خبراء: تراجع التضخم والفائدة عالمياً لم تظهر نتائجه على الأسواق الناشئة حتى الآن
خلال ندوة عقدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية
عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية، اليوم الاثنين، ندوة بعنوان: “نظرة على الأسواق المالية بالربع الأول من عام 2024″، تم خلالها عرض ومناقشة تقرير شهر مارس من دراسة الأسواق المالية والذى بدأ المركز إعداده شهريا اعتبارا من يناير، وقد شهد شهر مارس الذي شهد تطورات كبيرة على المستوى العالمي وتأثيراته إقليميا ومحليا على الاقتصاد المصري.
الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، قالت إن هذه الندوة ستنعقد بصورة ربع سنوية لمناقشة نتائج هذا التقرير الذي سيصدره المركز شهريا، مشيرة إلى أن فهم الأسواق المالية لا يحظى بالدراسة الكافية رغم أهميته الكبيرة خاصة فى ظل التشابكات الكبيرة لها وتأثيراتها.
وأوضحت عبد اللطيف، أن الدول التى تم اختيارها لدراسة أسواقها، هى الدول التى يركز المركز على دراستها فى تقاريره، وهي مجموعة الدول المتقدمة وتشمل أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي والصين وكندا، ومجموعة الدول المنافسة ودول الجوار وهى دول الأسواق الناشئة مثل البرازيل والهند وجنوب أفريقيا وتركيا، ويركز التقرير على دراسة المتغيرات التى تحدث فى الدول المتقدمة وتأثيراتها على الدول الناشئة والاقتصاد المصري، ويركز على رصد ودراسة التغيرات التي تحدث ولا يتضمن وضع توقعات مستقبلية.
من جانبه استعرض عمر الشنيطي الشريك التنفيذي بريلا كابيتال وأستاذ غير متفرغ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والمستشار بالمركز والذى شارك فى إعداد التقرير، أهم ما جاء بالتقرير موضحا أن التغييرات التى تحدث فى أسواق مجموعة الدول المتقدمة هى محرك التغيير بمجموعة الدول الناشئة، وأيضا يتأثر بها اقتصاد مصر باعتبارها إحدى هذه الدول.
وأوضح الشنيطي أن عام 2022 شهد ارتفاعات كبيرة بأسعار السلع العالمية، وهو ما تسبب فى ارتفاع نسب التضخم عالميا لمستويات وصلت إلى 8 – 9% فى دول مثل أمريكا والاتحاد الأوروبي، وهى مستويات مرتفعة للغاية فى هذه الدول، ما أدى لقرارات رفع الفائدة، ولكن عادت مستويات أسعار السلع للانخفاض خلال الربع الأخير من عام 2023 والربع الأول من 2024، مما أدى لتراجع التضخم في هذه الدول بنسب تتراوح بين 2 – 3%، وهناك مناقشات واسعة حول خفض متوقع لأسعار الفائدة بالأسواق العالمية نتيجة تراجع موجات التضخم، وهذا بالتبعية يؤثر على مجموعة الدول الناشئة وعلى مصر.
وتابع الشنيطي أن خفض الفائدة يعنى تكلفة اقتراض أقل وتحقيق عوائد أكبر للشركات، ونرى انعكاسات ذلك على الأسواق العالمية باستثناء الصين، التي تعاني من أزمة الرهن العقاري التى أثرت عليها بشكل كبير جدا.
وفيما يتعلق بتأثير هذه التغيرات على الأسواق الناشئة، أشار الشنيطي إلى أن مجموعة الدول الناشئة مازالت تشهد معدلات تضخم مرتفعة بأرقام تتراوح ما بين 15 – 20%، لافتا إلى أن هناك توقعات بانعكاس التغيرات العالمية على الأسواق الناشئة بتراجع التضخم ولكن حتى الآن لم يحدث هذا التأثير بالشكل المطلوب، ولم تقم أى دولة من الدول الناشئة بخفض معدلات الفائدة للحفاظ على قيمة عملاتها المحلية ومواجهة ظاهرة الدولرة وجذب الاستثمارات فى المحافظ المالية.
أما عن مصر أوضح الشنيطى أنه بينما كانت الصورة سلبية فى أول شهرين من العام “يناير وفبراير” نتيجة مخاوف من التخلف عن سداد الالتزامات الدولية، حدث تغيير إيجابي في مارس بتوقيع اتفاق صندوق النقد الدولي واتفاق مشروع رأس الحكمة الاستثمارى مع الإمارات، مما أدى إلى تحسن التصنيف الائتماني والنظرة المستقبلية للاقتصاد المصري، وانعكس ذلك على تراجع أسعار الفائدة على السندات المصرية من 32% إلى 26%، ولكن حتى الآن لم يظهر تأثير هذه التغيرات الإيجابية على معدلات نمو الناتج المحلى، ومازال التضخم عند مستويات مرتفعة ما بين 33 – 36% بسبب تخفيض سعر الصرف وارتفاع أسعار الطاقة، ونمو المعروض النقدي وهو ما يرجح استمرار ارتفاع التضخم.
وفيم يتعلق بأداء البورصة المصرية، فقد ارتفعت بنحو 70% عام 2023 ووصلت لمستويات قياسية قبل التعويم، ولكنها عاودت الانخفاض بعد التعويم، وهو ما أرجعه إلى شراء الأسهم بغرض التحوط من المخاطر الاقتصادية وليس الاستثمار، حسب الشنيطي.
من جانبه أشاد علاء الدين السبع رئيس مجلس إدارة شركة بساطة القابضة للمدفوعات المالية، بالتقرير الذى يرصد المتغيرات التى تحدث فى الأسواق العالمية والناشئة وتأثيراتها على مصر، مطالبا بدراسة تأثير التضخم العالمى على التضخم فى مصر، لأنه فى أحيان كثيرة يكون هناك استقرار فى سعر الصرف ومع ذلك يرتفع التضخم فى مصر بنسب أعلى مما يحدث عالميا.
وأوضح السبع أن ارتفاع البورصة المصرية خلال العام الماضى يرجع إلى التحوط، متوقعا مزيد من الارتفاع خلال الفترة المقبلة.
وعلى الجانب الآخر انتقد “السبع” التغيرات المتعددة فى الضرائب على البورصة والذى أدى إلى أن يصبح الاستثمار فى البورصة قصير الأجل.
وأشار السبع إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة فى مصر يرفع من تكلفة الشركات ويؤدى إلى ارتفاع الأسعار والتضخم، لافتا إلى أن خفض الفائدة سينعكس إيجابا على التضخم نتيجة تقليل تكلفة الإنتاج.
من جانبه أشاد أحمد كجوك نائب وزير المالية للسياسات المالية، بالتقرير، مؤكدا أن سلاسة عرض النتائج تعكس حجم المجهود الكبير المبذول فى إعداده، وتطرق إلى بعض التقارير العالمية التى تعكس توجهات الأسواق العالمية، والتى تؤثر على الاقتصاد المصري، لافتا إلى أنه خلال مشاركته الأخيرة في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، في الانطباع السائد هو خفض الفائدة بصورة أبطأ ووتيرة أقل خلال عام 2024، بعد أن كان متوقعا الخفض بنحو 3 مرات خلال العام ومع بداية السنة، وهو ما ينعكس على تكلفة الاقتراض، ولفت أيضا إلى أن توقعات المؤسسات الدولية لأسعار الطاقة خلال العام القادم ما بين 70 – 80 دولار للبرميل يجب التعامل معها بحذر بسبب الأبعاد السياسية.
وأشار كجوك إلى أن النمو الأمريكي هو السبب وراء معدلات النمو العالمية المرتفعة، وهو نمو ناتج عن زيادة الإنتاجية، حيث يضيف سوق العمل الأمريكي 380 ألف فرصة عمل شهريا، وهو ما جعل النمو الأمريكي يرتفع بشدة ليقترب من الصين لأول مرة.
وتحدث نائب وزير المالية عن تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي حول أداء المنطقة العربية اقتصاديا، يشير إلى أن استمرار تداعيات التوتر فى منطقة البحر الأحمر سيؤدى إلى تراجع صادرات دول المنطقة خاصة الدول الملاصقة بنحو 10%، وخفض معدل النمو بنحو 1% سنويا، وهى أرقام مرتفعة جدا، ورصد التقرير أيضا تراجع شديد فى كافة المؤشرات الاقتصادية على مدار 20 عاما حتى عام 2020 لدول المنطقة.
وحول مشكلة التضخم، لفت كوجوك إلى أن السلع الغذائية تشكل 45% من الوزن النسبى فى سلة التضخم، وهى المحرك الرئيسي للتضخم فى مصر، وبالتالى أى تحرك لأسعار السلع الغذائية صعودا أو هبوطا يؤثر على التضخم بشكل كبير.
هانى توفيق رئيس مجلس إدارة المستثمرون الدوليون، أكد بدوره أن البورصة أصبحت مخزنا للقيمة، وليست انعكاسا للأداء الجيد للشركات، وهو سبب ارتفاع البورصة العام الماضى، وأشار إلى أن الأموال الساخنة ليست “شيئا سيئا”، ولكن لا يجب تكرار خطأ استخدامها فى تثبيت سعر الصرف مرة أخرى.