محمد عبد العال يكتب.. الإحتياطى النقدي تخفيض أم إستخدام؟

لا تقل إن إحتياطى النقد الأجنبى لدى البنك المركزي المصري إنخفض بمقدار 5.4 مليار دولار وصولاً الى 40 مليار دولار فقط ، بل قُل إنه تم إستخدام 5.4 مليار دولار من الإحتياطى النقدي لِمَ خُصص من أجله.


هذا الإحتياطى من النقد الأجنبى تبنيه الدول وتحفظه ليكون سنداً لها وقت الحاجة ، هذا الإحتياطى هو كاحتياطى مياه النيل خلف السد العالى، يستخدم فى حالات الجفاف ، ومثل إحتياطى مخزون القمح المحتفظ بة فى صوامع الغلال ، لحين الإستخدام الضروري.

وهكذا الإحتياطى النقدي تقتطعه الدولة من فوائض مصادر النقد الأجنبى التقليدية وغير التقليدية ، وتودعه فى خزينتها لدى البنك المركزي، الذى يتولى خبراؤه، المؤهلين أكاديميا وعملياً ، الإشراف على إدارته واستثماره.

رصيد هذا الإحتياطى الاستراتيجي بكون حاضرا تحت الإستخدام عند الحاجة الضرورية.


وتقيس الدول الحجم المناسب لاحتياطيها بمقياس عالمي مشهور، هو مدى كفاية الإحتياطى فى تغطية إحتياجات الدولة الإسترادية لمدة متوسطها لا يقل عن ثلاث أشهر.

منذ بداية الإصلاح الإقتصادى والنقدى وتحرير سعر الصرف اتجه البنك المركزي ، لبناء وتنمية إحتياطى من النقد الأجنبي، والمحافظة على معدل نموه تدريجياً وصولا الى ما يزيد عن 45 مليار دولار ، وهو ما يكفى لسداد كل إحتياجات مصر الإستيرادية وكل الإلتزامات الدولية لمدة لا تقل عن تسعة أشهر.


لقد ساعد ذلك على تحسن الصورة الذهنية والملاءة المالية لمصر ، وساعد على تدفق الإستثمار الأجنبى غير المباشر ودعم استقرار سعر الصرف.

وفجأة وإذا بالعالم كله، ونحن فى القلب منه، يواجه أزمة إقتصادية دولية تحت تأثير فيروس كورونا المستجد ، وهو الأمر الذى دعى البنك المركزي المصري للتدخل بتطبيق والإعلان عن سياسات وإجراءات ومبادرات تحفيزية لدعم أنشطة الإقتصاد القومي، وتوفير الحزم التمويلية، وضمان إحتياجات السيولة المحلية وشرائح النقد الأجنبىي اللازمة لتمويل خطة الطوارئ لمواجهة الأزمة الإقتصادية، وسداد كل الإلتزامات الدولية فى موعدها دون أي تأخير.


من هنا تولدت الحاجة الضرورية لاستخدام الإحتياطى ، ومازال أمام البنك المركزي ما يغطى الإحتياجات لمدد طويلة أخرى تصل الى ثماني أشهر.


على الجانب الآخر، وقولا واحدًا ، هذا القرار وهذا التصرف من قبل البنك المركزي يعزز ويدعم إستقرار سعر الصرف ، لان ذلك يعنى أن البنك المركزي أثبت بتصرفه هذا أمام العالم كله أنه قادر على التدخل لامتصاص أى صدمات عرض وطلب قد تؤثر على سعر الصرف.


إن قوة العملة المصرية ورغم كورونا المستجد سوف نراها قريبا تعود لتنافس كل عملات الدول الناشئة.

محمد عبد العال – خبير مصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى