“النقد العربي”:4.1 تريليون دولار حجم أصول القطاع المصرفي بدول المنطقة بنهاية 2022
الصندوق يصدر التقرير السنوي حول الاستقرار المالي في الدول العربية لعام 2023
أصدر صندوق النقد العربي التقرير السادس حول الإستقرار المالي في الدول العربية، الذي تم إعداده بالتعاون والتنسيق بين صندوق النقد العربي وفريق عمل الإستقرار المالي في الدول العربية، المنبثق عن مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.
أكد التقرير على أهمية مواصلة المصارف المركزية العربية تقييم المخاطر النظامية ودراسة الإرتباطات المحتملة المباشرة وغير المباشرة بين التطورات العالمية الراهنة والإستقرار المالي.
كشف التقرير عن أبرز المؤشرات المالية المتعلقة بالقطاع المصرفي العربي ، الذي يبلغ حجم موجوداته في نهاية عام 2022 حوالي 4.1 تريليون دولار، بما يمثل 126% من الناتج المحلي الإجمالي لمجموع الدول العربية.
أشار إلى إرتفاع حجم الموجودات والتسهيلات الإئتمانية والودائع لدى القطاع المصرفي العربي في نهاية عام 2022 بمعدل 2.8% و7.7% و1.3% على التوالي، الأمر الذي يعكس ثقة العملاء والسوق في القطاع المصرفي، وكفاءة سياسات البنوك في تعبئة المزيد من المدخرات، وإعتماد البنوك على أعمالها الرئيسة المتمثلة بالوساطة المالية، ونجاح إستراتيجيات أو برامج الشمول المالي التي تبنتها السلطات الرقابية، والأثر الإيجابي للخدمات المالية التي تعتمد على التقنيات المالية بما يُعزز من فرص الوصول إلى الخدمات المالية.
أما فيما يخص مؤشرات المتانة المالية لدى القطاع المصرفي في الدول العربية، فقد أظهر التقرير تميّز القطاع المصرفي العربي بملاءة مالية مرتفعة، إذ وصل متوسط نسبة كفاية رأس المال للقطاع المصرفي العربي إلى نحو 17.4% في نهاية عام 2022، وهي نسبة أعلى من تلك المستهدفة دولياً حسب معيار بازل Ⅲ البالغة 10.5%، الأمر الذي يُشير إلى تمتع القطاع المصرفي العربي بملاءة عالية بما يعزز من قدرته على استيعاب أية خسائر محتملة.
كما تجدر الإشارة إلى أن القطاع المصرفي العربي حقق مستويات جيدة من نسبة رأس المال الأساسي إلى الموجودات المرجحة بالمخاطر (رأس المال الأعلى جودة)، إذ بلغ 16.0% في نهاية عام 2022، بما قد يعكس تحفظ القطاع المصرفي وتحوطه لمواجهة أي صدمات غير متوقعة من خلال بناء هوامش رأسمال إضافية من الأصول عالية الجودة.
إضافةً لذلك، إتبعت المصارف المركزية نهجاً تحفظياً بخصوص متطلبات بازل III المتعلقة بكفاية رأس المال، من خلال إصدار تعليمات ومتطلبات رقابية تتضمن إلزام البنوك التجارية بالإحتفاظ بنسب أعلى من تلك المقررة في متطلبات بازل III، الأمر الذي عزز قاعدة رأسمال البنوك ودعم متانتها وقدرتها على مواجهة المخاطر.
أما بالنسبة لجودة الأصول، فقد نجح القطاع المصرفي في الدول العربية في تخفيض متوسط نسبة التسهيلات غير العاملة إلى التسهيلات الإئتمانية للعام الثاني على التوالي، وذلك بعد أن إرتفعت النسبة بفعل جائحة كورونا خلال عام 2020، إذ بلغ متوسط النسبة حوالي 8.0% في نهاية عام 2022، مقابل 8.2% في نهاية عام 2021 وذلك بالرغم من التحديات والمخاطر المتمثلة في إرتفاع أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية لإحتواء الضغوط التضخمية، والتي قد تنعكس على أسعار الفائدة السوقية وكلف الإقراض، وبالتالي زيادة الكلف والأعباء على عملاء البنوك، لكن يُمكن القول أن تحفظ القطاع المصرفي وفعالية إدارة المخاطر لديه وتعزيز التمويل المسؤول ساهم بشكل عام في الحد من مخاطر الإئتمان، إضافةً للدور الهام الذي تلعبه مكاتب وشركات الإستعلام الإئتماني في ترشيد قرارات الإئتمان وتسعيره بناءً على مخاطر العملاء.
في نفس السياق، حافظت نسبة تغطية مخصصات القروض إلى إجمالي القروض غير المنتظمة على مستوياتها الجيدة في نهاية عام 2022، بالرغم من التحديات التي فرضتها أزمة جائحة كورونا، حيث بلغ متوسط النسبة حوالي 90.2% في نهاية عام 2022 مقابل 95.7% في نهاية عام 2021، علماً أن نسبة التغطية بقيت أعلى من المستويات المحققة قبل عام 2021، وبدأت العديد من الدول العربية منذ عام 2018 بتطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية رقم 9 (IFRS9)، بموجب هذا المعيار، يتم بناء مخصصات إضافية بشكل تحوطي منذ اليوم الأول لمنح الإئتمان، الأمر الذي يُعزز من قدرة البنوك على مواجهة مخاطر الإئتمان، بالتالي تعزيز الاستقرار المالي.
جدير بالذكر، أن تطبيق المعيار المذكور سيؤدي إلى تعزيز متانة وملاءة البنوك والتحوط للصدمات المحتملة ، فالمخصصات الإضافية التي قد تنتج عن تطبيق المعيار (خاصة في بداية التطبيق) تزيد من قدرة البنوك على مواجهة المخاطر وتمثل حماية إضافية لرأس المال، حيث يعزز هذا المعيار من تحوط البنوك للمخاطر من خلال بناء مخصصات تأخذ بالإعتبار البعد التنبؤي للخسائر (بما يشمل البعد الاقتصادي) منذ اليوم الأول لمنح الإئتمان، هذا بدوره يمثل هامش تحوط إضافي يقلل العبء على رأس المال ويعزز من ملاءة البنوك.
أما عن أداء القطاع المصرفي في الدول العربية، فقد حافظ القطاع المصرفي في الدول العربية على تحقيق معدلات عائد جيدة خلال عام 2022، إذ بلغ متوسط العائد على الموجودات حوالي 1.35% في نهاية عام 2022 مقابل 1.24% في نهاية عام 2021. في المقابل، بلغ معدل العائد على حقوق الملكية 12.40% في نهاية عام 2022 مقابل 11.79% في نهاية عام 2021، مما يعكس الأداء الجيد للبنوك وكفاءتها في توظيف موجوداتها، وفاعليتها في إدارة رأسمالها وقدرتها على مواجهة الخسائر التي من الممكن أن تتعرض لها مستقبلاً.
وفيما يخص مؤشرات السيولة، تُعتبر نسبة الأصول السائلة إلى إجمالي الأصول من أهم النسب التي تقيس قدرة البنوك على الوفاء بالتزاماتها بالإعتماد على أصول عالية الجودة وقابلة للتسييل بشكل أسرع من الأصول الأخرى، وقد حافظت هذه النسبة لدى القطاع المصرفي العربي على مستويات جيدة، حيث بلغت حوالي 35.3% في نهاية عام 2022، مقابل 34.9% في نهاية عام 2021.
تجدر الإشارة إلى أن عدد من الدول العربية بدأت خلال الأعوام الماضية في تطبيق معيار نسبة تغطية السيولة ومعيار نسبة صافي التمويل المستقر اللذان يعززان من قدرة القطاع المصرفي على إدارة سيولته، حيث تقيس نسبة تغطية السيولة قدرة البنوك على الوفاء بالتزاماتها قصيرة الأجل، أما معيار نسبة صافي التمويل المستقر فيهدف إلى التأكد والتحقق من أن التمويل المستقر المتاح لدى البنك يكفي لمواجهة ومقابلة التمويل المستقر المطلوب.
أما بالنسبة للكفاءة التشغيلية للبنوك، فيُعتبر صافي هامش الفائدة من أهم العوامل التي تقيس الكفاءة التشغيلية، من خلال اعتمادها على تحقيق إيرادات من أعمالها الرئيسة المتمثلة بدورها كوسيط بين المدخرين والمستثمرين، وقد تحسنت نسبة صافي هامش الفائدة إلى إجمالي الدخل في نهاية عام 2022 لتبلغ في المتوسط 68.0% مقابل 67.7% في نهاية عام 2021.
وخلص التقرير إلى أن القطاع المصرفي العربي بالرغم من التحديات والمخاطر، كان مستقراً وقادراً بشكل عام على تحمل الصدمات، ذلك في ضوء ما حققه القطاع من مستويات جيدة من رأس المال وجودة الأصول والربحية والسيولة والكفاءة التشغيلية، وهو ما يعكس جهود المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.