رئيس الوزراء: احتياطي النقد الأجنبي ارتفع إلى 45 مليار دولار قبل ظهور “كورونا”
قال رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، إن الدولة حريصة على استمرار الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني في تنفيذ منظومة الإصلاح الاقتصادي.
وأشار مدبولي – في كلمته خلال مؤتمر إطلاق البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، اليوم الثلاثاء – إلى أن المرحلة الثانية من برنامج الاصلاح الاقتصادي تختص بالإصلاحات الهيكلية للقطاعات المختلفة التي تحدد أهم مقومات الاقتصاد ورؤية الحكومة للاهتمام بها خلال المرحلة القادمة مع باقي القطاعات التي تقود عجلة الاقتصاد.
وأضاف أن الحكومة بدأت منذ 2016 المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل ونجحنا في تنفيذه بشهادة كل المؤسسات الدولية وهو الشق الخاص بالإصلاح “السياسيات النقدية والمالية”، وأن ما تعلمناه من كل التجارب على مدار العقود السابقة أنه لا بد أن يتكامل مع برنامج الإصلاح للسياسات النقدية والمالية إصلاح هيكلي للقطاعات الخاصة بالاقتصاد لاستدامة عملية التنمية للاقتصاد ولا يتعثر مرة أخرى.
ونوه إلى أن المرحلة الأولى حققت نتائج مُبهرة ومُميزة على خلفية نمو الناتج المحلي من نسبة نمو 2.9% إلى 5.6%، كما أن نسبة البطالة كانت تقترب من 13% وأصبحت قبل جائحة كورونا 7.5%.
وأشار إلى أن الاحتياطات النقدية من العملة الصعبة بعدما كانت 13 مليار دولار أصبحت 45 مليارا قبل كورونا، ونجحت الدولة في النزول بمعدل الفقر من 32.5% وأصبح 29.7%.
أشار رئيس الوزراء إلى أن كل المؤسسات الدولية سواء صندوق النقد الدولي ووحدة الاستخبارات الاقتصادية ومؤسسة “فيتش” أجمعت على نجاح الاقتصاد المصري وقدرته على تلقي الصدمات والصمود ضد ظروف شديدة مثل جائحة كوورنا، وهو ما جعل مصر من الدول المعدودة التي استطاعت الحفاظ على استقرار الاقتصاد وتحقق معدلات نمو ايجابية في ظل جائحة كورونا.
وأوضح مدبولي أن 167 دولة انكمش اقتصادها في ظل الجائحة؛ لكن مصر كانت من أسرع الاقتصادات وحققت نسبة نمو 3.6% وتجاوز الناتج المحلي الإجمالي لمصر 362 مليار جنيه وجعلها ثاني دولة على مستوى الدول العربية من حيث الناتج الإجمالي الملحي بعد المملكة العربية السعودية.
وقال مدبولي إن الهدف من إطلاق هذا المؤتمر هو ما يعرف باسم المرحلة الثانية من “برنامج الاصلاح الاقتصادي” والذي يؤكد الإصلاحات الهيكلية للقطاعات ولمنظومة العمل والحوكمة الموجودة في الدولة بهدف تحقيق الاستدامة لنمو الاقتصاد وزيادة معدلات النمو المرجوة في الفترة القادمة.
وأضاف مدبولي، أن برنامج الإصلاح للسياسات النقدية والمالية إذا لم تستتبعه مجموعة من الإصلاحات الهيكلية سيكون مصيره مثل دول كثيرة جدا تحقق نموها لعام أو اثنين وبعد ذلك يتراجع الاقتصاد مرة أخرى، مشيرا إلى أنه حدث في مصر مع البرنامج الذي بدأ في بداية تسعينيات القرن الماضي، وأن الحكومة عام 1991 استطاعت أن تحقق نجاحا جزئيا في هذه المرحلة، ولكن نتيجة لأن هذا البرنامج لم يتبعه برنامج ومنظومة للإصلاحات الهيكلية للأسف فإن الاقتصاد المصري تراجع مرة أخرى، ولذلك كانت رؤية الحكومة المصرية في هذه المرحلة حتى مع ظروف شديدة الاستثنائية التي يعاني منها العالم كله في ظل جائحة كورونا، كان لابد من أننا نُطلق المرحلة الثانية للإصلاحات الهيكلية لأن هدفنا هو الانطلاق بالاقتصاد المصري إلى معدلات نمو تبقى مُستدامة ولا تتأثر حتى بالظروف شديدة الاستثنائية الموجودة حاليا.
وتابع مدبولي ، أن التراجع الحالي للنمو الاقتصادي المصري هو لظرف شديد الاستثنائية التي يعيشها العالم الآن بسبب أزمة كورونا مثل باقي دول العالم، مؤكدا أنه لأول مرة برنامج الإصلاح الهيكلي يستهدف ما يطلق عليه جانب العرض الكلي بالاقتصاد لأنه عادة كانت برامجنا تستهدف جانب الطلب، ولكن لأول مرة أيضا هناك 7 مؤشرات مهمة جدا في إصلاح هيكل الاقتصاد، مثل تحرير التجارة، وإصلاح منظومة التدريب المهني، وتطوير أسواق المال، وتطوير أسواق العمل، والتطوير الخاص بقطاع التعليم، والمنتجات المصرية وتعميق المنتج المحلي في الصناعة المصرية في المرحلة القادمة
وقال رئيس الوزراء إن الحكومة تُركز على السياسات المُرتبطة بجانب الطلب الكلي من خلال رفع كفاءة السياسيات التي تستهدف الطلب، مثل السياسات النقدية والمالية، مؤكدا أن الحكومة مُستمرة مع البنك المركزي في مجموعة كبيرة من الإصلاحات للاستمرار فيما تم اكتسابه من نجاحات في إصلاحات السياسات النقدية والمالية.
وتابع “نعمل أيضا على تحديات كبيرة جدا يعاني منها الاقتصاد، وأنه خلال الفترة القادمة سيتم الدخول في نظم التحول الرقمي في كافة مجالات الاقتصاد المصري (الحوكمة، وحل التحديات الخاصة بالتنسيق بين الجهات وبعضها البعض، وتيسير الإجراءات، وتسهيل التجارة البينية بين مصر وباقي دول العالم”.
وأوضح أن الاقتصاد المصري يتميز دائما بأنه متعدد القطاعات، وهذا ما جعله قادرا على الصمود في ظل جائحة كورونا، مشيرا إلى أن رؤية الحكومة هي التركيز خلال الثلاث سنوات القادمة على أهم ثلاث قطاعات وهي ( القطاعات الخاصة بالصناعات التحويلية والتكنولوجيا، وقطاع الزراعة، وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات)، لإيمان الدولة بأن هذه القطاعات ستدفع عجلة النمو وزيادة نسب نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار إلى أن القطاعات الأخرى مثل الطاقة والتشييد والبناء قطاعات يعتمد عليها الاقتصاد وستستمر ولكن الدولة ترى أنه لتحقيق طفرة حقيقية ونسب نمو أعلى من النسب المستهدفة، فإنه يتم إعطاء الأولوية لهذه القطاعات الثلاثة.
وأكد أن الحكومة تستهدف من خلال الإصلاح الهيكلي زيادة نسب الناتج المحلي والتي بلغت اليوم 3.6%، لتزداد هذه النسب ما بين 6 – 7% خلال الثلاث سنوات القادمة، على أن يكون نصيب قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من الناتج المحلي الإجمالي 5% بدلا من 2.8 وهي النسبة الحالية، وأن تزداد نسبة قطاع الصناعات التحويلية من 12.5 إلى 15%، كما تستهدف زيادة نسبة الناتج المحلي من قطاع الزراعة وأن يتحول ميزان المدفوعات من النسبة الحالية المُحققة وهي سالب 8.5 مليار دولار، ليتحول إلي تحقيق فائض ما بين 3 إلى 5 مليار دولار خلال المرحلة القادمة.
وتابع “هناك مستهدفات أيضا سنكون قادرين على تحقيقها بالرغم من كافة التحديات، وأن مصر حاليا من الدول القليلة التي تحقق الفائض الأولي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وأنه تم الوصول إلى نسبة 2% ونظرا لظروف جائحة كورونا تناقص الفائض الأولي، ونستهدف العودة مرة أخرى لهذا الرقم الذي تم وضعه كمستهدف مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية، وفي نفس الوقت نستهدف التخفيض التدريجي للعجز الكلي بالنسبة للناتج المحلي الاجمالي بحيث يكون في خلال 2023 -2024 5.5% نزولا من 8%.
وقال مدبولي إن مؤشرات الاقتصاد المصري جيدة بجميع المقاييس ولكن دائما هناك تحفظ وقلق من الدين، ونحن نحاول ألا يعود الدين للتصاعد بل على العكس نحن نثبت الدين خلال العام المالي القادم وأن ينخفض تدريجيا.
وأضاف أن ما أدى إلى تباطؤ المسار التنازلي ظروف جائحة كورونا، ونحن نحاول تثبيته في وقت تتصاعد فيه أرقام الدين بصورة كبيرة في دول العالم، وسنعود إلى المسار التنازلي خلال عامين أو ثلاثة؛ في نفس الوقت الذى نساعد فيه على تحسين أوضاع معيشة المواطنين بما فيهم الموظفون والعاملون في الدولة؛ وخاصة مع زيادة نسب الأجور، وهو ما يقودنا إلى التركيز على خمس منظومات لعملية الإصلاح على غرار منظومة التشريعات وتوحيدها في المرحلة القادمة، والأداء الحكومي وتيسيره، ومنظومة كفاءة النقل واللوجستيات لخدمة المواطنين ومجتمع الأعمال، ومنظومة التمويل ومواصلة تحقيق موضوع الشمول المالي وتيسير الحصول على الخدمات المختلفة، وتطوير خصائص السكان والأسرة المصرية.
وتابع أن الدولة قامت بعمل برنامج قوي للحماية الاجتماعية ونستهدف خلال الثلاث السنوات القادمة تنفيذ برنامج طموح لتحقيق الحماية الاجتماعية والتطوير للأسر وهو الخاص ببرنامج حياة كريمة الذى أطلقه الرئيس السيسي، والدولة ستنفذه على مدار الثلاث سنوات القادمة بصورة مكثفة بهدف رفع مستوى الأهالي في الريف؛ والحكومة تتبنى خلال برنامجها تعزيز الاقتصاد الأخضر.
ونوه بأن المواطن تحمل في المرحلة الأولى من الإصلاح الاقتصادي أعباء كبيرة؛ وأن ما سيتم التركيز عليه في المرحلة القادمة الاستفادة من مكتسبات الاصلاح الاقتصادي في تعزيز الحماية الاجتماعية واعطاء وجه اجتماعي وإنساني لعملية الإصلاح بدون أعباء مالية جديدة، موضحا أن الحكومة تريد أن يشعر المواطن بثمار عملية الإصلاح الاقتصادي التي تمت في المرحلة الأولى”.
وأضاف أن الدولة تضخ اليوم استثمارات ضخمة في برامج ترفع من مستوى معيشة المواطن خلال المرحلة القادمة، ونحن مستمرون في دعم السلع التموينية خلال الثلاث سنوات القادمة علاوة، على برامج الحماية الاجتماعية على غرار تكافل وكرامة وكل برامج الدعم والمنح والحماية الاجتماعية.
وأوضح أن الدولة استطاعت تعزيز الدعم التكافلي والنقدي من خلال برنامج تكافل وكرامة ومستمرة فيه، وهناك زيادة للأسر المستفيدة منه بجانب دعم صناديق المعاشات فى إطار الإصلاح الكبير لهذا القطاع.
وأشار مدبولي، إلى أن الدولة مُلتزمة من خلال القانون الجديد وبرنامج الإصلاح، بضخ أرقام كبيرة سنويا لصناديق المعاشات لتحقيق السلامة الاجتماعية لهذه الفئة التي تزداد كل عام.
واختتم مدبولي كلمته بالإشارة إلى البرنامج الذي يعد الأهم على الإطلاق للدولة المصرية وهو برنامج “مباردة حياة كريمة” والتي بدأت الدولة تنفيذه بصورة استرشادية على مدار العامين الماضيين واعتبارا من بدء العام المالي القادم سيتم الانطلاق فيه بقوة.
وقال مدبولي، إن الدولة تستهدف من هذه المبادرة تطوير حياة 58 مليون مصري في 4 آلاف و658 قرية بالإضافة إلى توابعها، وتتضمن 175 مركزا من المراكز، بتمويل 500 مليار جنيه كتكلفة مبدئية ومن المتوقع أن تتجاوز هذه التكلفة لتصل لــ 600 مليار.
وأشار إلى أن هذا البرنامج هو برنامج طموح وتم البدء بـ 51 مركزا بالفعل، وأنه تم البدء وتطوير 70% من القرى التي بدأت تنفيذ عمليات التطوير بها فعليا على الأرض.