تامر يوسف يكتب .. استقرار القطاع المالي أهم أولويات البنوك المركزية أوقات الأزمات
نجح البنك المركزي المصري بخبراته المتراكمة في الحفاظ على هذا الاستقرار
يعد استقرار القطاع المالي أهم أولويات البنوك المركزية في ظل الأزمات الاقتصادية ، خاصة تلك المتعلقة بالأحداث الخارجية التي تؤثر على المؤشرات الاقتصادية المحلية ، حيث يصبح الاستقرار المالي هو الهدف الأساسي في الأزمات حتى تستطيع الدول العبور بسلام من هذه الأزمات.
وعلى المستوى المحلي نجح البنك المركزي المصري بخبراته المتراكمة في الحفاظ على الاستقرار المالي ، بدءاً من الأزمة المالية العالمية 2008، ومرورا بالتغييرات السياسة خلال 2011 و 2013، وصولا إلى أزمة وباء كوفيد 19 ، كما اختبر فى 2022 أزمة الصراع الروسي الأوكراني التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية و ارتفاع مستويات التضخم عالميا ورفع الفوائد في الولايات المتحدة الأمريكية التي أدت إلى هروب الأموال الساخنة و الاستثمارات من الأسواق الناشئة كافة.
نجح البنك المركزي المصري بمجموعة من الإجراءات والحزم فى الحفاظ على استقرار القطاع المالي ، وهو حجر الزاوية للعبور من تداعيات الأزمة الحالية ، والتي أدت إلى وجود شح في العملة الأجنبية كشأن كافة الأسواق الناشئة ، بما يقضي التعامل مع كافة البدائل المتاحة لحل مشكلة نقص التدفقات من العملة الأجنبية.
وفي ظل معطيات الأسواق العالمية تنحصر هذه البدائل فى الاستعانة بدعم المؤسسات الدولية ، ومنها صندوق النقد والبنك الدوليين والمؤسسات الإقليمية الأخرى لتوفير الحد الأدنى من العملة الأجنبية للعبور من الأزمة ، وأيضا لوضع برنامج اقتصادي يهدف إلى ترشيد الاستيراد وإحلال الواردات وزيادة الصادرات السلعية وزيادة واردات السياحة ، مع زيادة دور ومشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد.
ويتماشى ما سبق مع الدعم المقدم من شركاء التنمية من دول الخليج ، سواء فى صورة ودائع لدى البنك المركزي أو استثمارات مباشرة عن طريق استحواذ الصناديق السيادية لدول الخليج على الشركات المساهمة في سوق المال ، ثم تنتقل إلى مستوى آخر وهو بيع أصول الدولة غير المستغلة.
أما المستوى الأخير من البدائل فهو طلب الدول الناشئة إعفاءها أو مد آجال الديون ، وهو مطلب عادل لأن الأسواق الناشئة تأثرت بأزمتين متلاحقتين ، أزمة الوباء ثم الأزمة الروسية الأوكرانية ورفع الفوائد في الولايات المتحدة.
وتجب الإشارة هنا إلى نجاح دور البنك المركزي المصري في الحفاظ على الاستقرار المالي ، ونجاح ودور الحكومة في توفير شبكة حماية للقطاعات الأكثر تأثرا في المجتمع ، وتوفير السلع الأساسية في الأسواق ، و هو ما تحقق خلال 2022 ، على خلاف ما حدث فى بعض الأسواق الناشئة و الأسواق الأوروبية التي تعاني من نقص المعروض من السلع.
تماشيا مع ما سبق ، وافق صندوق النقد الدولي على إتاحة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرا، مع وضع برنامج اقتصادي يهدف إلى السيطرة على عجز الموازنة والعجز التجاري و زيادة إيرادات الدولة من الضرائب بإدخال شراح جديدة لمنظومة الضرائب الإلكترونية ، بما سيؤدى إلى رفع كفاءة التحصيل وزيادة موارد الدولة.
ومع زيادة دور القطاع الخاص ومشاركته فى الاقتصاد ، سيؤدى أيضا لزيادة حصيلة الضرائب وفتح فرص عمل جديدة ، وبالطبع إحلال الواردات للسيطرة على العجز التجاري ، وصولا إلى توفير العملات الصعبة من مستلزمات الإنتاج التي يحتاجها القطاع الصناعي في حالة نجاح خطة إحلال الواردات.
أخيرا إن نجاح ما سبق سيتيح الوقت وسيخلق فرصة كبيرة للعبور من الأزمة ، وصولا إلى وفرة واستقرار أسعار الصرف.
تامر يوسف
خبير مصرفي