محمد عبد العال يكتب عن .. رسائل الطمأنينة والسرور من “رويترز” و”ستاندرد آند بورز”
مصر سوف تعبر الأزمة وسوف تحقق معدل نمو معقول وستحقق مستهدفات التضخم
في خضم الأحداث والأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية الصعبة ، نسعد دائما حينما يصل إلى أسماعنا أخبار سارة عن الاقتصاد المصرى ، لتبث فينا الأمل والثقة بأننا نسير في الطريق الصحيح .
وهنا أتحدث عن تقريرين مهمين ، الأول صادر عن وكالة رويترز ، والثاني عن مؤسسة ستاندرد آند بورز، حيث أفصح تقريرهما عن مؤشرات جيدة ومتفائلة للاقتصاد المصري.
وكان أهم الرسائل فى تقرير رويترز ما أبرزته من أن سعر صرف الجنيه المصري سوف يكون أكثر استقراراً ويتميز بالمرونة صعودا وهبوطا ، وأن معدلات أسعار الفائدة ستأخذ منحنى نزوليا مع اتجاه معدل التضخم للهبوط المتدرج ، اما ستاندرد آند بورز فقد قررت الاستمرار فى إبقاء التصنيف الائتمانى لمصر عند B مع نظرة مستقبلية مستقرة .
حقيقة الأمر أن التقريرين يحملان دلالات جيدة ومتفائلة ، يمكن إيجازها فى النقاط التالية .
أولا : رغم أن الدلالات جيدة وتوحي بمستقبل مستقر ، إلا أننا لا يمكن القطع بأن المستقبل على المدى القصير سوف يكون وردياً تماماً ، لأننا نتطلع أن نخرج من مستوى تقييم B إلى درجات تقيم أفضل فى سلم المخاطر والملاءة المالية الدولية.
ثانياً : أن الاقتصاد المصرى رغم تداعيات الأزمة الحالية لايزال قادراً على الصمود أمام الصدمات الخارجية ، وأن نتائج تلك التقارير والرسائل التي حملتها هى بمثابة شهادة ثقة دولية جديدة داعمة ومؤكدة بأن الاقتصاد المصري قادر على الصمود والاستمرار في التعافي والخروج الآمن من نفق الأزمة التي بدأت روسية أوكرانية وتحولت إلى عالمية ذات تداعيات محلية .
ثالثا : الأهم أن تلك التوقعات تشير وتؤكد أن السياسة النقدية المتبعة حاليا بشقيها سعر الفائدة وسعر الصرف سوف تنجح في ضمان تحقيق سياسة مرنة لسعر الصرف تُمكن من تحقيق سعر صرف توازني عادل وواقعى يساعد على تعامل المتعاملين بثقة وشفافية ويفتح الطريق لزيادة واستدامة توجيه تدفقات النقد الأجنبي من كل المصادر التقليدية الرسمية إلى شرايين الجهاز المصرفي ، وبالتالي تجفيف السوق الموازية وتجنب حدوث اختناقات فى سيولة النقد الأجنبي .
من ناحية أخرى يؤكد أيضا نجاح السياسة النقدية فيما يتعلق بإدارة سعر الفائدة ، التي تبدو أنها ستظل مستمرة مرحلياً سياسة فائقة التقييد والتشدد حتى يتم كبح جماح التضخم والوصول به إلى معدلاته المستهدفة تدريجياً .
رابعاً : أن القرارات النقدية والمالية المدروسة والشجاعة فيما يتعلق بآليات السياسة النقدية والتي يتخذها البنك المركزي المصري أو وزارة المالية عبر الجهاز المصرفي تؤكد إمكانية تحقيق ما توقعته تقارير مؤسسات التصنيف العالمية عن الاقتصاد المصري ، ومن تلك الآليات المتخذة على سبيل المثال وليس الحصر :
– الشهادات ذات أسعار الفائدة فائقة التميز والتي تساعد على تعويض القطاع العائلي عن تآكل دخله الحقيقي بفعل التضخم ، وأيضاً تساعد على خفض كمية وسائل الدفع المتاحة وبالتالي تحجيم جانب الطلب على السلع والخدمات .
– طرح البنك المركزى لصالح المالية سندات لمدة ثلاث سنوات بسعر فائدة عائم يتغير كل ثلاث شهور وفقا لسعر الكوريدور المعلن مع زيادة أو علاوة 4.5% ، ويمثل هذا السند حال تكراره إتاحة أصل استثماري آمن من المخاطر ومتغير السعر وأيضا يوفر درجة عالية من السيولة إذا ما أراد حامله بيعه فى أي وقت فى السوق الثانوي .
– كما تؤكد مبادرة الـ 11% لأغراض الصناعة والزراعة أن السياسة النقدية المتشددة لن تضر القطاعات الاقتصادية في الصناعة والزراعة ، حيث يوجد دائماً دعم غير مباشر عبر المبادرات الحكومية ، وبالتالي ضمان نمو الاقتصاد وزيادة معدلات التشغيل .
– كما أتيحت لبعض الوحدات المصرفية عبر تلك المملوكة للدولة إصدار شهادات بأسعار فائدة مميزة حفاظا على عملائها وسعيا لتحقيق التوازن بين هيكل توزيع قاعدة الودائع وأسعارها بين وحدات الجهاز المصرفي .
– بداية الترويج لبناء سوق المشتقات المالية فى مصر ، وهو ما سوف يساعد على تغطية مخاطر تقلبات أسعار الصرف وتبادل السيولة بالنقد الأجنبي .
– بداية عودة تدفق الاستثمار الأجنبي غيرالمباشر ودخول ما يقرب من 950 مليون دولار في منتصف يناير الحالي .
الخلاصة :
إن مصر وفقا للسياسات النقدية والمالية الحالية ، ومع توالي شرائح قرض الصندوق الجديد وتنفيذ بعض الطروحات وانتعاش وتعافي السياحة ، فإن مصر سوف تعبر الأزمة وسوف تحقق معدل نمو معقول وستحقق مستهدفات التضخم ، والأهم الحفاظ على قوة الدفع الإنتاجية ومعدل التشغيل وتجنب أي مظهر من مظاهر الركود .
محمد عبد العال
خبير مصرفي