البنك المركزي يبحث غدا مصير فائدة الجنيه وسط توقعات قوية بتثبيتها للمرة الرابعة على التوالي
بعد أن تم تثبيتها في 5 سبتمبر الماضي عند 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض و27.75% لسعري العملية الرئيسية والائتمان والخصم
تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري غدا ، الخميس ، اجتماعها الدوري السادس في العام الجاري ، لتحديد أسعار العائد الأساسية لدى المركزي ، والتي تعد المؤشر الرئيسي لاتجاه فائدة الجنيه في الأجل القصير.
وكانت اللجنة قد قررت في 5 سبتمبر الماضي تثبيت تلك الأسعار عند 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض ، و27.75% لسعر العملية الرئيسية وسعر الائتمان والخصم ، للمرة الثالثة على التوالي ، حيث كانت المرة الأولى في 23 مايو والثانية في 18 يوليو الماضيين.
وقالت اللجنة ، في بيانها المصاحب لهذا القرار ، إن التوقعات تفيد بأن التضخم سوف يسجل معدلات مقاربة لمستوياته الحالية حتى الربع الرابع من عام 2024 ، أخذا في الإعتبار إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة المتخذة والمتوقعة ، متوقعة أن ينخفض التضخم بشكل ملحوظ خلال الربع الأول من عام 2025 بسبب التأثير التراكمي لسياسات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس.
في الوقت نفسه ترى اللجنة أن المسار النزولي للتضخم لا يزال عُرضة لمخاطر صعودية، بما في ذلك تراجع إمدادات النفط العالمية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية، وحالة عدم اليقين بشأن انتهاج سياسات تجارية حمائية، واحتمالية أن يكون لإجراءات ضبط المالية العامة تأثير يتجاوز التوقعات.
أكدت أنها ستواصل متابعة التطورات الاقتصادية عن كثب وتقييم المخاطر المحيطة بتوقعات التضخم، لافتة إلى أن المسار المتوقع لأسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليس معدلات التضخم السائدة ، وأنها لن تتردد اللجنة في استخدام جميع أدوات السياسة النقدية المتاحة لأجل تعزيز المسار النزولي للتضخم وتحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري كشف البنك المركزي المصري عن تباطؤ المعدل السنوي للتضخم الأساسي قليلا في سبتمبر الماضي ليصل لـ 25% مقابل 25.1% خلال أغسطس.
وقال البنك إن معدل التغير الشهري في الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، الذي يعده ، سجل 1% في سبتمبر 2024 ، مقابل 1.1% في سبتمبر 2023 ، و0.9% في أغسطس 2024.
وبحسب توقعات نحو 12 بنك استثمار فإن البنك المركزي سيبقي سعر الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه غدا، مدفوعاً بعوامل محلية مغذية للتضخم في هذه الفترة من العام بالذات، بما في ذلك بدء موسم الدراسة، وما يتبعه من زيادة استخدام المواصلات في مصر، وسط ترقب لزيادة جديدة بأسعار الوقود.
وتضمنت قائمة تلك البنوك إتش سي للأوراق المالية والاستثمار ، وإي إف جي القابضة، وبلتون، والنعيم، وزيلا كابيتال، وسي آي كابيتال، والأهلي فاروس، ومباشر المالية، وثاندر، والعربي الأفريقي لتداول الأوراق المالية، وكايرو كابيتال، وعربية أون لاين.
كما أظهر استطلاع أجرته وكالة رويترز أن البنك المركزي المصري من المتوقع أن يبقي على سعري العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة دون تغيير عندما تجتمع لجنة السياسة النقدية غدا الخميس بعد تسارع التضخم خلال الشهرين الماضيين.
وتوقع جميع المشاركين في الاستطلاع شمل 16 محللا أن البنك المركزي المصري سيُبقي على سعر العائد على الإيداع دون تغيير عند 27.25% وسعر عائد الإقراض عند 28.25% في الاجتماع الدوري للجنة السياسة النقدية.
وقال جيمس سوانستون من كابيتال إيكونوميكس ارتفاع التضخم على مدى الشهرين الماضيين سيضيف إلى الأسباب التي قد تدفع البنك المركزي المصري إلى الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير هذا الشهر، لا نتوقع خفض أسعار الفائدة قبل الربع الأول من 2025، عندما يتباطأ التضخم بصورة أكثر حدة.
وتتوقع إدارة البحوث المالية بشركة إتش سى للأوراق المالية والاستثمار أن تبقي لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري على سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعها المقرر عقده غدا الخميس ، وذلك في ضوء آخر تطورات الاقتصاد الكلي المصري والاضطرابات الجيوسياسية.
وقالت نعمت شكري، رئيس البحوث المالية بالشركة : شهدت مصر تحسنا كبيراً في وضعها المالي الخارجي ، تمثل في زيادة فائض ميزان المدفوعات للربع الرابع من السنة المالية 23/24 تسع مرات تقريبا على أساس سنوي و 22% تقريبا على أساس ربع سنوي إلى 5.55 مليار دولار ، كما احتفظ القطاع المصرفي المصري بمركز صافي أصول من العملة الأجنبية عند 9.73 مليار دولار في أغسطس إلا أنه انخفض بمقدار 3.54 مليار دولار على أساس شهري ، متحولا بذلك من صافي إلتزامات للقطاع المصرفي من العملة الأجنبية قدره 25.9 مليار دولار في نفس الوقت من العام الماضي، بجانب ارتفاع صافي احتياطي النقد الأجنبي بقيمة 140 مليون دولار في سبتمبر ليصل إلى 46.737 مليار دولار مقابل 46.597 مليار دولار في أغسطس، وكذلك انخفاض مؤشر قيمة مبادلة مخاطر الائتمان في مصر لمدة عام واحد إلى 407 نقطة أساس من 857 نقطة أساس في 1 يناير.
تابعت : إلا أنه لا يزال النمو الاقتصادي في مصر محدودا بسبب ارتفاع أسعار الفائدة التي تؤثر على استثمارات القطاع الخاص ، حيث انخفض مؤشر مديري المشتريات في مصر لشهر سبتمبر إلى ما دون حد الـ 50 نقطة أي إلى 48.8 ، بعد أن كان قد تجاوزه في أغسطس، مما يشير إلى تراجع جديد في نشاط القطاع الخاص المصري الغير نفطي، حيث أدت ارتفاعات أسعار السلع إلى تراجع المبيعات وتباطؤ النشاط التجاري، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي 2.4% في الربع الرابع من 23/24 وبالتالي نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.4% للسنة المالية 23/24، منخفضا عن 3.8% في السنة المالية 22/23، متأثراً أيضًا بالتوترات الجيوسياسية.
أضافت أنه في سعيها لمواجهة هذه التحديات، أعلنت الحكومة عن حوافز استثمارية وحزمة إعفاءات ضريبية لتشجيع الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية لتحفيز النمو الاقتصادي.
أما بالنسبة للتضخم فتتوقع إتش سي أن يتسارع بنسبة 1% على أساس شهري الي 26.5% على أساس سنوي في أكتوبر الجاري ، بسبب الزيادات في أسعار الكهرباء للقطاعات المنزلية والتجارية والصناعية في سبتمبر ، و ارتفاع محتمل في أسعار الطاقة في أكتوبر ، مع اجتماع اللجنة الحكومية المسئولة عن تسعير البنزين والسولار المقرر في أكتوبر لمناقشة أسعار البنزين والسولار للربع الرابع من عام 2024، وتدرس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية زيادة أسعار الغاز الطبيعي للقطاع الصناعي بنسبة تتراوح بين 10% و30% وفقا لكل صناعة، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف استيراد الغاز الطبيعي.
أشارت إلى أنه بالنسبة لمعدلات الفائدة، جاء العائد على أذون الخزانة المصرية أجل 12 شهرًا عند 26.238%، مما يعكس سعر فائدة حقيقي بنسبة 3.00% ، بعد خصم معدل ضريبة بنسبة 15% للمستثمرين الأوروبيين والأمريكيين واستنادًا إلى توقعاتها لمتوسط معدل التضخم لمدة 12 شهرًا عند 19.3% ، وهو أعلى من معدل الفائدة الحقيقي لأذون الخزانة الأمريكية أجل 12 شهراً عند 1.86% ولكنها مازالت أقل من معدل الفائدة الحقيقي لأذون الخزانة التركية أجل 12 شهراً عند 17.4%.
تابعت أنه على الرغم من الحاجة لخفض أسعار الفائدة لتحفيز نمو الناتج المحلي الإجمالي، إلا أننا نتوقع من لجنة السياسات النقدية أن تؤجل هذا الخفض حتى وقت لاحق من العام، بسبب توقعنا بمعدل تضخم أعلى في أكتوبر.
ومن جانبه توقع محمد عبد العال الخبير المصرفي المعروف أن تتجه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري إلى إبقاء أسعار الفائدة كما هي على عليه لدورة أخرى
أشار عبد العال إلى أن اجتماع لجنة السياسة النقدية هذه المرة يأتي في ظل ظواهر وتوجهات اقتصادية وجيوسياسية محلية ودولية تكاد تكون مشابهة للأوضاع التي تلازمت مع قرار اللجنة بإبقاء أسعار العائد دون تغيير في الاجتماعات السابقة.
تابع أن تحديد مصير الفائدة في الاجتماع القادم يتطلب ، مثل كل مرة ، تقديرا دقيقا للعوامل الاقتصادية والمالية المحلية والعالمية الجديدة ، والتي يمكن أن تؤثر على توجهات اللجنة ، وهي صاحبة قرارها ، ونحن فقط نحاول الاجتهاد للإقتراب من القرار المتوقع.
“في تصوري فإن هناك افتراضين جديدين اثنين فقط يمكن أن يستند عليهما البعض في التكهن بإمكانية أن تتخذ اللجنة قراراً بالتخفيض وليس التثبيت ، وأول الافتراضين هو المرتبط بإعلان البنك المركزي الأمريكي وبعض البنوك الأوروبية بدء التحول من السياسة النقدية التقييدية إلى السياسة النقدية التيسيرية ، أي حولت أهدافها من احتواء التضخم إلى استهداف النمو والتوظيف ، حيث تم فعلا بدء خفض الفائدة المتدرج إعتباراً من شهر سبتمبر الماضي ، وهو الأمر الذي قد يوحي بأن لجنة السياسة النقدية الموقرة قد تميل في اجتماعها القادم إلى البدء في التحول إلى سياسة نقدية تيسيرية محفزة للنمو الاقتصادي ، بعد أن اطمأنّت إلى اتجاه معدل التضخم للإنحسار التدريجي” ، بحسب عبد العال.
أضاف ” حقيقة الأمر أن هذا الافتراض قد لا يكون مؤثراً بشكل مباشر على قرار اللجنة في المرحلة الحالية ، لاختلاف الاقتصاد ومستويات معدل التضخم ومستهدفاته”.
تابع أن “ثاني الافتراضات هو المرتبط بقيام كلٍ من بنكى مصر والأهلي ، وهما البنكان المملوكان للدولة ويعتبران ذراعا البنك المركزي المصري في المساعدة في تنفيذ السياسة النقدية ، بالإعلان عن تخفيض قدره نصف في المائة على أسعار الشهادات الدولارية فائقة التميز ، ويدلل البعض بهذا أن هذا التخفيض ماهو إلا إشارة استباقية لعزم لجنة السياسة النقدية بدء خفض الفائدة للجنيه المصري ، وفي هذا السياق نؤكد أن هذا الافتراض أيضا لا علاقة له بقرار اللجنه أياً كان ، وأن أسباب التخفيض يرجع إلى تقليص الفارق الكبير تدريجياً بين أسعار الشهادات الدولارية المصرية ومثيلتها كسندات الخزانة الأمريكية”.
أشار عبد العال إلى أنه كنوع من التحوط كالمعتاد ، علينا التوجس من 4 عوامل مهمة يتعين توقع أن تكون مؤثرة في توجهات تغيرات أسعار الفائدة المستقبلية.
أوضح أن أول تلك العوامل المخاطر الجيوسياسية والجيوجغرافية الجديدة والقديمة المتجددة ، والمشتعلة في منطقة الشرق الأوسط بخصوص الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من ناحية ، وإيران وإسرائيل من ناحية أخرى ، ولبنان وإسرائيل من ناحية ثالثة ، ونحن في قلب وبؤرة هذا الصراع ، وفي حال تمددها وتوسع أطرافها فمن المؤكد أن يكون لها تداعيات على خطوط الإمداد وبالتالي ارتفاع الأسعار.
أما العامل الثاني فهي الضغوط القائمة علينا من صندوق النقد الدولي بأهمية الاستمرار في اتباع سياسة نقدية ومالية تقييدية لمواجهة التضخم ، ونحن على مشارف جولة المراجعة الرابعة ، فيما يرتبط العامل الثالث بخطة الدولة لترشيد الدعم وما يمكن أن يتولد عنه من موجات تضخمية جديدة محتملة ، ورابعاً وأخيراً فإن معدلات التضخم المسجلة الآن مازالت بعيدة جداً عن مستهدفاتها الموضوعة 7% زائد أو ناقص 2%.
ويرى عبد العال أنه في ضوء الإعتبارات السابقة وفي ضوء الأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية ، ورغم التوجه العالمي فى أوروبا وأمريكا للتنازل تدريجياً عن السياسات النقدية المتشددة والتوجه المتدرج إلى خفض أسعار الفائدة فإنه من المتوقع أن تتجه لجنة السياسة النقدية المصرية إلى إبقاء أسعار الفائدة كما هي على عليه لدورة أخرى.