد يؤثر على الأسواق والبنوك والمؤسسات غير المصرفية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى