فتوح : الدول والحكومات العربية في سباق لمواجهة الجرائم الإلكترونية
أكد وسام فتوح الامين العام لاتحاد المصارف العربية أن الاتحاد حرص على مناقشة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وعرض أهم المستجدات ذات الصلة، وذلك لإنه على على الرغم من الإنجازات الكبيرة المحققة عالمياً وإقليمياً في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فلا تزال هاتان الظاهرتان تقلقان العالم، ولا سيّما الدول التي تعاني من ظاهرة الإرهاب، ونحن هنا في أحضان دولة عريقة وقيادة حكيمة، وشعب عظيم، دفعت الكثير، ولا تزال، في مكافحة ومواجهة هذه الآفة الخطيرة التي تهدّد أمن وإستقرار البلاد.
واضاف فتوح أنه في عهد الإزدهار الإلكتروني، وتطوّر نظم الإتصالات والمعلومات والإنتشار الواسع للحاسب الآلي وشبكة الإنترنت، وفي زمن قيام حكومات إلكترونية في بعض دولنا العربية، تبدّل نمط الحياة، وتغيّرت معه أشكال الأشياء، ومنها ولا شكّ أنماط الجريمة في معناها المطلق.
واشار إلى أن الدول والحكومات، والأجهزة الأمنية والرقابية العربية والعالمية في سباق مع العقول الخطيرة لمنعها من التمادي في سلوكها الإجرامي، والحد من أخطارها على مجتمعاتنا وإقتصاداتنا ومصارفنا العربية، وأخصّ منها الجريمة الإلكترونية التي تصنّف اليوم من الجرائم التي لا تعترف بحدود أو حواجز، مستغلة إنتشار الأجهزة الحديثة وإتساع إستخدامها في شتى المجالات، حيث أصبحت أحد أكثر أنواع الجرائم إنتشاراً على مستوى العالم بحسب إحصائيات وبيانات دولية، وهذا ما تطلّب الوقوف عند هذا النوع من الجرائم لدى الجهات الدولية المعنية، وأدّى إلى تعديل لبعض القوانين، وإضافة قوانين أخرى لتواكب التسارع في نسبة إرتكاب جرائم تتسبب في مشكلات مادية ونفسية وتخترق خصوصية الإنسان وحقوقه.
واكد وسام فتوح خلال كلمته فى افتتاح اعمال ملتقى اتحاد المصارف العربية اليوم ان ما يسعى إليه إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع الهيئات والمنظمات العربية والإقليمية، هو تعزيز وتطوير سبل مكافحة الجرائم الإلكترونية لدى المعنيين، وتتبّع مرتكبيها وملاحقتهم، وتحديد وسائل الإختراق، وكيفية حدوث الإحتيال ومصدره، والإضاءة على القوانين التي تجرم تلك الظاهرة، مثل جرائم الإعتداء على بطاقات الإئتمان والبطاقات الإلكترونية، وجرائم الإعتداء على خصوصية الأفراد وتلك التي تمس بأمن الدول، بإستخدام شبكة المعلومات ووسائل تقنية المعلومات وغيرها من الجرائم الحديثة.
وأكد وسام فتوح إنّ المراجعة المستمرة للقوانين وتحديثها أمر ضروري، وكذلك هذا النوع من الملتقيات، الذي يُشكّل منصّة للجهات والهيئات والأفراد أصحاب الإختصاص لمتابعة التطوّرات والعمل على تعزيز ثقافة مكافحة هذه الجرائم، لدى المعنيين في المصارف، والقضاة، والأجهزة الأمنية وغيرها من الهيئات المختصة في هذا المجال لمواجهة الزيادة في قضايا الجرائم التي تنتظر أمام المحاكم فيما يتعلّق باستخدام وسائل تكنولوجيا المعلومات، ودخولها في نواحي الحياة، إضافة إلى ضرورة الإهتمام بنشر الوعي والثقافة القانونية في المجتمع، وخصوصاً في الجامعات والمدارس.
واوضح فتوح أن التكنولوجيا قد غزت مختلف الصناعات والأسواق، وأصبحت المعلومة والمعرفة رمزاً للعصر الإقتصادي الجديد، بما في ذلك القطاع المصرفي الذي أصبح في رحاب تكنولوجيا الأعمال، لذلك فإننا نؤكّد على ضرورة رفع ثقافة مستخدمي التكنولوجيات الحديثة من أجهزة وبرامج لتلافي الأخطاء الناجمة من إستخدام التكنولوجيا والعمل على زيادة وعي المستخدمين بمخاطر عدم المعرفة الجيّدة بالتعاطي مع الإنترنت، وتعريفهم بالطرق التي يستخدمها البعض للإساءة إلى الآخرين وإستغلالهم عبر الوسائط التكنولوجية، والعمل على تعلّم كيفية إستخدام بعض البرامج التي تساعد في حماية المستخدمين من الإستغلال السيئ للتكنولوجيا، وإقامة دورات وورش عمل تهدف إلى نشر الوعي لمستخدمي تلك الأجهزة التي أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية. وفي هذا المجال يهمّني أن أؤكّد أنه على الرغم من التطوّر المستمر لبرامج الحماية، إلاّ أنّ وسائل الإختراق لا تزال في تطوّر متسارع أيضاً.
ومن المواضيع المهمة التي يثيرها ويناقشها هذا الملتقى، موضوع جرائم الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، وهذه ظاهرة جديدة بدأت مع الإضطرابات الأمنية التي شهدتها ولا تزال بعض دولنا العربية، ويهمنا في هذا المجال، أن نوضح أنّه كثيراً ما يتداخل مصطلحا الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين مما يجعل من الضروري بشكل خاص، أن يدرك واضعو السياسات، وأجهزة تنفيذ القوانين، وموظفو الهجرة، ومنظمات المجتمع المدني، الإختلافات والفروق بينها، بحيث عندما يتم الخلط بينهما قد يجرم ضحايا الإتجار من الحصول على الحماية والخدمات أو الإنصاف القانوني الذي يحقّ لهم الحصول عليه لأنّهم يعتبرون ضحايا لجريمة بموجب القانون الدولي، فيما واقع المهاجرين ليس كذلك إذ أنهم يدفعون للمهربين مقابل تسهيل تحركاتهم وتنقلاتهم.
في نطاق نشاطاته المتعلّقة في هذا المجال، أجرى إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع مجموعة مكافحة الجرائم المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENA FCCG، إستبياناً يتعلّق بممارسات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مصارف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تمّ إطلاق الإستبيان في مايو 2018، وأغلق بحلول نهاية ديسمبر 2018، وتمّ إرسال إستمارات الإستبيان إلى نحو 300 بنك تعمل فقط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكان معدل الإستجابة إيجابياً بالفعل، حيث إستجاب 128 مصرفاً من الذين شاركوا في المسح، مع الإشارة إلى أنّنا لم نحدّد في هذا الإستبيان إسم المصرف وإسم البلد، ولم نطلب أية معلومات خاصة وذلك بهدف الحصول على إجابة مجرّدة وموضوعية وشفّافة، كما تمّ إعداد الإستبيان وتنظيمه بناء لمراجعة شاملة للمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتمّ إختيار الأسئلة بعناية لتعكس الشواغل الرئيسية للمنظمات الدولية، وصانعي السياسات والجهات الفاعلة في السوق.
ويعتبر هذا الإستبيان (SURVEY) أوّل دراسة شاملة في المنطقة العربية تهدف إلى إلقاء الضوء على وظيفة الإلتزام في بنوك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكيف يمكن لهذه البنوك مكافحة الجريمة المالية، وهذا مهم للغاية لفهم وتقييم مستوى تطوير وظائف الإمتثال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وممارسات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي تعتمدها البنوك العاملة في هذه المنطقة، كما تمثل نتائج هذه الدراسة أساساً للسلطات وصانعي السياسات في المنطقة لتقييم مكافحة هذه الآفة في مصارفهم وإعتماد التدابير الصحيحة إذا لزم الأمر.